عائلة الشهيد طوني الحازوري تطلق الصرخة..”عطونا الأسير وشاكر!”
موقع التيار الوطني الحر الإخباري ـ
زينة كرم – ميشال متى –
في يومٍ أسودٍ من حزيران 2013 ، انفجرت شرارة ما سمي بظاهرة الأسير الارهابية، ومعه أعوانه منهم الإرهابي الفار فضل شاكر. وسالت دماء الشهداء الطاهرة و ارتقوا إلى المرتبة الأسمى.. لمعت اسماؤهم في فناء وطننا الحبيب كالسيوف التي كللت رؤوسهم ولكن، انغرست في قلب أمهاتهم..
ومن بين شهدائنا الأبطال الذين روت دماؤهم أرض عبرا، البطل الشهيد المغوار الرقيب الأول في الجيش اللبناني، طوني يوسف الحازوري. رحل وترك وراءه عائلةً مكسورة الفؤاد، مصبوغةً بالأسى واللوعة وإبنةً تفتخر أن أباها إستشهد ليحيى لبنان.
اليوم، لا أوراق، لا أقلام، فقط زيارةً ومقابلة من القلب إلى القلب، لعائلة الشهيد الحازوري، لنسمع صوتهم إلى من يريد صم أذنيه .. عسى الصرخة تكسر جدار اللامبالاة والمساومات والضمائر الميتة في أجسادٍ حية.
فيديو مؤثر جداً لإبنة الشهيد ميرنا تغني لوالدها البطل Watch Video
صور لكافة مراحل حياة الشهيد المغوار طوني الحازوري العسكرية Pictures
اخبرونا عن طوني أكثر، عن حياته وشغفه للمؤسسة العسكرية…
شقيقة الشهيد ميرنا: نحن نعيش ضمن بيئة عسكرية تامة، إذ أنّ الوالد كان في المؤسسة العسكرية، وفيما بعد دخلها طوني وشقيقي الآخر.
عندما تطّوع طوني في المؤسسة العسكرية، أصرّ على أن يدخل فوج المغاوير، في ظلّ معارضة من والدي، وذلك بسبب الأخطار التي يعيشها هذا الفوج كونه دائماً في الخطوط الأمامية في كلّ المخاطر. خاض طوني عدّة معارك مع فوج المغاوير، وكان من أبرزها معركة نهر البارد (2007) التي عشنا طيلة أيّامها في جوّ من التشنّج والقلق على مصيره، خصوصاً مع إستشهاد عدد كبير من العسكريين. أُصيب طوني في نهر البارد عدّة مرّات، وكان يأبى إلاّ والعودة إلى أرض المعركة، إلى جانب رفاق السلاح، مع العِلم أنّني كنتُ أعمل ممّرضة في مستشفى وعرضتُ عليه عدّة مرّات أن أقدّم له تقارير تُعفيه عن العودة إلى المعركة بسبب إصاباته.. ولكنّه كان يرفض في كلّ مرّة!
في إحدى المرّات، كان فوج المغاوير يقوم بالتدريبات ” Rappel” في منطقة الصفرا، في حضور قائد الفوج العميد شامل روكز. وقع طوني أثناء قيامه بالتدريبات من مكان مرتفع جداً، إتصّل بي على الفور ( لقد كان طوني أكثر من شقيق بالنسبة لي، كان يتصّل بي في كلّ خطوة يقوم بها ) ليُعلمني أنّه سقط أثناء التدريبات ولكن الإصابة ليست بخطيرة، وذلك كي لا نشعر بالقلق عليه من جهة أو نسمع الخبر من أحد الأشخاص من جهة أخرى. أخبرنا بعدها أصدقاء طوني، أنّ أحد لم يظنّ أنّه سينجو بعد سقوطه من هذا العلو، ومنهم العميد روكز الذي سارع ليطمأن عليه، وطلب من الأطباء الإهتمام به جيّداً وكان يتصّل شخصياً لمتابعة الشفاء.
