ضربات “استخبارية” سوريّة تسبق حسم الجبهات
في خضمّ تسارع وتيرة إنجازات الجيش السوري على جبهتيْ حمص وحلب تحديداً، على وقع اتجاه القيادة العسكرية السورية لتنفيذ عملية “هامة ونوعية” باتت قاب قوسين أو أدنى على مختلف محاور المواجهات في الشهباء، بهدف تطهيرها بالكامل من المجموعات المسلحة قبيل الانتخابات الرئاسية – وفق ما تؤكد مصادر سورية وإقليمية متابعة – خرَق حدث أمني بالغ الدلالات الجدارَ الأمني “الإسرائيلي”، تمثّل باغتيال باروخ مزراحي، الذي يرأس إحدى أهم قواعد التجسس الإلكترونية في الكيان “الإسرائيلي”، والعامل لسنوات طوال في الوحدة 8200 الأمنية، لتصيب الدوائر الأمنية “الإسرائيلية” بصدمة غير مسبوقة، نظراً إلى أهمية الشخصية المستهدَفة، والتي تدلّ على حرَفية استخبارية “معادية” – حسب ما وصفها محللون عسكريون “إسرائيليون” – أدرجوها في خانة الرد السوري على اغتيال مدير الإدارة العامة للاستطلاع في الاستخبارات السورية اللواء سمير الشيخ، بالتزامن مع ضربات أمنية تنفّذها فرق خاصة في الجيش السوري بحق عملاء في جهاز “FBI” الأميركي متسللين إلى بعض المناطق السورية، ليس آخرها تصفية العميلة “نيكول مانسفيلد” وزوجها، بعملية نوعية في ريف إدلب، ليُفتح الباب واسعاً أمام الحراك الاستخباري الأميركي – “الإسرائيلي” في سورية منذ بداية الحرب، والذي باتت تخرقه أجهزة الأمن السوري بشكل كبير، وفق ما أشار أحد ضباط وكالة الاستخبارات الأميركية.
وفي وقت أرخى اغتيال باروخ مزراحي بتداعيات وصفها المحلل العسكري في صحيفة” يديعوت أحرونوت” بـ”الخطيرة للغاية”، حيث تدلّ على حرفية استخبارية معادية ستكون باكورة سلسلة عمليات مماثلة في المرحلة المقبلة عبر استهداف رموز أمنية “إسرائيلية” لا تقل أهمية عن مزراحي – حسب إشارته – ربط خبراء عسكريون بين واقعتي اغتيال الأخير ومدير الإدارة العامة في الاستخبارات السورية سمير الشيخ، معتبرين أن عملية استهدافه تدل عبر بصمات منفذيها إلى ارتباطهم بالموساد “الإسرائيلي”، خصوصاً أن مهمته الأمنية ترتبط بالتنصت الحدودي على جبهة الجولان مع “إسرائيل”.
ورغم التسريبات التي أتت على لسان أكثر من محلل استراتيجي أدرجت عملية تصفية مزراحي في إطار رد “حزب الله” على اغتيال الشهيد حسان اللقيس، إلا أن مصادر استخبارية إقليمية اعتبرت أن قوة أمنية سورية خاصة تقف وراء اغتياله، عبر أحد أذرعها في فلسطين المحتلة، رداً على اغتيال اللواء الشيخ، “وقد يكون بالتنسيق الاستخباري الوثيق مع “حزب الله”، بحسب المصادر التي كشفت أيضاً عن ضربات “أمنية” هامة تقوم بها فرق خاصة في الجيش السوري بحق عملاء “CIA” والموساد في أكثر من جبهة سورية، لقطع تواصلهم مع المجموعات المسلحة، وضرب مهماتهم التجسسية على المراكز العسكرية السورية، مرجّحة ازدياد هذه الضربات في المرحلة المقبلة بالتزامن مع تسريع عمليات الحسم العسكري الجارية على الجبهات السورية الاستراتيجية.
وربطاً بالأمر، أشارت المصادر عينها إلى وقوع عدد من عملاء الاستخبارات الأميركية في قبضة الجيش السوري، وتصفية آخرين، بينهم العميلة “نيكول مانسفيلد” وزوجها، عبر عملية أمنية وصفتها بـ”المعقّدة” في ريف إدلب، خلال استعدادهما للتوجه إلى الشمال السوري، معتبرة أن الإجهاز عليهما وما يحملانه من وثائق أمنية “هامة” مكّن أجهزة الأمن السورية من الوصول إلى عملاء آخرين في أكثر من محافظة في البلاد، كما أشارت إلى أن فرقة “إسرائيلية” خاصة ساعدت مجموعات مسلحة بالوصول إلى تلة الأحمر التي تعتبر نقطة رصد إلكترونية لاتصالات القوات “الإسرائيلية”، كاشفة عن تقديمات لوجستية تقدمها فرق أخرى تتبع للموساد لتلك المجموعات، والتي كانت تنشط بشكل كبير في المناطق التي كانت تخضع لسيطرة المسلحين في القلمون، قبل أن تفرّ بشكل جماعي عقب بدء الجيش السوري وقوات من “حزب الله” بالسيطرة على هذه المناطق، وهذا بحد ذاته ضربة “استراتيجية” يسجلها الطرفان في مرمى الاستخبارات الإسرائيلية”، وفق توصيفه. ووسط المشهد الميداني المتسارع والمحتدم في سورية، والذي سينحو حتماً إلى مزيد من السخونة بعدما بدأ العد العكسي للانتخابات الرئاسية، تشخص أنظار المراقبين الدوليين إلى “أم المعارك” حلب، في وقت أشارت وكالة “اسوشييتد برس” الأميركية، نقلاً عن قياديين معارضين، إلى توجّه القوات السورية باتجاه حسم عملياتها نهائياً في كامل حمص خلال الأيام المقبلة، تبعها تعليق لمعهد “بروكينغز” يعتبر أن خسارة حمص ذات الأهمية الاستراتيجية والمعنوية للمسلحين، تمثّل ضربة قاسمة إضافية للمعارضة المسلحة بعد انهيارها على جبهات القلمون وقبلها في القصير، ولاحقاً في حلب، “التي ستعود قريباً إلى عهدة الجيش السوري”، بحسب تعبيره، وحتى حين موعد الانتخابات الرئاسية تبقى للمجريات الميدانية الكلمة الفصل، والتي ستتضمن أكثر من مفاجأة، “بعضها من العيار الثقيل”، وفق توصيف محللين استراتيجيين.
ماجدة الحاج – الثبات