فلسطين أعدمت عملاءها ولبنان لم يفعل.. هل أخطأ حزب الله ؟
إستفاق العالم اليوم على خبرٍ يسمعه للمرة الأولى، المقاومة الفلسطينية تعدم بالرصاص العملاء في غزة.
خبر قد يفاجئ البعض، قد يولد ردود فعلٍ بكل الإتجاهات، ردود مرحّبة وأخرى منتقدة لما حصل.
وحدهم أهالي الشهداء وذويهم يستطيعون، ولهم الحق، في تقرير مصير من قتل وساهم بقتل أبنائهم.
من ينتقدون هذا الفعل هم نوعان؛ الأوّل ينادي دوماً بحقوق الإنسان وكيف لا يصلح قتل البشر للبشر، يعطي هذا الصنف رأيه دون الإلتفات لواقع الأمور على الأرض وتاريخ العملاء في خيانة الأوطان وقتل شعوبها، لذلك لن نستفيض في تحليل النوع الأوّل.
أمّا النوع الثاني، هو الذي يقارن فعلة المقاومة في فلسطين، مع فعل المقاومة في لبنان، ويذكّر أنّه بعد تحرير عام ألفين سلّمت المقاومة كل العملاء في منطقة الجنوب إلى الدولة اللبنانية والقضاء اللبناني، بحيث قُدّموا هؤلاء للمحاكمة وأخلي سبيل معظمهم بعد فترات وجيزة. يعتبر هؤلاء أنّ ما فعله حزب الله كان عين الصواب، وأنّ ما حصل في غزة هو خطأ في تاريخ المقاومة الفلسطينية.
هل يجب إعدام العملاء، وهل أخطأ حزب الله؟
في فلسطين، وفي غزة تحديداً، يتعرّض الشعب الفلسطيني منذ أسابيع لحرب شعواء لم توفّر الأطفال، لا بل استهدفتهم في المنازل وعلى الشواطئ حيث كانوا يلعبون. هناك، وخلف كل استهداف لحي ومنزل، يقف عميل سبق له وأشار بعلامة على البيت، لتصبح هذه النقطة هدفاً للطائرات الحربية، نظراً لوجود مقاومين بداخلها، بحسب ما يكون العميل قد أبلغ. هذا الأسبوع، أشار أحد العملاء لمنزل، وأبلغ الصهاينة أنّ القائد العسكري لحماس محمد الضيف أبو خالد يتردّد عليه. وعند هبوط اللّيل قصف الصهاينة المنزل نفسه، فقُتل أطفال ونساء من بينهم زوجة وطفل أبو خالد. هذا مثال لما يفعله العملاء، فهم السبب المباشر للجريمة، وسبب الكثير من الجرائم في فلسطين ولبنان.
في فلسطين، أُعدموا، وهذا جزاء العميل أي عميل، ففي فرنسا أُعدم العملاء رمياً بالرصاص بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك في ألمانيا. فقط لأنّ الخيانة العظمى عقوبتها الإعدام، ليس إلّا.
في لبنان وبعد التحرير فاجأ حزب الله العالم واللبنانيين، لم يعاقب العملاء حتى بصفعة. هذه الخطوة لم تأتِ من عبث، ولا حتى مسامحة من المقاومة إلى العملاء، بل لأنّ التنوّع الطائفي للعملاء كان ليأخده البعض في حال إعدامهم على المحمل المذهبي، ليدين المقاومة ويعتبر ما فعلته تصفية على أسس غير وطنية. حكمة قيادة المقاومة التي تتجسّد كل يوم أمامنا في معظم ما يمر على البلاد من أحداث، كانت السائدة حينها كما اليوم. ففي أيّار الـ2000 لم يكن هناك مشاريع فتن سنية شيعية ولا حتى سنية مسيحية أو شيعية مسيحية أو شيعية درزية. لم يكن يخطر لبال جيل الحقبة تلك أنّ أحداً في البلاد سيتهم المقاومة الوطنية اللبنانية الجامعة بالمذهبية، فحال البلاد حينها سمح للحزب بإهداء مدينة طرابلس ملالة عسكرية صهيونية لشكر أهل المدينة على دعمهم اللامحدود. ساحة النور في آواخر أيّار الـ2000 ضاقت بأعلام حزب الله وصور أمين عامه السيد حسن نصرالله.
لو أعدمت المقاومة العملاء في الـ2000، لخرج خصومها بعد اغتيال الحريري عام 2005 ومسرحية المحكمة الدولية، ليشبّهوا قتل العملاء لقتل الشهيد الحريري. هكذا أيضاً كان سيلعبها الغرب. حكمة المقاومة جنّبت البلاد فتنة حقيقية، كانت لو وقعت لأفسدت طعم الإنتصار وقيمته الوحدوية على البلاد.
لو أعدمت المقاومة العملاء حينها لإتُّهمت أنّها تلعب دور الدولة في البلاد، هي التي لم تسلم من هذه التهمة رغم تسليمها إياهم.
في فلسطين لن يحدث السيناريو. ففي غزة الديانة قد تكون واحدة، وكذلك الجو السياسي العام. إعدام العملاء هناك لا يمكن أن يوضع إلّا في مكانه الصحيح.
المقاومة في بلادنا، في لبنان وفلسطين، لديها حكمة تميّزها عن سائر الحركات في العالم. فعل صائب في غزة، ونقيضه صائب أيضاً في بيروت. خذوا الحكم منها، وأعدموا حيث تستطيعون، وتسامحوا متى تدعو الحاجة.
ماهر الدنا – سلاب نيوز