قصة «الجهادي جون» و5 برتغاليين
صحيفة الأخبار اللبنانية:
لا يكتمل المشهد الـ«داعشي» من دون ممثليه الأساسيين (الجلاد والضحية)، ومن دون «الجنود المجهولين» الذين يحملون الكاميرا، ويعملون على تجهيز عنصر التشويق بكل تفاصيله، بدءاً من تركيز الكاميرا وإعطاء إشارة البداية لتمثيل المشهد، وصولاً إلى إضافة عنصر الترقّب، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
منذ إعدام الرهينة الأميركي، جايمس فولي، (الذي افتتح فصل إعدامات الغربيين في سوريا أو في العراق)، برز اسم «الجهادي جون»، كبطل فيديوهات «داعش» التي تنشر على موقع «يوتيوب» وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. فـ«جون» الذي يهدد ويتوعّد متحدثاً باللغة الإنكليزية المطعّمة باللهجة البريطانية، يؤدي الدور الأساسي في أفلام التنظيم الإرهابي. لكنه ليس وحده، فقد كشف الإعلام الغربي، أخيراً، أن خمسة بريطانيين من أصول برتغالية يقفون وراء توثيق وحشية «داعش»، وهم بالتالي مساعدو «الجهادي» الشهير. وقد انتقل هؤلاء إلى سوريا، ليس للمساهمة في القتل فحسب، بل للإبداع في إنتاج أفلام التنظيم.
قبل أيام، نشرت صحيفة «دايلي ميل» البريطانية، تقريراً يشير إلى أن هؤلاء الخمسة هاجروا من البرتغال متجهين إلى لندن، على دفعات، بهدف العمل والدراسة. جمعت بينهم الهوية الأصلية والسكن في شرق لندن، وشغف بلعبة كرة القدم، تحوّل مع الوقت إلى شغف بالقتل.
منذ إعدام فولي برز اسم «الجهادي جون» كبطل فيديوهات «داعش»
ووفق «دايلي ميل»، فقد تحوّل هؤلاء، خلال سكنهم في شرق لندن، إلى الإسلام «لينتهجوا بعدها الرؤى المتطرفة»، ولينتقلوا إلى سوريا. توضح الصحيفة أنهم «عاشوا في ليتون ووالثامستو، وكانوا دائماً مراقبين عبر رادارات المسؤولين الاستخباريين، الذين يعتقدون أن مجموعتهم تؤدي (حالياً) دوراً أساسياً في إنتاج ونشر أفلام قطع الرؤوس التي يؤدي دور البطولة فيها الجهادي جون».
من أبرز هؤلاء الخمسة، نيرو ساراييفا (28 عاماً)، الذي «يُعتقد أنه ترقى في صفوف مقاتلي داعش ليصبح واحداً من أهمهم». وما يعزّز التكهّن بقربه من «الجهادي جون»، هو أنه «كان ينشر صوراً لأسلحة مشابهة لتلك التي يستخدمها جون في الصور التي تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي».
ساراييفا، (وهو أب لأربعة أطفال وطالب هندسة سابقاً)، كان أول من سافر إلى سوريا من ضمن هذه المجموعة، التي توجهت إلى هناك في صيف 2012، بحسب الصحيفة. كذلك هو «من أهم الداعمين للداعية أبو حمزة، الذي سجن أخيراً في الولايات المتحدة الأميركية، بسبب تهم تتعلق بالإرهاب».
لكن ما كشف عن عمله مع «الجهادي جون»، هو نشره رسالة على موقع «تويتر» تشير إلى معرفته السابقة بمصير الصحافي الأميركي، جيمس فولي، في تموز العام الماضي، وتحديداً قبل 39 يوماً على إعدامه. فقد قال ساراييفا، حينها، في التغريدة: «رسالة إلى أميركا، الدولة الإسلامية تقوم بصنع فيلم جديد. شكراً لكم على الممثلين». وبعدها بنحو شهر، قُطع رأس جايمس فولي ووُثق هذا العمل في فيديو نشر على موقع «يوتيوب» بعنوان «إلى أميركا».
«يعتقد المسؤولون الأمنيون الأوروبيون أن ساراييفا وخليته الآتية من شرق لندن، مسؤولة عن تصوير ونشر مجموعة من الفيديوهات المريضة التي تتمحور حول قطع الرؤوس، بما فيها إعدام الرهينة البريطاني ألان هينينغ وديفيد هاينس»، تضيف «ديلي ميل».
