كلنا شهداء، وكلكم شركاء
موقع إنباء الإخباري ـ
حسن ديب:
هو لبنان، وكم هو جميل أن يصل الحال في لبنان إلى قمة الوضوح والشفافية، فنخرج عن المجاملات السياسية والخطابات الرنانة الغبية التي لطالما حاولت أن تخفي بين سطورها معالم الموت السريري الذي ضرب لبنان منذ مدة أقل ما يقال عنها بأنها ليست بالقصيرة…
هو لبنان ، إختلف فيه الساسة على كل صغيرة وكبيرة إلا في ما يختص بمساحة ال 10452كلم2 والتي تُعتبر لدى معظم أصحاب الحس الوطني ( ذي الحجم العائلي ) مساحة مقدسة لا تقل شأناً عن كل ما هو مقدس في هذه الدنيا، علماً أن أصحاب الحس الوطني المزعوم لم يحصل لهم شرف التعرف على بداية هذه المساحة أو نهايتها، لدرجة أن أحدهم (وما أكثر الأحدهم) لا زال يعتقد بأن مساحة الوطن هي على امتداد ما تقع عليه يده من أملاك عامة يضمها إلى أملاكه الخاصة التي هي بالأصل أملاك عامة.
هو لبنان، الذي كان قدره أن يحمل في جعبته حقاً كليّاً مطلقاً وباطلاً كليّاً مطلقاً، ولطالما حاولت دهاليز السياسة أن تخفي معالم الحق وتزين وجه الباطل، إلا أن الباطل كان زهوقاً، فانكشفت كل خفايا اللعبة السياسية، ولم يعد بمقدور أحد أن يخفي ما بين السطور، وابتدأت مرحلة جديدة من مراحل الصراع اللبناني وعنوانها: كلنا شهداء، وكلكم شركاء…
نعم كلنا شهداء، هذا هو شعارنا وهذه هي مدرستنا وهذا هو النهج الإيماني العقائدي الذي اتخذنا منه طريقاً في رحلتنا نحو بناء الوطن الذي به نحلم، كل الوطن، وليس الوطن الذي فصّلتموه على قياس مصالحكم العفنة التي لا تشبه إلا أحلامكم العفنة.
نعم كلنا شهداء، وما شهادتنا إلا امتداد لتاريخ جهادي نضالي طويل ولد منذ ألف وثلاثمائة عام ولا زال مستمراً، وكلّما تقدم بنا الزمن إزددنا إصراراً على التمسك بهذا النهج الجهادي فنحن قوم كلما وصلنا إلى قمة لاحت لنا قمم أخرى …
نعم كلنا شهداء، وكم هي جميلة تلك الشهادة، كم هي جميلة تلك اللحظة التي تكون فيها خاتمتك بأن تقدم نفسك قرباناً للأرض وللوطن، وما أروعها من لحظة تلك التي نزرع فيها أجسادنا في أرض الوطن لترتفع أرواحنا وتسكن في السماء فوق حدود المجد…
نعم كلنا شهداء، هذا هو خيارنا الذي اتخذناه وما بدلنا تبديلاً، نحن هكذا نحن أهل المقاومة، لدينا قلوب الأسود وحلم الأنبياء وخشوع الملائكة…
نعم كلنا شهداء وكلكم شركاء…
فهذا هو لبنان، مقاومة وعدو، فكنا المقاومة وكنتم العدو، كنا الكرامة وكنتم الخيانة، كنا الوفاء وكنتم الغدر…
هذا هو الواقع الذي لن يعود الى الوراء، هكذا هو حالنا معكم، كلنا شهداء ونفخر بشهادتنا، وكلكم شركاء في المؤامرة ضدنا .
نعم، كلكم شركاء…
اجتمعتم علينا بكل ما أوتيتم به من صهيونية سياسية وإعلامية ومالية لا هدف لها إلا النيل من المقاومة وأهلها، فكنتم شركاء في الجريمة اليهودية التي تسعى لتدمير أمتنا. تشاركتم المهمة وقمتم بتوزيع الأدوار في ما بينكم بالتساوي، ساسة متخاذلون احترفوا استضافة اليهود على كوب شاي هنا وعلى تقديم معلومات أمنية هناك، وإعلاميون مرتزقة جيّروا أقلامهم لخدمة الصهيونية أينما وجدت فكنتم على قدر المسؤولية التي أوكلها بني صهيون لكم…
نعم كلكم شركاء، وقد أبدعتم في هذه الشراكة، (كلمة حق تقال)، قد أبدعتم حقاً في تقاسم الأدوار فكنتم خير مثال لعميل يخدم سيده بكل أمانة وصدق، حتى أنكم تخطيتم مبدأ التعامل المتعارف عليه، وانتقلتم إلى نظرية التعامل المجاني الذي لا ينتظر أي مقابل مادي لقاء الخدمات التي يقدمها من أجل تدمير الوطن، وقد أبدعتم حقاً في التنسيق في ما بينكم، وكأنها لوحة تخاذلية لا مثيل لها، كاملة الملامح واضحة المعالم تبدأ من طقم سياسي اتسخت يداه في جرائم الحرب اليهودية منذ الإجتياح الإسرائيلي الأول مروراً بمجزرة صبرا وشاتيلا وإجتياح تموز وصولاً إلى يومنا هذا، وتنتهي عند إعلام متصهين لا هم له سوى ضرب المقاومة إعلامياً في كل زمان ومكان (لم أقل أن هذا الطقم الإعلامي تتزعمه مي شدياق جعجع، وآمر السجون القواتية السابق مرسيل غانم).
كلكم شركاء، وكلكم اتسخت أيديكم في الجريمة التي تستهدف قيام الوطن.
نعم، كلكم شركاء في السعي لإعاقة قيام لبنان من خلال حكومة وحدة وطنية جامعة لكل الأقطاب السياسية، أنتم يا من تلعبون على وتر التمديد لرئيس الجمهورية لحثه على تشكيل حكومة أمر واقع بصناعة مرخانية (سعودية) يتألف بيانها الوزاري من بند واحد ألا وهو بند القضاء على المقاومة…
كلكم شركاء في جريمة تدمير لبنان، وتهجير العقول اللبنانية إلى الخارج لتفريغه من النخبة الفكرية التي تصنع لبنان الجديد …
نعم، هكذا هو حال لبنان حيث لا مجال للمجاملة السياسية على حساب الوطن والمواطن .
هذا هو حال لبنان وهذه هي صورته التي ستشكل المرحلة الجديدة في بناء لبنان المؤسسات، الصورة التي رُسمت بدمائنا فكنا كلنا شهداء، والتي رُسمت بعمالتكم فكنتم كلكم شركاء.
هذا هو لبنان الذي نستشهد لأجله وتتعاملون لإحراقه، وهيهات هيهات أن تصلوا لهدفكم المنشود ما دامت فينا روح المقاومة، وما دام شعارنا أن الموت من أجل حياة الوطن هو أسمى آيات الحياة.
هذا هو لبنان، وهذا ما نحن عليه وما أنتم عليه….
كلنا شهداء، وكلكم شركاء…