أثناء معركة عبرا، كنّا نتواصل طوني وأنا عدّة مرّات في اليوم. بعد إستشهاد الملازم أول جورج بو صعب وعسكريين آخرين مع بداية المعركة، قال لي طوني “سأذهب إلى عبرا، وأقضي على أحمد الأسير وفضل شاكر.. لقد قتلوا إخوة لنا وأبطال في الجيش..!” في تلك المعركة، كنتُ خارج البلاد، وإستمرّ هذا التواصل بيننا حتّى ليل 24 حزيران، حيث إتصّل بكّل العائلة وكانت إبنتي آخر من تكلّم معه وطلب منها أن تهتم بإبنته (ميرنا ) وبأهله.. في منتصف الليل، حاولتُ الإتصال به، ولكن لم يُجِب. عند السادسة صباحاً، إتصّلت بزوجة طوني، وسألتها إن كان قد تحدّث معها في الساعات الماضية.. قالت لي أنّها تتصّل به ولكن “خطّه مُقفل”. عند التاسعة صباحاً، قلتُ لأصدقائي في العمل :” لست على ما يرام وكأن شيئاً ما قد حدث.. قرّرتُ أن أشاهد التلفاز كي أرتاح قليلاً، وهنا كانت الصدمة. قرأتُ إسم شقيقي في أسفل الشاشة بين أسماء الشهداء..!! إتصّلت فوراً بالمنزل، أجاب “إبن عمّي” على الهاتف، حينها تأكّدت أنّ طوني قد إستشهد..!
لقد كان طوني “العامود الفقري” لهذا المنزل.. شقيقان آخران لي، أحدهما في المؤسسة العسكرية والآخر يُعاني من المرض وهو موجود في دير الصليب. لقد كان طوني الوالد والشقيق في هذا البيت، لأنّ والدي خضع لعملية القلب المفتوح.. إنّ غياب طوني عن هذا البيت هو صدمة كبيرة بدّلت حياتنا كلّها.
والدة الشهيد السيدة صباح: ما هو الذنب الذي إقترفته إبنة الخمس السنوات كي تُحرَم من والدها..؟! إنّها من أصعب الأمور التي يمكن أن يواجهها أيّ إنسان في الحياة.. لا شيء يمكن أن يعوض هذا الغياب.. أشكر الله أنّه قدّم لنا هذه الطفلة بعد أن أخذ والدها، ولكن ما ذنبها أن تعيش هي من دون والد كلّ حياتها..؟! لا يُمكنني أن آخذ مكان الوالد والوالدة لهذه الطفلة.. لقد كان طوني كلّ شيء في هذا المنزل، كان يقول لي “يلّي بيصعب عليكي يا إمّي، بيهون علييّ كرامة عينيكي يا ستّ الكلّ..!” لقد فقدتُ كلّ شيء مع إستشهاده، تقول بعض إمهّات الشهداء “إن سقط إبني شهيداً فيكون “فدا المؤسّسة!” ولكنّي أرفض هذه العبارة، لقد خسرت إبني.. لا يمكن لشيء أن يشفي قلبي ولو قليلاً إلاّ رؤية أحمد الأسير وفضل شاكر أمام عينيّ كي أنتقم منهما بنفسي..!! كان يقول لي دائماً “لا تهتمّي.. سأرزق بطفل وأسمّيه “جو” تيمناً بوالدي عوضاً عن شقيقي الكبير (المريض)..”
إنّ كلّ الناس تقدّم وتضحّي، ومتى إلتحق الشاب بالمؤسسة العسكرية، أصبح ملكاً لها وليس لأهله.. ولكن ان يذهب دمّ الشهداء هدراً في مربّع أمنّي..!! ليس فوج المغاوير الذي يُغدَر..!! لماذا تلّقى الجيش أمراً بعدم التعرّض لأحمد الأسير عندما صعد إلى كفردبيان ليلعب بالثلج! إنّ دم العسكري هو ملك للعسكري وليس لـ “ممسحة” مثل الأسير وغيره.. يا عيب الشوم، ليوقفوا الإستهزاء بنا..!
لحية الأسير وفضل شاكر وكل لحة الارهابيين يجب أن يكونوا هم ممسحة لأحذية العسكريين.
والد الشهيد السيد يوسف: إنّني أحمّل قائد الجيش المسؤولية الكاملة، ولميشال سليمان “الله لا يسامحه” .. ميشال سليمان ومروان شربل هما من سمحا لأحمد الأسير أن يتطوّر وان يصل إلى ما وصلَ إليه في عبرا.. فضل شاكر وأحمد الأسير بقيا أكثر من يومين في جامع داخل عبرا بعد بداية المعركة، إلى أن دخلت هيئة العلماء المسلمين وقامت بإخراجهما بسهولة تامة..!! هل من المنطقي والطبيعي، أن يذهب قائد الجيش في اليوم التالي لوقوع شهداء له في عبرا، ويتناول الفطور مع “بهيّة الحريري” !! إنّ نواب تيار المستقبل وبهيّة الحريري من سمح للإرهابيين بالخروج من عبرا..!
