قراءة في خطوة سحب القوات الامريكية من سوريا
موقع العهد الإخباري ـ
إيهاب شوقي:
لم يكن الاعلان عن سحب القوات الامريكية من سوريا مفاجئا، وقد قال ذلك ترامب شخصيا في احدث تصريحات له، ولهذا الانسحاب شواهد وله دلالات وهناك الكثير مما ينبغي القاء الضوء عليه لتعلقه بتطورات نراها هامة وخطيرة نحاول رصد أهمها في هذا المقال لانها رؤوس مواضيع نرى من الواجب التعمق بها وبذل الجهد في تحليلها وتعقبها.
بداية، ينبغي التفرقة بين سحب قوات تعتبر رمزية بالمنظور العسكري، وبين انسحاب امريكا من الملف السوري، لان سحب قوات رمزية دخلت بعد فترة من تورط امريكي مباشر في رعاية ودعم المؤامرة على سوريا لا ينفي استمرار الدور الامريكي بعد سحبها.
وبالتالي ينبغي وضع ما يلي في الاعتبار:
1ـ تواجد القوات الامريكية لاحق على الدور الامريكي في استهداف سوريا، وسحبها لا يغير من هذا الدور وانما يعني بشكل مباشر تغيير التكتيك او اعطاء الوكالة لقوى ودول اخرى للقيام بالمهمة الاستراتيجية الامريكية.
2ـ ترامب والمشهور بانه تاجر، ليس من النوع المكابر في جبهات يتأكد بها من خسارته، في حين انه عنيد لدرجة الحمق في جبهات يعلم انه رابح منها، وبالتالي فان استمرار ادارة ترامب بالمعطيات الحالية بنفس النسق في سوريا هو خسارة ايقن ترامب حقيقتها وتأكد منها، وبالتالي قامبهذه الخطوة.
3ـ الاعلان المفاجئ ليس له دلالات فيما يبدو اكثر من طريقة ترامب السينمائية والتي يهواها ويعشق الصورة التي تصدر عنه وهي الغموض وعدم توقع ردود الافعال، بينما المعطيات على الارض تشير منذ فترة ان هناك صعوبة كبيرة لاستمرار قوات تقوم بتدريب قوات اخرى وتعقد الملفات فقط، فيما هنا كحلول امريكية اخرى تتجنب بها التعقيدات، وهناك وكلاء اخر.
4ـ استمرار وجود قوات امريكية بالعراق يعني ان الاستراتيجيات الامريكية الرئيسية بقطع التواصل السوري العراقي لا تزال سارية.
كل ذلك لا يعني ان الصمود السوري وبطولات حلفاء سوريا والدعم الروسي، كان لهم الدور الرئيسي في افشال مخطط امريكي كبير، يمكن ان نذكر نبذة عن بعض جوانبه، ذكرها نيكولاس هيراس كجزء من طموح امريكي في سوريا:
في سبتمبر الماضي، كتب نيكولاس هيراس من مركز الأمن الأمريكي الجديد، انه اذا تعاونت تركيا والولايات المتحدة للسيطرة على الخط في إدلب ، فقد يكون ذلك بداية لتنسيق أكبر بين الحلفاء في الناتو.
ويمكن أن تحاول الولايات المتحدة بعد ذلك البحث عن فرص طويلة الأجل لإقامة جسور اجتماعية واقتصادية وأمنية بين منطقة سيطرتها في شمال وشرق سوريا مع المنطقة التركية في شمال وغرب سوريا ، ويمكن أن تنشئ وحدة كبيرة من الولايات المتحدة وتركيا. منطقة خارجة عن سيطرة الحكومة السورية وروسيا وإيران. يمكن أن تستخدم المنطقة بعد ذلك لتطبيق ضغوط طويلة المدى على روسيا للعمل من خلال عملية جنيف للتوصل إلى اتفاق حول كيفية انتقال السلطة من الأسد ، والضغط على إيران ووكلائها للانسحاب ، وبالتالي تحديد الشروط للولايات المتحدة. لسحب قواتها من سوريا. لكن حتى إذا ثبت أن كل هذا صعب للغاية ، فإن التعاون الأمريكي التركي بحد أدنى أمر حاسم لتجنب كارثة إنسانية وأزمة جديدة للاجئين مع القضاء على ملاذ آمن للقاعدة. يجب أن تكون الولايات المتحدة وتركيا قادرتين على العمل معاً حول هذه الأهداف المشتركة الواضحة.
وما كتبه هيراس يعكس وجهة نظر قطاعات داخل امريكا تبدو الان رافضة لخطوة ترامب، ويبدو ترامب منحازا في وجهة نظر بعض الخبراء الامريكيين لوزير دفاعه ماتيس على حساب وجهات نظر اخرى داخل ادارته تفضل وجودا ثابتا، بل وتريد زيادة القوات الامريكية.
ما نستخلصه حتى الان، هو ان:
1ـ قرار ترامب ليس مفاجئا ويعكس هزيمة حقيقية لطموحات امريكية ايقنت انها توقفت، وان سقف الطموح الامريكي انخفض، وان هناك ثبات لاستراتيجية الاستهداف عبر وكلاء وحلفاء تتلاقى مصالحهم مع هذا الاستهداف، منهم تركيا والتي تتحرك بفعل دافعين، الاول: طموحات توسعية في سوريا، والثاني: خوف عميق من ارتداد الارهاب الذي ساعدته عليها وخاصة لو تحالف مع قوات كردية، وهو مانراه، حيث قامت “قسد” بتوحيد جبهتها مع تركيا واطلاق سراح سجناء داعش، وبالتالي سيتعاظم الدور التركي وقد يحتل مساحات حدودية كبيرة.
2ـ كما يمكن ان نستخلص ان هناك تطورات ستحدث على الساحة العراقية والاردنية واعادة تمركزات وتطوير للقواعد الموجودة، بما لا يغادر الهدف الامريكي الصهيوني من قطع التواصل بين العراق وسوريا، وكذلك تأمين المثلث الحدودي مع الاردن في قاعدة التنف، وهنا يمكن للدور البريطاني ان يتعاظم.
3ـ التسوية السياسية ربما تأخذ ابعاداً اكثر تعقيداً على عكس المتوقع بسبب اتجاه التطورات للنيل من وحدة الاراضي السورية والاصرار على تقييد معركة ادلب ووجود عوائق على الارض هذه المرة عبر قوات نظامية تركية.