كيف سنخرج من سوريا؟!
موقع زمان التركي ـ
عبد الحميد بيليجي:
تريد الحكومة التركية والإعلام الموالي لها التدخل عسكريا في سوريا لكن الجيش غير راغب في ذلك. فالحكومة تسعى للتدخل دون تفريق بين الأعداء سواء كان الأسد أو داعش أو الاتحاد الديمقراطي الكردي. لكن السؤال الذي يجب التوقف أمامه لمناقشته وتقديم إجابة له لا يتعلق بدخول سوريا أو عدم دخولها، بل كيف لنا أن نخرج منها؟
تدخلنا بشكل أكثر من اللازم في سوريا منذ 4 سنوات. كما أن سوريا أيضا أصبحت متدخلة في بلدنا خلال هذه المدة بعد أن دخلناها بأحلام المسؤولين في إقامة صلاة الجمعة في الجامع الأموي وما شابهها.
ولم تعد الحدود الممتدة لمسافة 910 كيلومترات تعني شيئا. إذ يتم دخول وخروج كل ما يخطر بالبال كالإرهابيين والمهربين والسلاح والمازوت. فمرتكبو الجرائم يهربون من هنا إلى هناك ومن هناك إلى هنا، وبذلك يفلتون من قبضة العدالة.
وبحسب إحصائيات إدارة الكوارث الطبيعية والأزمات في تركيا فإن عدد السوريين اللاجئين إلى تركيا أصبح 1.7 مليون، 250 ألفا منهم يسكنون 25 من المخيمات المنتشرة في 11 محافظة. والبقية منتشرون في مختلف المحافظات التركية. وقد يكون عددهم الحقيقي أكثر من مليونين. وليس هناك إحصائيات جادة حولهم. وإن العثور على بطاقة لاجئ صادرة عن مخيم سليمان شاه في شانلي أورفا مع عنصر من عناصر داعش التي قصفت كوباني أو ذهاب أحد عناصر التنظيم الإرهابي إلى صحيفة” بيرجون” ليتحدث عن كيفية قطعه للرؤوس وهو يتجول بحرية في تركيا من الحالات المؤسفة التي مررنا بها.
ويرى بولنت أرينتش نائب رئيس الوزراء التركي أن نحو 1000 شخص انضموا إلى داعش من تركيا. كما أن المنضمين إلى الاتحاد الديمقراطي الكردي أيضا كثيرون. ومن ذا الذي يدري كم من الخلايا المخابراتية لنظام الأسد منتشرة في تركيا. وبالتالي لا يعلم كيف سيكون الرد على تركيا في عقر دارها في حال دخولها في صراع مع أحد هذه الأطراف في سوريا.
تمكن أحد عناصر داعش من تفجير قنبلة في مظاهرة للشعوب الديمقراطي على الرغم من أنه كان مراقَبا من قبل الشرطة. كما أن عدم تمكن المخابرات من الحيلولة دون تفجير الريحانية رغم مراقبتها للمشتبه بهم. في حين أن البيانات الصادمة للمدعين العموم حول التحقيق في هذا الموضوع تثبت إلى أي مدى وصل كل من البلدين في تدخله في شؤون الآخر؟
كلف استقبال تركيا للاجئين السوريين حتى الآن 5.2 مليار دولار. في حين أن المساعدات الدولية لم تتجاوز 300 مليون دولار. وقد نجمت عن ذلك مخاطر أمنية بالإضافة إلى خسارة التجارة مع سوريا وانقطاع الطريق التجاري عبر سوريا إلى الدول العربية، أي إن الأزمة السورية تحولت إلى أزمة تركية منذ وقت طويل.
لم تتدخل تركيا عسكريا في سوريا إلا في عملية نقل ضريح سليمان شاه، لكن إسقاط النظام السوري لطائرة تركية في البحر المتوسط لغز لم يكشف النقاب عنه حتى الآن. والدعوى القضائية التي رفعتها عائلتا الطيارَين لم تأت بنتيجة حتى الآن. وقصف المناطق الحدودية بات أمرا روتينيا في وقت من الأوقات. كما أن فصائل المعارضة اتخذت من تركيا قاعدة لها. وكثير من العناصر والأسلحة التي أرسلت للمعارضة أرسلت عن طريق تركيا. وتتم الآن دراسة مشروع تدريب قوات المعارضة في تركيا.
كما نشرت مجلة” فوكس” الألمانية نص المشاورات التي جرت في وزارة الخارجية حول سوريا وفيها يقول من يزعَم أنه رئيس المخابرات خاقان فيدان: “بإمكاني أن أرسل 4 عناصر إلى سوريا ليطلقوا 8 صواريخ على مناطق خالية في تركيا لنتخذ من ذلك ذريعة للدخول في سوريا” ويضيف: “أرسلنا نحو ألفي شاحنة محملة”.
وباختصار فإن سياسة الثنائي أردوغان وداوداوغلو تشير إلى مدى التدخل في الشأن السوري، والنتيجة معروفة. ويجب البحث عن حل للخروج من هذا المستنقع من خلال المساءلة عن الأخطاء في ضوء نتائج انتخابات 7 يونيو الماضي. وكان الرئيس السابق عبد الله جول في آخر تصريح له قد نبه إلى ضرورة إعادة النظر في سياسة تركيا تجاه سوريا ومصر وليبيا والشرق الأوسط عموما.
ويجب على كل العقلاء المحبين لوطنهم أن يتكاتفوا للكف عن التدخل في شؤون سوريا بدلا عن التدخل فيها، وذلك من أجل حماية المصالح الحيوية لبلدنا.