عالم اليوم يواجه مستقبلاً خطراً!
صحيفة البعث السورية-
هناء شروف:
يواجه العالم اليوم مستقبلاً خطراً، فقد أصبحت تحدياته أكثر تعقيداً، حيث نرى آثار جائحة كوفيد 19، والانتعاش الاقتصادي غير المتكافئ، وحالة الطوارئ المناخية، وتزايد عدم المساواة، وزيادة الصراعات العالمية، بالإضافة إلى تهجير أكثر من 100 مليون شخص قسراً، ليصبح هذا العام علامة فارقة قاتمة.
إضافة إلى هذه الأزمات، يمكن أن يؤدّي ارتفاع أسعار الغذاء، والطاقة بسبب الصراع في أوكرانيا إلى دفع 71 مليون شخص إلى الفقر، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. يصاحب هذه الأحداث انقسام متزايد في جميع الدول، مما يهدّد بعدم تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الجنوب العالمي الذي يتألف عادةً من دول في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا وأوقيانوسيا.
يتحمّل الناس في جنوب الكرة الأرضية وطأة التقاعس في التعاون من أجل المناخ، بحيث لا يمكن الاعتماد فقط على المساعدات الخارجية من دول الشمال أو دول مجموعة السبع لتعطي حلاً سحرياً، إذ يجب على دول الجنوب العالمي تمكين نفسها وتوحيد الجهود لتحقيق التنمية المستدامة.
ساهمت دول الجنوب العالمي في أكثر من نصف النمو الاقتصادي العالمي في الآونة الأخيرة، فالتجارة بين دول الجنوب أعلى من أي وقت مضى، حيث تمثلُ أكثر من ربع التجارة العالمية، ما يعني أنه حان الوقت لزيادة الاستفادة من هذه الشراكات في مجال التنمية.
فمثلاً في جائحة كورونا كانت العديد من الدول المتقدّمة الغنية تحاول الحصول على لقاحات، بينما واجه مواطنو الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل تمييزاً منهجياً في الاستجابة العالمية لهذا الوباء، مما ترك الملايين دون الوصول إلى اللقاحات والاختبارات والعلاجات. مؤخراً، أرسلت الهند أكثر من 254.4 مليون إمدادات لقاح إلى دول في جميع أنحاء العالم، وبالمثل قدّمت الصين أكثر من 200 مليون جرعة من اللقاحات، بالإضافة إلى توفير ملايين الدولارات من الإمدادات الطبية لبلدان في جنوب الكرة الأرضية بما في ذلك أفريقيا.
بعد ثماني سنوات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، يبقى التعاون الدولي هو الأمل الوحيد لقيادة الاتجاهات الناشئة في مجال التكنولوجيا والابتكار، إلى جانب تعزيز جهود التعاون بين بلدان الجنوب، وتعتبر أزمة الإيبولا مثالاً، حيث مكّن التعاون العالمي، بما في ذلك التعاون بين بلدان الجنوب، سيراليون من هزيمة انتشار المرض، ولاسيما من خلال لواء من 461 من العاملين الصحيين الذين تمّ إرسالهم إلى سيراليون لدعم نظامهم المثقل بالأعباء. وفي وقت لاحق، بذلت دول أخرى جهوداً مماثلة لدعم سيراليون والبلدان المجاورة، مثل غينيا وليبيريا، حيث يوضح هذا المثال إمكانات التعاون فيما بين بلدان الجنوب، وكذلك التعاون الثلاثي والشراكات بين الشمال والجنوب.