عندما يعترف كيسنجر بحقيقة زوال اسرائيل
موقع قناة العالم ـ
حمید حلمی زادة:
يمكن اعتبار تصريحات منظر السياسةالاميركية (هنري كيسنجر) بـ “أنّه بعد عشر سنوات لن تكون هناك اسرائيل”، على انها تحول متميز في تفكير هذا الرجل الذي نذرحياته كلها لحماية”الوجود الصهيوني اللامشروع” من الانهيار والزوال..
فمع ان هذه التصريحات التي نشرتها صحيفة (نيويورك بوست)، اساءت زعماء “تل ابيب” الى ابعد الحدود، ورغم انهم حاولوا نفي صدورها عن مستشار الامن القومي ووزير خارجية اميركا الاسبق، الاان المحررة في الصحيفة المذكورة (سيندي آدمز)، اكدت ان مقالها الذي نشرت فيه هذه التصريحات كان دقيقا، موضحة ان كيسنجر قال لها بنفسه هذه الجملة ونصها حرفيا:
( In 10 years, there will be no more Israeal) المؤكد انَّ المضمون الذي سبق اعلنه الكثير من مراكز الدراسات الاستراتيجية والشخصيات السياسية العالمية ذات المعرفة والخبرة بالشؤون الاسرائيلية، على خلفية الهزائم والاخفاقات التي مني بها العدو الصهيوني خلال العقدين الماضيين، اضافة الى اشكال التفكك والتصدع والانكماش التي بدأت تضرب باطنابها على هذا الكيان الاحتلالي المصطنع في الاعوام القليلة الماضیة..
والذي يجعل تصريحات كيسنجر، حقيقة واقعة لامحالة، هو حالة التخبط المستولية على زعماء الصهاينة الذين اخذوا مؤخرا يظهرون هشاشة واضحة في المواقف والسلوكيات وهو ما دفع الرئيس الاميركي باراك اوباما، الى ان يتعاطى باستخفاف مع رئيس الحكومة الليكودية بنيامين نتانياهو ويؤخر تحديد موعد للقائه على هامش اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة یوم الثلاثاء 25/9/2012 في نيويورك.
ومع ان توقعات هنري كيسنجر حول (زوال اسرائيل) في مستقبل غير بعيد، هي تحصيل حاصل سواء اعترف بها الآخرون من صانعي القرار في واشنطن والعواصم الاوروبية، او لم يعترفوا , فان تصريحات رموز الكيان الغاصب لفلسطين والقدس الشريف، من امثال رئيس جهاز الموساد السابق “مائير داغان” وغيره تبرهن على بدء العد التنازلي لانحسار “الدولة العبرية”.
فقد صرح الاخير في مقابلة مع صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية في نيسان الماضي (2012) قائلا: (اعتقد بان نظامنا وصل الى نقطة بدت فيه الحكومة غير قادرة على ادارة البلاد) مضيفا في المقابلة ذاتها (نحن على شفا هاوية ولا اريد ان ابالغ واقول كارثة ولكننا نواجه تكهنات سيئة لما سيحدث في المستقبل).
في غضون ذلك وتفنيدا للتهديدات الفارغة التي تطلقها “تل ابيب” بضرب الجمهورية الاسلامية، كان رئيس المخابرات الصهيونية نفسه مائير داغان قد حذر من مغبة الجنوح الى هذا الخيار، وذلك في حديثه مع شبكة “سي بي اس” الاميركية بتاريخ يوم الاحد 11/3/2012، قائلا: (ان رد ايران على الهجوم الاسرائيلي المحتمل سيكون مدمرا) معلنا ان “توجيه أي ضربة الى ايران سيؤدي الى نشوب حرب اقليمية في المنطقة لا احد يعرف كيف ستتطور ومتى ستنتهي”.
لقد تحول موضوع”مستقبل الكيان الصهيوني”الى مادة دسمة للاختصاصيين والمفكرين والمحللين، بعدما اثبت انتصار مقاومي حزب الله على الحرب الاسرائيلية الغاشمة في تموز 2006 وصمود اهلنا المجاهدین الفلسطينيين في غزة بوجه الحصار والعدوان الصهيوني نهاية عام (2008)، اثبتا معا زيف (اسطورة الجيش الذي لا يقهر)، وتفاهة منظومة الامن الصهيوني، وبالتالي ليس غريبا ان يصرح الخبراء العسكريون والاستراتيجيون في الشرق والغرب بـ “انَّ اسرائيل ستزول اذا ما قامت بأي هجوم عسكري على ايران” .
وبما اننا نتفق مع العنوان العام لتصريحات ثعلب السياسة الاميركية هنري كيسنجر بشأن حتمية انتهاء دور اسرائيل، الا اننا نختلف معه في قضية “الامد”، لاننا نعتقد وــ بقوة ــ بأن الكيان الصهيوني الذي اتخذ لنفسه سياسات وممارسات عدوانية منذ اعلانه اللامشروع واللاقانوني في عام 1948 وحتى يومنا هذا، آيل للزوال في القريب العاجل، بسبب تزايد عزلته الدولية من جهة وبفعل خيار المقاومة من جهة اخرى؛ وهو الخيار الذي سيعتمده ابناء الصحوة الاسلامية في المنطقة، سلاحا لمعاقبة هذا الكيان الغاصب وتقريب ملحمة تحرير فلسطين والقدس الشريف من دنس المحتلين، حتى وإن جهد الاستكبار العالمي وعملاؤه الاقليميون الحيلولة دون ذلك.
فما بني على باطل سيبقى باطلا، ومصيره الاندحار قال تعالى (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق) صدق الله العلي العظيم.