فرنسا واستدارتها الحادة باتجاه إيران
موقع قناة الميادين ـ
حسن عبد الله:
حسن عبد الله:
لم يكتف رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس بالترحيب بالرئيس الإيراني حسن روحاني، بل استخدم اللغة الفارسية ليقول له “أهلاً بكم في فرنسا”.
كان فالس ووزير خارجيته لوران فابيوس قبل إنجاز الاتفاق النووي الإيراني يغاليان في توقهما إلى تجريم إيران وقيادتها وتحطيم مقدراتها عبر الحصار والعقوبات. سبحان مُغيّر الأحوال… تنتقل فرنسا من موقع الخصم الشرس لإيران إلى موقع الطامح إلى بناء علاقات متينة وشراكة اقتصادية وازنة.
صحيح أنه في العلاقات الدولية لا ثوابت في العداء النهائي أو الصداقة الدائمة، لكن في المثال الفرنسي تبدو الأمور مدهشة حين تركب الإدارة الفرنسية حصاناً جامحاً خلال المفاوضات النووية، وتعرقل ما كان يستجد من تفاهمات، ثم تعود عن كل اتهاماتها لطهران حول عسكرية برنامجها النووي وتوقع مع الموقعين على الاتفاق النووي.
في مطلق الأحوال، وبحسب خبراء في السياسة الفرنسية، تعمل الإدارة في باريس على إحلال مصالحها في المقام الأول في العلاقة مع الآخر.
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الذي تعاني فترة حكمه من انهيارات فعلية في الاقتصاد وتتعاظم البطالة وتهتز الثقة بالاتحاد الأوروبي، لن يجد حرجاً في احتضان الرئيس الإيراني حسن روحاني وتناسي تلك الخطابات النارية التي أطلقها ضد طهران.
يسعى الرجل إلى الاستفادة القصوى من مفاعيل رفع الحصار عن إيران وهو في ذلك في سباق مع شركائه الأوروبيين ومع الولايات المتحدة الأميركية التي بدأت بتحريك آلياتها الاقتصادية باتجاه ما كانت تعتبره العدو اللدود، فيما تشكل العلاقات الإيرانية الصينية وتطورها أخيراً الهاجس الأكبر للعواصم الغربية.
لا بدّ أن تمرر فرنسا بعض الرسائل تعزيزاً للعلاقة الجديدة مع إيران.. هولاند ولأول مرة يقول إنه بحث مع الرئيس روحاني كيفية التعاون لمواجهة الإرهاب. هذا يعني أن فرنسا تعترف بدور طهران في المنطقة بعدما كانت تصفه بسلبية، وهو بحسب المطلعين أول الغيث الفرنسي تجاه الدور الإيراني في الإقليم والعالم. طبعاً يريد الفرنسيون وضع أكبر قدر من السكّر في خطابهم تجاه إيران، فما وقِّع من اتفاقيات ضخم وسينعكس على البلدين بفوائد جمة أكثر فأكثر.
هكذا بعد إيطاليا تفتح فرنسا الباب الأوروبي واسعاً أمام طهران من دون أن يكون لدى الخبراء في السياسة الفرنسية أدنى شك بأن الأليزيه يقوم باستدارة حادة في استراتيجيته تجاه إيران، وسيكون تقويم ثباتها وصدقها موضع مراقبة من قبل الإيرانيين لاسيما حين سترد دول تُعادي إيران وتعتبر أن احتضانها، من وراء ظهرها، لن يكون من دون دفع ثمن باهظ.