فلسطين .. وجه أمي والبحر
موقع إنباء الإخباري ـ
عماد عواضة:
مهداة إلى الأسير المجاهد يحيى سكاف ورفاقه الشهداء..
تبحر فوق البحر .. أمواج من الصور ..
فتمتد العواصم والمدن على أكف فلسطين وفي جنح الليل وتحت أهداب الغيمة حمل الفارس بندقيته والحجر
فاستفاق الإقحوان على نبض قلبه، وعلى عينيه.
إنه يحيى .. يعلن الإبحار والزورق هناك.
وجهه كضوء دافق من عيون الشمس والبحر، وعيناه جميلتان كأنهما صوان وشرر في ساعة الإلتحام.
وأغصان الياسمين .. أخبرت الزهر المحتشد على شطآن الوداع .. اطلقوا العنان للبحر.
أمواج من الصور تمتد على صدره .. انتظروه .. إرفعوا البيارق والأعلام.
يحيى ودع أمه ومشى وغفى في تلك الليلة على وسادة كبدها .. جمعت دمعها من سنابل أجفانها .. مد يحيى يده بصمت على باب الدار .. وودعها وصورتها في قلبه لتحيا معه .
لم يعرف بذاك الليل طعم النوم .. الشوق يشده إلى الغد الآخر .. وشعاع الفجر والمجداف والزورق هناك .. وأمه تطلق طيفها.
يا هذا الليل يا هذا البحر يا هذا الموج .. إبني ملك فلسطين، اجمعوا يحيى في زورق العشق .
هامت النجمة على وجه ام يحيى وقلبت دفاتر الليل .
ويحيى يحاكي وجه الموج ليجد وجه أمه .. هتف قلبه.. أماه أنت هنا..
أراك هنا ..كلما اقتربت من الوطن كنت أمي .. وكنت النجمة وقلبك الطلقة .
أماه فلسطين اقتربت، والفجر يقترب .. رمتني الريح على شاطئها ووصلت وجئت اليها أحمل جبال الثأر أعلن يا هذا البحر وصلنا.. يا هذا الموج خذني الى وطني .. قبّلتُ البحر يا أمي لأنه حملني وزورق العودة عاد .. والبحر كان طريقي.
سنرجع يوما يا أماه .. ورجعت يا أماه .. أصبحت في قائمة الثوار .. ما أجمل العودة يا أماه .. ما أجمل الإشتباك والإلتحام على ثراها. ها قد عدت ورفاق الزورق معي .. ودلال تطلق عشقها وترنم نشيدها ..
في الحادي عشر .. في شهر اللوز .. يوم السبت هبط الموج على الشاطئ.
وأناخ الحمل .. خرج فدائي وطني من قلب الموج.
وخرجنا من الموج .. شرعت فلسطين قلبها وصدرها لنا .. وهتفت يا يحيى.. يا هذا الذي به أحيا .. يا برعم فلسطين.. يا طفلي الذي كبر بعمر البندقية.. أنت في قلبي.. أنت في عيني هامة عشق للقضية.
هام يحيى على وجهها وراح يحاكيها .. جئتكِ مدججاً بالشوق والشموس .. لأزرع على ترابك بندقية .. وهبّ رحيقك يا فلسطين .. حملني البحر اليك .
يا أمي وصلتُ وهبوب الريح .. ذكرتني بصوتك ..عرفت أن للموج أجنحة ..وللريح أجنحة ومضيت .. غصناً ونورساً غمرتني الشطآن .. وصلت يا أماه وكان الفجر الصامت يمتد كالبحر حين يرتعش بأغنيات النوارس.
آه ما أجمل النوارس .. حين تنشد العودة ..
كان قلبي أكبر من البحر يا أماه .. فاض البحر شوقاً .
وأفرغ ما في قلبه من أناشيد العشق .. هام العشق حتى بلغ قعر البحر .
لا أدري يا فلسطين .. يا تراب الأنبياء .. لماذا يأتيك المحبون بجنون الحب .
بالبحر يأتون .. بالبر .. من الفضاء.
يا فلسطين أخبري أمي أني وصلت .. وزورق البحر والربيع .. وغداً يزهر فجر الإنتصار.
عدنا يا فلسطين .. والزهور تسكننا .. والبحر حمل الأسرار.. حتى كان اللقاء مع قدس الإباء.