كثيرون الذين نصحوا “المستقبل” تخفيفاً للشماتة ولم يقتنع
موقع النشرة الإخباري ـ
مارون ناصيف:
منذ أن كلف تمام سلام تشكيل الحكومة، رفع تيار “المستقبل” سقف شروطه للمشاركة في الحكومة المقبلة الى أقصى الحدود على إعتبار أنه المنتصر الأول من إستقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وراح نواب التيار الأزرق ووزراؤه يقولون عبر وسائل الإعلام تارةً إنه “من سابع المستحيلات الجلوس الى طاولة وزارية واحدة مع حزب الله الإرهابي”، وطوراً “إن حزب الله الذي تفرّد بالقرار وراح يقاتل في سوريا لا يحق له أن يشارك في حكومة قد يهيمن على قرارها في أي لحظة وهذا أمر مرفوض”.
وعلى رغم ذهاب مجموعات تابعة لتيار “المستقبل” للمشاركة في القتال السوري ايضاً، بقي هذا الفريق مصراً على إستعمال هذه الورقة سلاحاً لاستبعاد خصمه عن الحكومة السلامية. وفي كل هذه المراحل، كانت تنهال على قيادة التيار النصائح القائلة بضرورة التخفيف من شروطه هذه لأنه سيأتي يوم بالتأكيد يوافق فيه على إعطاء “حزب الله” حصة في الحكومة، على قاعدة عدم تغييب مكون أساسي عن تركيبة السلطة التنفيذية.
المطلعون على هذا الملف يكشفون أن أكثر من نصح تيار “المستقبل” على هذا الصعيد هو رئيس جبهة “النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط، الذي وعلى رغم إختلاف موقفه عن موقف “حزب الله” حيال الأحداث في سوريا، كان يؤمن تماماً بضرورة مشاركته في الحكومة لذلك كان يوجه النصيحة تلو الأخرى لتيار “المستقبل” من دون أن تلقى هذه النصائح آذاناً صاغية. وفي المعلومات المتوافرة، لم يوفر الزعيم الدرزي مناسبة إلا ونصح فيها حليفه السابق، أكان عبر اللقاءات الحزبية التي كانت وما تزال تعقد مع قيادة التيار حتى في عز الأزمات بين الفريقين، او بطريقة غير مباشرة عبر الوسيط السعودي وتحديداً من خلال الزيارات التي قام بها الوزير وائل أبو فاعور برفقة تيمور جنبلاط الى المملكة العربية السعودية بين الحين والآخر. و”للمفارقة” يقول المطلعون، “إقتنعت المملكة ولم يقتنع تيار المستقبل بهذه النصائح”.
ايضاً من بين الذين قدموا نصائح على هذا الصعيد لقيادة التيار الأزرق، كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي على رغم خلافه السياسي مع هذا الفريق، لم يقطع خطوط التواصل معه. وبحسب أوساط متابعة كان بري يشدد دائماً في نصائحه على ضرورة أخذ الأحداث السورية وانعكاساتها على اللعبة الداخلية في لبنان بعين الإعتبار، إذ أن أي مقاربة حكومية في هذه المرحلة يجب أن تنطلق من خارج الحدود لا من داخلها حيث المؤسسات مشلولة بين التمديد والتجديد. كل ذلك وبقي تيار “المستقبل” يرفع سقف شروطه من دون أن يخفف حملاته الحكومية على الحزب.
رئيس الجمهورية ميشال سليمان دخل على خط النصائح هذا ايضاً وتفيد المعلومات بأنه طرح أكثر من مرة على زائريه من التيار الأزرق السؤال التالي: “ماذا لو فرضت عليكم الظروف التراجع عن شروطكم هذه وجلستم الى طاولة حكومية واحدة مع الإخوان في حزب الله، فكيف ستبررون هذا التراجع عندها أمام الجمهور والرأي العام؟”
كل هذه النصائح، أضف اليها تلك التي قدمت من الأفرقاء الذين يصنفهم التيار الأزرق في خانة الخصوم، لم تلق من يأخذها على محمل الجد داخل التيار سوى مجموعة صغيرة من النواب والقياديين، لطالما عبّرت عن رأيها بصوت خافت في هذا المجال خوفاً من إتهامها بالتساهل مع “حزب الله” وإقصائها من مواقعها فيما بعد. هذه المجموعة نفسها وقفت اليوم لتقول لقيادة التيار، بعدما اصبحت مشاركة “حزب الله” في الحكومة مقبولة بالنسبة الى الأخيرة، “ليتكم سمعتم منا طيلة هذا الفترة وجنبتمونا الكثير من الشماتة”.