قتال الفاشيين
صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
إذا لم تتفسخ المعارضات السورية عسكريا، فإن الطريق إلى تشرذمها سوف يقع في أية لحظة .. ما أصاب ما يسمى الجيش الحر من تفتيت ومن تبعثر لقادته، مقدمة لإصابة العديد من التنظيمات المعارضة المسلحة التي لا تأتمر إلا برأسها المسجل خارج سوريا، وذاك الذي يديرها عن قرب في الداخل إذا تمكن من إملاء حضوره.
المعارضات المسلحة هي فصائل أو عصابات أو ربما هذا كله فاشية بالدرجة الأولى، والمعروف أن الفاشيين لا يؤمنون بوجود آخر إلى جانبهم أو خلال مسيرتهم .. كذلك هو حال النازيين. شعار النازية المعروف عدم وجود فصائل إلى جانبه، وهو أيضا شعار الحزب الفاشي الذي تزعمه موسوليني ففعل ما فعله هتلر من تصفية لخصومه قبل أية خطوة أخرى.
المعارضات السورية لا تؤمن بالحوار في ما بينها، البندقية هي المجال الوحيد للتفاهم، وإذا ما أرغمت على رفع شعار ليس من اختصاصها وهو ضرورة الوحدة في الميدان، فلن تكون ملزمة به حتى لو أتتها الأوامر بذلك. وجود الآخر مشكلة في حياة هذا النوع من الفصائل المسلحة التي بنت مفاهيمها على التسلط الذاتي على كل ما هو موجود من بشر وحجر، فإذا كان هنالك من هو مسلح أيضا، فإما أن يتنازل عن وجوده لها، ويصبح طائعا وتابعا، وإما أن يقتلع من جذوره ليكون خياره إما الهروب أو الموت.
عواصف من هذا النوع حصلت كثيرا بين المعارضات المسلحة، تقاتلت أطراف بأطراف، وتواعدت أطراف على إفساح المجال لها وحيدة في مواقعها وإلا فالويل والثبور وعظائم الأمور. ليس من مهمة أمام التفكير الفاشي سوى دوره أو لا أحد، وجوده أو لا أحد، نعيمه أو لا أحد .. وكل ما عدا ذلك فيجب أن يداس حتى لو كان رفيقا له في خندق واحد.
لا يعرف هذا النوع من المعارضات الفاشية تعاليم سياسية سوى أوامر تصدر من فوق إلى القواعد .. أذكر أن أحد الذين هربوا من جحيم إحدى المعارضات أكد في مقابلة معه أنه ممنوع قراءة أي شيء سياسي، وأن من يريد يحمل مجلة أو كتابا تتم معاقبته بطرق مختلفة. يجب أن يظل رأس الفاشي فارغا من كل علم ومفهوم، فإذا ما فكر ولو على عجالة فإنه قد يعيد النظر بوجوده في مكان ليس له.
هذه المعارضات إذن، لن يستقيم وجود لكل منها إلا إذا قامت بتصفية الآخر. هي لا تثق، ولا تأنس، ولا تتجانس، إلا مع نفسها .. كما أنها لا تريد لأي آخر أن يتعامل معها أو يقترب منها. بتلك المفاهيم الخاصة يتحرك هذا النوع من الأحزاب الفاشية التي إذا ما قتل رأسها فإنه يترك أثره بداخلها .. حديثا حاولوا إيجاد هرمية كأن يكون هنالك المسؤول الأكبر ومن يساعده، حتى إذا ما قتل تظل السيطرة على القواعد قائمة وناجحة.
ما أصاب الجيش الحر كما تؤكد المعلومات، سوف يصيب آخرين .. من الواضح أن كل فصيل معارض سيعمد إلى تنظيف مواقعه من أي آخر .. إذا كان الجيش العربي السوري موجودا في مواجهة هؤلاء فإنهم يحرصون على إظهار التلاحم في ما بينهم، ما أن يغيب هذا الجيش عن السمع والبصر حتى يتطلع كل فصيل حواليه كي لا يرى حتى ظله، فكيف يقبل آخر سواء يرفع معه أفكارا متقاربة أو متباعدة لا فرق.