كيان قومي متشدد يلوح في الشمال السوري وقسد أمام تحديات العام الجديد
وكالة أنباء آسيا-
عمر قدور:
مع دخول العام الجديد أيامه الأولى، تتجدد المعارك المحدودة في الشمال السوري، بين قوات قسد والجماعات المعارضة المدعومة تركياً من جهة، وبين الجيش السوري ومسلحي المعارضة من جهة أخرى، وسط تكهنات بأن أسباب ذلك التصعيد الميداني هي تطورات سياسية متعلقة بأستانة.
كيان جديد يلوح في الشمال
شهدت محاور جسر الشغور وجبل الزاوية سلسلة من الغارات الجوية التي نفذها الطيران الروسي مستهدفا مواقع تابعة لمسلحي الحزب الإسلامي التركستاني ولكتيبة الإمام البخاري الخاصة بالمقاتلين الأوزبك في جنوبي ادلب.
وبحسب ما قالته مصادر مطلعة لوكالة آسيا نيوز فإن السبب الرئيسي لتلك الغارات كان رصداً لتحركات مشبوهة ومكثفة يقوم بها مقاتلون صينيون وأوزبك، أدت فيما بعد إلى تصاعد وتيرة استهداف مواقع للجيش السوري والجنود الروس.
وأضافت المصادر الخاصة : لقد تم رصد عدد من سيارات الشحن الكبيرة ولوحظ عدد من قطع العتاد والسلاح الثقيل قبل ساعات من حلول موعد رأس السنة و الدخول في العام الجديد.
وختمت المصادر لآسيا بالقول: إن هناك نشاطاً ملحوظاً بين ثلاث ميليشيات بشكل غير مسبوق وهي الحزب الإسلامي التركستاني و كتيبة الإمام البخاري وتنظيم حراس الدين.
تعليقاً على ذلك أشار مصدر وصف نفسه بالمتابع لشؤون الحركات المتشددة بأن وجود تعاون مكثف بين الإسلامي التركستاني و الأوزبك و حراس الدين، يعني وجود خطة مشتركة قد تكون تمهيداً لحركة اندماج بينهم، أو تشكيل حلف ما يضم قومياتهم المشتركة على غرار الجبهات الموحدة التي ضمت عدداً من الفصائل في ريف حلب الشرقي المنضوية ضمن ما يُسمى بالجيش الوطني المدعوم من أنقرة.
ويتابع المصدر لمراسل وكالة آسيا في الشمال : هذه التطورات ليست عابرة أو بسيطة، بل قد تكون إشارة خطر حتى على الجماعات المسلحة الأخرى، كالجيش الوطني، فما يجمع تلك التيارات المتشددة هو ليس العقيدة والفكر السلفي فقط بل القومية أيضاً ما سيجعلها أكثر ترابطاً وتماسكاً وبالتالي ستكون خطراً محتملاً من خلال خلق كيان جديد يكون منافساً قوياً وشرساً للجميع.
ما وراء التصعيد الروسي في ادلب
أثارت الغارات الروسية المكثفة خلال اليومين الماضيين على مواقع تنظيم تحرير الشام وبعض التنظيمات المتشددة الأخرى التي ينتمي لها مقاتلون شيشان و أوزبك، الكثير من التساؤلات والمخاوف، لا سيما بعد انعقاد مؤتمر أستانة، الذي اعتبرته بعض المصادر المتابعة بأنه كان ضبابياً وغير واضح.
حيث رأت مصادر آسيا نيوز بأن عدم الخروج ببيان يشبع تساؤلات المهتمين، والاكتفاء بالتطرق لشرق الفرات والحرص على إخفاء ما جرى، قد يشير إلى وجود خلاف روسي ـ تركي، بدأنا نرى ترجمته حالياً على الأرض.
بينما أكدت أوساط محسوبة على ما يُسمى بالجيش الوطني المقرب من تركيا لمراسل آسيا بأن الخلاف الروسي ـ التركي ليس بجديد، ولكنه متجدد، مضيفةً بأن موسكو تشعر أن هناك محاولات أمريكية للتوافق مع انقرة بشأن مخاوف تركيا من الأكراد، وإعطاء ضوء أخضر للقيام بعمليات قصف محددة، تمهيداً لخلق بيئة مواتية لمفاوضات كردية ـ تركية تتمثل بهدنة وتقديم ضمانات لتركيا وفق قولها.
في حين رأت مصادر عسكرية محسوبة على الجيش الوطني بأن صفقة الطائرات المسيرة بين تركيا وأوكرانيا، أغضب موسكو بشكل كبير، ما دفع الأخيرة للضغط على أنقرة وإحراجها عبر تكثيف غاراتها على جماعات المعارضة المنتشرة في كامل الشمال السوري.
قسد والتحديات المتجددة
ليس حال تنظيم قسد أفضل من حال الجماعات المعارضة المتواجدة في ادلب أو ريف حلب، إذ لوحظ تزايد الهجمات التي تستهدف مواقعاً للتنظيم الكردي ، واللافت هذه المرة هو التركيز على الحقول النفطية، مع ترويج تنظيم داعش لاستهدافه لها مما قد يشير إلى إمكانية وقوع حوادث مماثلة في المستقبل القريب وهو ما يشكل تحدياً جديداً لموارد التنظيم الكردي.
كما أن ظاهرة الانشقاقات من قسد ونقل البندقية من كتف إلى كتف عبر عدد من العناصر والقياديين، تسببت بانتشار مخاوف أمنية كبيرة لدى قيادة هذا التنظيم، أدت إلى تكثيف الإجراءات الأمنية الوقائية داخل قسد، إضافةً لتوزيع تعاميم تحذر من مغبة التعاون مع أي جهات خارجية كما سمتها قيادة قسد وتقصد بها الحكومة السورية والجماعات المعارضة المدعومة تركياً في ذات الوقت، وذلك وفقاً لما قالته مصادر عليمة من دير الزور لوكالة آسيا نيوز.
يأتي ذلك بالتزامن مع اندلاع معارك بين قوات قسد وعناصر موالية للقوات التركية في قرية صكيرو بريف الحسكة فيما تحدثت المصادر المحلية من هناك عن سقوط ضحايا مدنيين ونزوح مئات الأشخاص جراء قصف تركي على المنطقة.
وفي قراءة المشهد الكردي شرق سورية، رأى مصدر موالي لقسد بأن التحديات التي تواجه التنظيم باتت أكبر من ذي قبل فهي تبدأ من عمليات الاستنزاف التي تستهدف مواقع حيوية لقسد ولا تنتهي بالمعارك العسكرية مع الجماعات المسلحة وانقرة فضلاً عن قتال قسد من أجل انتزاع خصوصية إدارة ذاتية عرقية وثقافية في مسلسل التفاوض مع دمشق، والتي ستتبلور وتتبين بشكل أكبر سلباً أو إيجاباً خلال العام الجديد وفق تعبيره.