منذ عام 1990 حتّى اليوم، لم يمرّ أيّ قائد للجيش صالح لهذا المركز، بل أصبحوا جميعاً طامعين بكرسيّ الرئاسة. هل نسِيَ قائد الجيش أنّ الشهداء الذين سقطوا ويسقطون هم أولاده؟! أين هي الأموال التي قُدَّمت لتسليح الجيش اللبناني.. طالبَ ميشال سليمان بنسبة 30 % منها.. يا عيب الشوم! ألم يكتفي ميشال سليمان من معركة نهر البارد التي جاء رئيساً للجمهورية على دمّ الشهداء فيها..!! أطلبُ من النوّاب عدم إنتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية إن فكّروا في هذا الأمر.. من اليوم الذي أصبح قائد الجيش يعمل بغية الوصول لرئاسة الجمهورية، سقطت المؤسسة العسكرية. من هي هيئة العلماء المسلمين التي تظهر في كلّ مرّة من أجل تطبيق التسوية وإخراج الإرهابيين من أرض المعركة..؟! لماذا منعوا المغاوير من القضاء على الإرهابيين في عبرا بعد أن كبّدوا بهم الكثير من القتلى، من أمرهم بوقف إطلاق النار؟! جاء سعد الحريري إلى لبنان في ظلّ 24 ساعة وأخرج الأمير السعودي وكأنّ شيئاً لم يكن! من ينظر إلى أولادنا..؟! لقد قلتها مرّة أمام الإعلام ولأهالي المخطوفين ، يجب أن تأخذوا نواب المجلس أسرى مقابل العسكريين المخطوفين. ففي كلّ مرّة تقوم المجموعات الإرهابية في عرسال بالإفراج عن أحد العسكريين، تقومون بالإفراج عن النواب، معادلة العسكريين المخطوفين مقابل مجلس النواب. عُثِر على كميّات هائلة من السلاح في منزل الشيخ “بلال دقماق” فكان العقاب، بسجنه لثلاثة أيّام فقط..! أين هو وزير العدل أشرف ريفي؟ ولكن كيف يريدون أن يتحقّق العدل في بلدٍ وزير العدل فيه قائداً لمحور..! يستشهد الجندي في المعارك ولكن المقابل يكون بإلقاء القبض على الإرهابيين وقتلهم، وليس بتسويات على دم الشهداء!
أطلب من التيار الوطني الحرّ ألاّ يضع يده بيد سعد الحريري، وإن كانت رئاسة الجمهورية تطّلب ذلك، نرفض رفضاً قاطعاً الجلوس مع آل الحريري. من حقّنا أن ننتخب رئيساً للجمهورية كما هم ينتخبون الرؤساء الذين يريدون.
سُئِل قائد الجيش منذ بضعة أيّام عن مصير فضل شاكر وعن التسوية التي حُكِيَ عنها خصوصاً بعد ظهوره الإعلامي الأخير.. وأجاب أنّ قيادة الجيش غير معنيّة بهذه القضيّة.. من برأيكم المسؤول والمعنّي بالقبض على فضل شاكر؟
ج: والد الشهيد: بدورنا نسأل قائد الجيش، من هو المعنّي بإلقاء القبض على إرهابي صادرة بحقّه قرارات إعدام لقتله وتحريضه على قتل عسكريين لبنانيين..!؟ هو قائد الجيش، وهو من يتحمّل كافة المسؤولية.. كان عليه أثناء المعركة أن يأخذ القرار الحازم بقتل الإرهابيين وعدم السماح بإخراجهم، من دون العودة إلى أيّ قرار سياسيّ. عندما كنّا في المؤسّسة العسكرية بقيادة العماد ميشال عون، لم ينتظر في يوم من الأيام أيّ قرار سياسي للتصرّف خصوصاً في وقت المعركة.