لكن الصحيفة ذاتها تذكر أن «الجهاديين الخمسة» كان لديهم شغف بلعب كرة القدم في صغرهم، وبعد انتقالهم إلى بريطانيا «كانوا يلتقون، في غالب الأوقات، في قهوة برتغالية (في شرق العاصمة البريطانية)، لمشاهدة المباريات».
وتتحدث الصحيفة، نقلاً عن صحيفة «اكسبرسو» البرتغالية، عن أن «هؤلاء الخمسة، رغم أنهم انتقلوا إلى لندن فرادى، إلا أنّ عدداً منهم تقاسم شقة واحدة في ليتون».
ومن هؤلاء الخمسة، فابيو بوكاس، الأصغر سناً (22 عاماً)، الذي انتقل من العاصمة البرتغالية لشبونة، في عام 2012، للتمرّس في لعبة كرة القدم.
ولكنه بدلاً من ذلك، تحوّل إلى الإسلام، فلم يتمكن من الاستفادة من العروض التي قُدّمت إليه، واختفى بكل بساطة، ليظهر بعدها في صورة مستخدمة في بروباغندا لـ«داعش». وأصبح «اللاعب الموهوب»، مع الوقت، فاعلاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث راح ينشر صوراً له حاملاً الأسلحة ومظلَّلاً بأعلام التنظيم الإرهابي.
سيلسو رودريغيز (28 عاماً)، فرد من هذه المجموعة أيضاً، ويُعتقد أنه شارك في دورات تدريبية مع فريق «أرسنال» اللندني، ولكنّه لم يحُز عقداً للانضمام إلى النادي.
ووفق «ديلي ميل»، شوهد هذا الأخير، في نيسان الماضي، في أحد فيديوهات «داعش» الذي صُوّر على إحدى ضفاف نهر الفرات في سوريا، حاملاً سلاح «آي كاي – 47» (كلاشينكوف) في يده. في المشهد المصور، انتقد رودريغيز الغرب وندد بمعلمي المدارس الذين وصفهم بـ«تجار المخدرات والمعتدين على الأطفال».
وتشير الصحيفة إلى أنه يُعتقد أن سيلسو «قد تبع شقيقه الأكبر، إدغار، إلى سوريا في عام 2012»، ذاكرة أن هذا الأخير (31 عاماً)، «يقود فرقة من المقاتلين الأجانب في حلب».
أما العضو الخامس في الفرقة، فهو معروف باسم ساندرو، «كاثوليكي سابق»، وفق الصحيفة، وعمره 26 عاماً، «كان آخر من سافر إلى سوريا (من ضمن المجموعة)»، فيما أفادت التقارير بأنه قتل في تشرين الأول الماضي بغارات التحالف.
كان معروفاً للاستخبارات قبل ذهابه إلى سوريا
تشير التقارير الإعلامية الغربية إلى أنه رغم أنه لم يُكشَف عن هوية «الجهادي جون» بعد، إلا أنه كان شخصاً معروفاً بالنسبة إلى الاستخبارات البريطانية، قبل ذهابه إلى سوريا.
مثلاً، نقلت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية، عن أحد المصادر قوله إن «جون» «كان معروفاً لوكالة الاستخبارات البريطانية (ام آي 5)، على أنه يجمع الأموال في الشوارع من أجل المؤسسات الخيرية العربية»، مضيفة أنه تم تقويمه على أنه يشكل خطراً منخفضاً، قبل سفره إلى سوريا المرجح خلال العام الماضي.
وفيما أشارت مصادر أخرى للصحيفة إلى أن «مهمة إعادته» إلى بريطانيا تعتبر مستحيلة، إلا أنها لفتت إلى أنّ من المرجَّح استهدافه بإحدى غارات التحالف أو بغارة من طائرة من دون طيار، إذا تمكنت الاستخبارات من تحديد مكان وجوده.
ورغم ما نشر في بعض التقارير عن أن «الجهادي جون» قد استُهدف فعلاً، منذ مدة، إلا أن تقارير أخرى تحدثت عن أنّ من المرجح أن يكون هو نفسه من أعدم الرهائن البريطانيين أخيراً.