غزة تسقط باراك.. اولى تداعيات العدوان الفاشل
موقع العهد الإخباري ـ
حسان ابراهيم:
أسقط قطاع غزة، إيهود باراك. إنه أحد أوّل التداعيات السلبية على الكيان الصهيوني، بعد انتصار المقاومة في القطاع.
غزة، اسقطت باراك. هي نتيجة لا لبس فيها، ولا تتطلب كثيرا من التحليل. لم يكن بوسع وزير الحرب الصهيوني، ان يعلن بأن نتيجة العملية العسكرية الاخيرة ضد قطاع غزة، ادت الى يأسه من امكان نجاحه في الانتخابات المقبلة، وهي الرافعة التي عوّل عليها كثيرا، اي سحق المقاومة في غزة. كانت هذه هي خلفية قراره العدائي ضد المقاومة في القطاع، لحظة اتخاذه، هو ورئيس حكومته، بنيامين نتنياهو، إلا ان حساب الميدان كان مختلفا.
لم يكن بوسع باراك، ايضا، ان يخوض الانتخابات المقبلة للكنيست، وهو متأكد بأن حزبه، حزب الاستقلال، غير قادر على تجاوز نسبة الحسم، المقررة في قانون انتخابات الكنيست، الامر الذي يعني فشلا يضاف الى فشل، وبالتالي، كان لا بد له، ان يعلن انسحابه من الحياة السياسية، مع عنونة هذا الانسحاب بعناوين اخرى، كالتفرغ كما قال: “لشؤون العائلة!”.
كان يفترض بحرب “اسرائيل” الاخيرة على قطاع غزة، ان تكون ذات فائدة مطلقة، من دون خسائر تذكر، اي حرب ” ديلوكس”، تمكن رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، وباراك ايضا، من تجاوز الانتقادات التي سيقت بحقهما، بعد صعودهما الى الشجرة الايرانية العالية، والنزول عنها بلا نتائج، على خلفية تهديدهما المتكرر بشن هجوم على منشآت ايران النووية، ومن ثم التراجع عنها.
ما قبل العدوان الاخير على قطاع غزة، كانت صورة رجل الامن وضابط ايقاع القدرة “الاسرائيلية” على فرض ما تريد تل ابيب من خلال القوة، على المحك، كان يلزم نتنياهو باراك، انجاز امني ما، يعيد ترميم صورة انكسرت، وإلا ستكون الانتخابات المقبلة كارثة عليهما.
من بين كل الجبهات التي كان بالإمكان نظريا مقاربتها عسكريا، جرى اختيار قطاع غزة، باعتباره اقل الشرور. بادر سلاح الجو “الاسرائيلي” الى تدمير الاهداف في القطاع، بناءً على بنك اهداف اعدته الاستخبارات العسكرية ” الاسرائيلية”، ونفس بنك الاهداف، والثقة المطلقة به وبالقدرات الاستخبارية، دفعا الثنائي، نتنياهو ـ باراك، الى خوض الحرب على القطاع.
اليوم الاول للعدوان على غزة، كان يفترض به، من ناحية الثنائي المذكور، ان يكون اليوم الاخير للعدوان. اغتيال قائد الذراع العسكرية لحركة حماس، احمد الجعبري، وفي نفس الوقت، الضربة المفترضة للقدرة الصاروخية للفصائل الفلسطينية، عبر بنك اهداف، كان يعد استخباريا، كاملا ومتكاملا، حفزت الجميع على “رفع القفازات”، والنزول الى المعركة العسكرية.
الرافعة التي ارادها باراك لأزمته الداخلية، وابتعاد الناخبين عنه وعن حزبه، لم تتبلور بالفعل، وكانت نتائجها عكسية الافتراض الاستخباري، الى حد اليقين، والذي وضع على طاولة قرار تل ابيب، برئاسة نتنياهو ـ باراك، بأن لا قدرة للفصائل الفلسطينية على الرد بالصواريخ، سيضطر الفصائل الى القبول قسرا بالشروط “الاسرائيلية”، وبالتالي لم يكن محل جدال ان النتيجة المحققة ستكون: استسلاما كاملا لقطاع غزة.
إغراء بنك الاهداف، كان متشعب النتائج. توقع نتنياهو وباراك، ان توجيه الضربة، وإنهاءها في نفس اليوم، بعد ان تعجز الفصائل عن الرد، لن يجر اي رد فعل اقليمي او دولي، وبالتالي كانت العملية مغرية جدا.. لكن حساب الميدان، كان مغايرا.
وقوف الوحدات الاحتياطية على مداخل قطاع غزة الشمالية، مع حشد ضخم بلغ 56 الفا من اصل 75 الفا، العدد المقرر استدعاؤه لضرورات التهويل والتهديد، ومن ثم قرار الامتناع عن الاجتياح البري الموعود، كان كافيا لهز الصورة “الاسرائيلية”، واظهار تل ابيب وصانع القرار فيها، بصورة المرتدع الخائف من خوض غمار المعركة البرية.
ارتدت هذه الصورة على الجمهور “الاسرائيلي” نفسه، ومن نتائجها، ان الرافعة التي ارادها باراك لأزمته الداخلية، وابتعاد الناخبين عنه وعن حزبه، لم تتبلور بالفعل، وكانت نتائجها عكسية. فاستطلاعات ما قبل العدوان على غزة تؤكد ان باراك ساقط لا محالة، بينما اكدت استطلاعات ما بعد العدوان، نفس النتيجة.
سبق كل ذلك، فشل محاولات سياسية، اجراها باراك وحلفاؤه، لمنع سقوطه الحتمي، الا انها جميعها فشلت.
حاول رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، حجز مقعد لباراك من خارج الانتخابات التمهيدية في حزب الليكود، لكن جرى صده وبقوة، من قبل التيارات المختلفة في الليكود، الامر الذي منع تأمين مقعد له، في الكنيست المقبل، وبالتالي فقدانه رافعة استمراره في المؤسسة السياسية لاحقا.
ايضا فشلت محاولات ضم باراك الى حزب وزيرة الخارجية السابقة، تسيفي ليفني، المزمع تشكيله قريبا، لكن المحاولات فشلت، على خلفية فشل العدوان في غزة، حيث لن يقدم باراك لحزب ليفني الجديد اي اضافة، في صناديق الاقتراع، وبالتالي سيكون عبئا لا ذخرا للحزب الجديد.
هي لعنة غزة… نعم. حسابات الميدان كانت مغايرة، وأسقط باراك.
الى ذلك، لا بد من الاشارة الى ان اصل اعلان خروج باراك من الحياة السياسية، هو دليل غير مباشر، واعتراف غير مباشر بفشل العدوان، وانتصار المقاومة.. ولا يتصوّرن احد، ان باراك كان ليعتزل، لو حقق النصر في غزة… إنه خروج قسري، وضربة موجعة.