أشكر العميد شامل روكز كثيراً على كلّ ما قام ويقوم به تجاه تضحيات الشهداء. لماذا طُلب من العميد روكز التوقف في فترة معيّنة في عرسال بعد أن قضى على الإرهابيين؟! حينها طلب العميد من المغاوير أن يغادروا عرسال، وهنا أوجه له كلّ التحيّة، لأنّه رفض أن يسقط أولاده شهداء التسويات والغدر!
بالعودة إلى موضوع فضل شاكر، كيف ستُساهمون بمنع قيام التسوية التي ستؤدي إلى الإفراج عنه؟
ج: ميرنا : المطلوب اليوم من كلّ الشعب اللبناني أن يقف إلى جانب أهالي الشهداء. نحنُ اليوم أصحاب قضيّة، ولا يجب أن تستمرّ تلك التسويات.
إنّ التحرّك الأول سيكون هذا الأحد ( 15 آذار ) وهو عبارة عن تجمّع في ساحة الشهداء لأهالي العسكريين الشهداء وكلّ الداعمين لنا. نأمل أن يصل كلامنا إلى المعنيين، علماً أنّ التسوية ستحصل من دون أن يتأثّر أحد بتحركاتنا. ولكنّنا نشعر أنّ أقلّه يمكننا أن نؤّثر بمجريات التسوية وإفشالها. إنّ المشكلة الكبيرة هي أنّ الشعب اللبناني موجود على صفحات التواصل الإجتماعي فقط، والدليل أنّه عندما ندعو لأيّ تحرّك لا نجد إلاّ عدد قليل من الأشخاص. الشعب اللبناني اليوم أمام إختبار حقيقي ليظهر إن كان فعلاً يؤيّد الجيش اللبناني الذي يدافع ويقاتل ويستشهد من أجله.
والد الشهيد: لماذا لا يتم إنشاء محكمة دولية تُعنى بموضوع العسكريين الشهداء؟! ألم يسقط أيضاً رؤساء للجمهورية في لبنان؟! لماذا تُحصَر هذه المحكمة برفيق الحريري؟ هل سعد الحريري وحده من خسر والده؟ يدفع اللبنانيون اليوم ثمن هذه المحكمة الدولية من أجل إظهر حقيقة من قتل رفيق الحريري فقط.. إنّ عائلات شهداء الجيش أكثر أحقيّة من الحريري في معرفة من قتل أبناءهم، وتسليح الجيش أبدى من دفع هذه الأموال على المحكمة! دمّ رفيق الحريري ليس أغلى من دمّ إبني..!!
من أخرجَ شاكر العبسي من مخيّم نهر البارد؟ ومن أخرجَ باقي الإرهابيين من كلّ المعارك التي خاضها الجيش اللبناني من أحداث الضنيّة حتّى اليوم؟! تتحمّل عائلة الحريري المسؤولية الكاملة وراء تغطية كلّ الإرهابيين.
أين القضاء من تطاول النواب على المؤسّسة العسكرية، من خالد الضاهر إلى المرعبي وكبّارة؟!
ماذا تقولون للمسؤولين في لبنان؟
والد الشهيد: الله لا يسامحهم.. ونتمنّى أن يشعروا بحرقة القلب التي نشعر بها في كلّ لحظة. كما ساهم في الماضي وزير العدل أشرف ريفي بتغطية الإرهاببين، هكذا سيفعل مع فضل شاكر.
والدة الشهيد: لقد كان طوني يعشق الجلوس مع العائلة وتمضية الوقت معها. كان في كلّ مرّة يأتي فيها من العمل، يتصّل بشقيقته ميرنا ( وهي متزوجة ) ويطلب منها ان تأتي كي نأكل ونمضي الوقت مجتمعين. قلتُ لطوني في أحد الأيّام، أنّ شقيقه (المريض) في دير الصليب ولا ضمان صحّي له.. فقال لي أنّه سيتكلّم مع العميد شامل روكز ويشرح له هذا الأمر. بعد أن تحدّث مع العميد، قال لي أنّه لا يحق له أن يكون وصياً على شقيقه، وكذلك الأمر بالنسبة لشقيقه العسكري الآخر. وجرى الإتفاق على إبنتي ميرنا كي تكون وصيّة على شقيقها بدل من زوجته.. تفكيره كان يأخذه إلى أبعد الآفاق وأصح الحلول.
