عيد بلا هدنة
صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
مساكين أولئك المعارضة المسلحة التي لم تكتشف بعد أنها أمام الحائط المسدود، وأن ثمة من يتفق على نهاياتها بشكل درامي مع تخريجة مهذبة تسمح لتعبهم وقتالهم المستميت أن يكون إنقاذه إنقاذا لهم، بمعنى أن ثمة من يشتغل على مستقبل ما بقي من المسلحين إن في الأراضي السورية أو خارجها، خصوصا بعدما أصدر الرئيس السوري بشار الأسد قرار العفو خلال شهر.
لقاءات سورية ـ أميركية من خلال الروسي، وتراجع تركي أعطى بموجبه أردوغان للرئيس الإيراني أحمدي نجاد إيجاد مخرج التراجع، وموقف روسي يشتد يوما بعد يوم، وصمت أوروبي يكاد يشبه انتظار الحراك الأميركي الذي وصل المعادلة القائلة بأن رحيل الأسد بات مستحيلا .. هذا إذا أضفنا أن الوضع في الداخل السوري لم يعد مقلقا رغم الوقائع الأمنية التي باتت شبيهة بالحالة العراقية التي تقلق، لكنها لا تؤثر على الدولة ولا تسقط رئيسا ولا من هم أدنى.
حتى بعض العرب الذين اتخذوا مواقف سلبية من الرئيس السوري بسبب قلة ثقافتهم السياسية عن الوضع الحقيقي في سوريا، ها هم يتراجعون، فالرئيس التونسي سمع كلاما أدهشه عن حقيقة ما يجري في سوريا، وكانت دهشته الأكبر عندما عرف بوجود هذه الأعداد الكبيرة من العلويين في تركيا. أما الرئيس المصري محمد مرسي فيقال إنه ملتزم الصمت إزاء شقيقته سوريا بعدما وضعت أمامه تقارير الحقيقة حولها ..
أثبت الإسلام الأميركي كما يسميه البعض أو الإسلام الصهيوني كما يراه البعض الآخر، أنه أعجز من تفتيت وحدة سوريا أو شل قدراتها أو جني مكاسب على حساب سقوطها .. فها هو يتخلخل في الداخل بعدما أثبت الجيش العربي السوري قدرة فائقة على حماية الوطن، وقدم للعالم مهاراته في استيعاب حالة الغوغاء التي تحولت إلى هجوم عالمي عليه. وها هم الصامتون من السوريين أو بعض مؤيدي الغوغاء يكتشفون اللعبة الدموية وأبعادها فينقلبون لمصلحة بقاء سوريا كما كانت عزيزة كريمة موحدة شامخة هادرة الحضور الإقليمي والعالمي.
رغم كل ذلك، ما زال الغوغاء ذاهبا إلى الانتحار، وآخر محاولاته استكمال حربه ضد الدولة القوية المنيعة، ضاربا عرض الحائط مسألة الهدنة التي طرحها الأخضر الإبراهيمي، ظنا منه أنه يريد لرصاصاته الأخيرة أن تعيد المشهد الدولي وبعض العربي إلى أولياته في دعمه العسكري والسياسي، وظنا أيضا أن اللحظات الأخيرة من المعارك يمكن إدارة المشهد من إثبات الوجود ولو عبر رصاصات فارغة المعنى.
سوريا ذاهبة إلى الحوار المقبل بكل أطياف معارضتها مع وجود الدولة والراعية له، إضافة إلى رعاية أميركية ـ روسية ـ تركية وإيرانية وغيرها. كان بود الشعب السوري ولو هدنة أيام، لكن من صبر كل هذه الشهور، عليه الصبر ولو قليلا حيث البشائر تتحضر للظهور.