عن رئاسة الجمهورية والتحولات في لبنان
موقع قناة الميادين ـ
حسن عبد الله:
حسن عبد الله:
في الكواليس لم يذهب الحريري وجعجع إلى خيارهما الرئاسيان المستجدان بطيب خاطر أو عن قناعة. هي خيارات الضرورة القصوى التي يتم اللجوء إليها حين تقع الخسارة وتقترب من حدود الهزيمة الساحقة.
الانقلابات في المواقف السياسية التي عصفت بأركان قوى 14 آذار، تصلُح لأن تُدرّس في معاهد العلوم السياسية لجهة احتوائها على ما يمكن وصفه بسياسة اللامعقول.
التمعّن في المشهد السياسي الذي بدأ يتشكّل في لبنان منذ قرر زعيم تيار المستقبل سعد الحريري ترشيح خصمه المفترض في الإستراتيجيا والسياسة إلى رئاسة الجمهورية النائب سليمان فرنجية، ومن ثم دَعَمَ زعيم القوات اللبنانية سمير جعجع الذي كان مرشح الحريري الوحيد للرئاسة ترشيح خصمه وعدوه السابق زعيم حزب الإصلاح والتغيير ميشال عون، الذي كان مستعداً للنضال بعناد لمنع وصول جعجع للرئاسة.
التمعّن في هذا المشهد يساعد على القول إن ما كان يستحيل رؤيته في الأحلام قبل أقل من أربعة أشهر أصبح واقعاً وحقيقة يبعثان على الاعتقاد، بأن ساسة فريق 14 آذار قطعوا رأس المحرّم في السياسة، وتوجهوا عكس كل ما قاتلوا لأجله منذ عام 2005. في يوم عاصف أسماه اللبنانيون “جوليا” طارت الأوراق واختلطت المواقف وتبدّلت بسرعة هائلة.
يحبس المراقبون أنفاسهم لمعرفة على أي أرض سترسو، وما إذا كانت ستُنتج رئيساً للبلاد بعد فراغ في كرسي قصر بعبدا، هو الأول من نوعه في تاريخ لبنان الحديث. سعد الحريري كان قد أقسم حسب العارفين بأنه لن يضع ورقة بإسم عون في صندوق انتخاب رئاسة الجمهورية. جعجع كان قد هدّد وتوعّد بأنه سيفعل المستحيل لمنع انتخاب فرنجية رئيساً.
الزعيمان المنتميان إلى الفريق نفسه يتجهان إلى صدام استثنائي وخيارات متناقضة من شأنهما تفجير قوى 14 آذار. في الكواليس لم يذهب الحريري وجعجع إلى خيارهما الرئاسيين المستجدان بطيب خاطر أو عن قناعة.
هي خيارات الضرورة القصوى التي يتم اللجوء إليها حين تقع الخسارة وتقترب من حدود الهزيمة الساحقة.
من المبكر القول إن أزمة رئاسة الجمهورية وُضعت على سكة الحل. المعركة القاسية بأطرافها تبدّلت واتخذت أشكالاً جديدة.
سعد الحريري الذي وجّه في السياسة طعنة نجلاء لحليفه سمير جعجع تلقّى مثلها من الأخير.
مجروحان يعضّان على جرحهما كل على طريقته تلافياً للانسحاق.
فهل يشكّل انتخاب رئيس للجمورية مرحلة شفاء للإثنين وللبنان، أم يلتهب الجرحان ويمتد الالتهاب إلى لبنان؟