كيف إستطعتم أن تجعلوا ميرنا ( إبنة الشهيد) تتأقلم مع الواقع المرير؟
والدة الشهيد: بعد مرور 15 يوماً على إستشهاد طوني، عادت ميرنا إلى المنزل، وذلك بعد أن أبعدناها طيلة تلك الفترة عن أجواء الحزن. عند وصولها، خرجت إلى الشرفة، وقالت للأشخاص الذين كانوا يريدون تقديم التعزية، ” شيلوا إيدكن عن الشرائط البيض.. نحنا مزينين للبابا..!” لم تكن تتخطّى ثلاثة سنوات ونصف. في الفترة الأولى لإستشهاد طوني، كانوا يقولون لإبنته، أنّ والدك ليس هنا، وقد سافر، وغيرها من الأمور.. ولكن في اليوم الذي عادت إلى المنزل، قامت ميرنا ( عمّة الطفلة) بإخبارها الحقيقة بطريقة خاصة طبعاً.
ميرنا الحزوري: منذ إستشهاد طوني حتّى اليوم، لا يمكن للطفلة أن تنام، إلاّ وأن تركع أمام المزار ( صور القديسين إلى جانب صور الشهيد) وتصلّي لوالدها. تقوم كلّ فترة، بزيارة قبر والدها وتضع الزهور وتصلّي له.
والدة الشهيد: ليس هناك أصعب من أن يخسر الأهل إبنهم، خصوصاً إذا كانت هذه التربية صالحة.. لقد كان طوني صديقاً للجميع، لا يُزعج أحداً، لقد كانت القيادة والأرض والسماء راضين عنه. إستشهد بعد يومين من زفاف “إبن خاله” .. وقبل زفاف شقيقه بشهرٍ واحد فقط.
ميرنا: كان أصدقاء طوني في فوج المغاوير يلقبونه بـ “الشبل” بسبب إندفاعه الكبير والدائم.
شقيق طوني أيضاً في المؤسسة العسكرية، ما هو شعور هذا العسكري الذي شاهد إستشهاد شقيقه، ويُدرِك أنّ الإرهابيين يفرّون بدون محاسبة؟!
ج: ميرنا الحزوري: هل يفكرون للحظة واحدة بشعور العسكريين الموجودين اليوم في عرسال ورأس بعلبك وعلى كلّ الجبهات، وهم يشعرون أنّ مصيرهم يمكن أن يكون مصير الذين إستشهدوا قبلهم، من دون أيّ نتيجة تُذكَر..! كان يتمنّى دائماً طوني أن يموت شهيداً للمؤسسّة العسكرية.. وكان يعتبره شرفاً له! عندما كان يريد أن يمازح والدي، الذي كان يرفض دخوله إلى فوج المغاوير، كان يقول له دائماً “أنا دمّي فدا العميد شامل روكز..” عندما جاء العميد روكز ليقدّم التعزية، قال لوالدي “أنا خسرت طوني وليس أنتَ من خسره..!” لقد رفض العميد روكز التخلّي عنه وكان من المقرّبين جداً له.
والد الشهيد: نريد قائداً للجيش يقوم بإنقلاب عسكري في هذا البلد، ويضرب بيدٍ من حديد. وإن حصل هذا الإنقلاب، وطالبوا العسكريين القدامى بإعادة الإلتحاق.. سأكون أوّل من يلتحق بالجيش. ما دور وزير الدفاع الحالي، ماذا يفعل؟!
والدة الشهيد: لم أكن أشعر يوماً أنّ طوني سيستشهد في إحدى معارك الجيش اللبناني. لقد كان قوياً جداً، خاض عدّة معارك بشراسة، من جبل الباروك إلى نهر البارد. إتصّل بنا عدّة أشخاص من أصدقاء طوني، ورفاقه في نهر البارد، يطلبون منّا أن نتحدّث معه ونقنعه بتخفيف حدّة حماسه وإندفاعه في المعارك ضدّ الإرهابيين. كنّا في جبيل ونقوم بتوزيع بطاقات زفاف شقيقه.. إتصّلوا به وطلبوا منه أن يلتحق مع رفاقه في عبرا.. إلتحق معهم على الفور من دون أن يتردّد لحظة واحدة.
كيف إستشهد طوني في معركة عبرا؟
ميرنا: كان طوني يقود آليّة عسكرية، وكانت جميع الآليات متّجهة في صفٍّ واحد نحو الأماكن القتالية. قام الإرهابيون بقصف الآلية الثالثة والأخيرة، سقط جميع العسكريين في الآلية الثالثة شهداء، في حين أنّ الآلية التي كان يقودها طوني أيّ الأخيرة لم يسقط فيها إلاّ هو وجرح عسكري آخر، وذلك لأنّه إلتف بالآلية فور إطلاق القذيفة عليه، رغبةً منه بتغطية رفاقه.. وهذا ما حصل، إستشهد طوني دفاعاً عن رفاقه.
والد الشهيد: بعد أن قصف الإرهابيون على آليات الجيش، إنسحب العسكريون من دون أيّ تخطيط مُسبق أو ردّة فعل. هذا خطأ كبير، كان عليهم أن يردّوا على مصادر النيران وقتل المسلّحين وتدمير المنطقة!
س: يُقال أنّ قائد الجيش عليه أن يلتزم بقرارات الحكومة عند أيّ عمليّة عسكرية كبيرة.. ماذا تقولون لقائد الجيش وكيف تتوقعون أن يشفي غليلكم؟
ج: ميرنا: إنّ الشهداء الذين سقطوا في كلّ المعارك هم أولاده.. فليتصرّف على هذا الأساس.
والد الشهيد: نطلب من قائد الجيش أن يتصرف حسب قناعته العسكرية دون أن يسمع إلى أحد. وإن حاول أحد أن يجدله أو يعرقل سير العملية . ” فليدعسه بالرنجر”!
والدة الشهيد: عليه أن يقبض على كلّ الإرهابيين ليشفي قلوب أمهات الشهداء، وحينها يمكن أن نعتبر أنّ دمهم لم يذهب هدراً.
س: أصبحنا نشعر في الفترة الأخيرة، أنّ إستهداف الجيش اللبناني بات أمراً عادياً بالنسبة لوسائل الإعلام وللشعب اللبناني.. وأكثر من ذلك، أصبحت هذه الأخبار يوميّة في غياب ردّات الفعل.
ج: والد الشهيد: نأسف لوصولنا إلى هذا الأمر.. ونأسف أكثر لما حدث في كلّ المعارك السابقة. هل من الطبيعي، أن يُفرَج عن الإرهابيين بعد تطويق كلّ المنطقة والسماح بهيئة العلماء في الدخول..!؟ أمّا ما حصل في عرسال، فلم يخرج الإرهابيون فقط بل وأخرجوا معهم عسكريين رهائن! ها هم يطالبون اليوم بالإفراج عن قاتلي الجيش الموجودين في سجن رومية من أجل إطلاق سراح العسكريين في الجرود. نحن نرفض المقايضة بمساجين رومية لأيّ سبب من الأسباب.
والدة الشهيد: تحدّث فضل شاكر عن براءته من أحداث عبرا، إنّه كاذب، وشريك في جرائم الأسير ضدّ الجيش اللبناني. لو عوقب من نظر إلى الجيش من المرّة الأولى بعين غدرٍ لما كنّا وصلنا إلى هذه المرحلة.. لقد أصبح الجيش مكسر عصا. أجدد مطلبي:” إن لم يسطع المسؤلون أن يحاكموا الأسير وشاكر، إعطموني أيهما وأنا سأقتلهما بيدي!
ميرنا: أريد أن أذكر واقع حصلت معنا منذ فترة وتكلمنا بها على الOTV: طلبنا إذناً من البلديّة كي نأخذ أرضاً ونضع تمثالاً لشهداء الجيش اللبناني الذين قضوا في عبرا. فقال رئيس بلدية كوسبا “عقل جريج” لي ولوالدتي ” لن أسمح بوضع تمثالاً للجيش اللبناني في ظلّ ولايتي” ! وقال أيضاً إن أردتم وضع تمثالاً لشهداء الجيش “إذهبوا وقوموا بذلك على أرض غير تابعة للبلدية ومع ذلك ستحتاجون إلى إذنٍ مني “.. علماً أنّ رفضه لفكرة التمثال هي الأساس، إذاً فالمشكلة ليست بمكان الأرض بل بالتمثال!
كما كان هناك مشروعاً لوضع نصب لشهداء الجيش اللبناني عامةً، وتم إستحضره وقبل الإفتتاح بأيامٍ قليلة تم الغاء النشاط وتبلغنا من قيادة الجيش هذا الأمر، وتم رمي النصب في “الجل”.
[ad_2]