ضبط وثائق لـ #داعش تكشف أسماء قيادات التنظيم وطرق تمويله وملف المقاتلين الأجانب
تمكن مقاتلو الوحدات الكردية في سورية المدعومون من اميركا في قتالهم تنظيم داعش، مؤخرا من الحصول على كميات ضخمة من الوثائق الادارية الصادرة عن التنظيم تضمّنت دفاتر وأجهزة كمبيوتر محمول وأقراص (يو.إس.بي).
وحسب المتحدث العسكري الأمريكي في العراق الكولونيل كريس غارفر، جرى جمع أكثر من أربعة تيرابايت من المواد الرقمية والورقية، بالعديد من القرى التي سيطر المقاتلون الأكراد عليها وتحديداً في بلدة منبج الاستراتيجية الواقعة قرب الحدود السورية التركية، والتي فقد التنظيم سيطرته عليها منتصف الشهر الماضي على يد قوات سوريا الديمقراطية.
وستساهم تلك البيانات دون شك في إعلان أسماء قيادات التنظيم، وطرق تمويله وكذا ملف المقاتلين الأجانب. وهي معلومات أمنية تحيطها الجماعة بسرية تامّة، وُينتظر أن تقوم قوات التحالف الدولي بتحليل هذه المعلومات ومعالجتها من أجل فك طلاسم صمود التنظيم وتوسعه في العراق وسوريا، غير أن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً لضخامة عددها وكتابة معظمها باللغة العربية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تتسبب وثائق التنظيم في كشف معلوماته الأمنية الحساسة، التي يحرص على اخفائها، فقد تمكن أحد المنشقين عن التنظيم من تسريب 1700 وثيقة إلكترونية، تضمنت هويات 22 ألف من عناصر التنظيم، نشرتها الصحافة الألمانية مطلع مارس/آذار الماضي، ويتعلق مضمون تلك الوثائق أساساً بعناصر التنظيم في سوريا والعراق، فقد أظهرت الوثائق أن منتسبيه ينحدرون من 40 دولة، بينها جنسيات عربية وأوروبية وأمريكية وآسيوية. وقد تصدرت السعودية قائمة الدول التي ينتمي إليها المقاتلون الأجانب بحوالى 485 عنصراً، تليها تونس 375، ثم المغرب 140، فمصر 101 و تركيا 57 من تركيا وأخيراً ليبيا 54 مقاتلاً.
غير أن الضربة القاضية التي قصمت ظهر التنظيم، حينها على الأقل، جاءت بنشر صحيفة “دير شبيغل” الألمانية في 18 ابريل/نيسان 2015 لهيكلية التنظيم ضمن 31 صفحة جمعها معارضون سوريون بعد قتل الأب الروحي للتنظيم المكنى، حجي بكر. وكان بكر أو سمير عبد محمد الخليفاوي، الذي أحاط نفسه بقدر كبير من السرية والغموض، يشغل منصب عقيد بجهاز المخابرات العراقية إبّان حكم الديكتاتور السابق صدام حسين. وقد تعرض للسجن في إطار الملاحقات التي طالت رموز حزب البعث العراقي بين عامي 2006 و2008 في معتقلي “بوكا” و”أبو غريب” التابعين للولايات المتحدة الأمريكية أثناء احتلالها للعراق. تمكن مهندس جماعة “داعش” من دخول سوريا نهايات سنة 2012 بموجب الخطة شديدة الإحكام، التي خطها هو نفسه بأصابع يده، وكان حجي يرسم هيكلية التنظيم بكل تفاصيلها انطلاقاً من أعلى هرم السلطة الى المستوى المحلي في القرى والبلدات الخاضعة لسيطرة التنظيم وفق أساليب مخابراتية غاية في الدقة والصرامة.
وبعد مقتل عقل التنظيم صيف 2014، ببلدة “تل رفعت” على يد المعارضة السورية، عثر المعارضون السوريون على الكنز الثمين المتمثل في الوثائق التي تضمنت هيكلية التنظيم، والتي خطّها حجي بكر بنفسه. ولم يدر العناصر الذين اشتبكوا معه فأردوه قتيلاً اهمية الرجل، بسبب السرية التي فرضها على محيطه، وكذا خبرته كضابط في جهاز المخابرات العراقية. وبعد تفتيش المنزل الذي كان يقيم فيه تم العثور على الوثائق، و قد تمكن احد العناصر من تهريب صفحة واحدة من هذه الوثائق إلى تركيا شهر أبريل/نيسان 2014، لتصل كاملة في نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام الى تركيا.
وشملت خطة حجي بكر مختلف مجالات السير العادي لـ”داعش” التي خطط لها كالتمويل، والتعليم، والرعاية اليومية، والإعلام كما يلاحظ أنه قد أولى عناية خاصة بالأمن، حيث حدد و بدقة في الهيكل التنظيمي مسؤوليات ما أطلق عليه “الأمني العام” و هي: الرصد، والتجسس، والقتل، والاختطاف. ولم يغفل مخطط التنظيم في هيكلية الإدارة عن جانب الدعاية والاعلام فقد لخص وظائف “الإعلامي العام” في التوثيق، الانتاج والتوزيع، والاتصالات. ويشكل المسؤولون حسب تصور بكر، المجلس المحلي، الذي يعمل تحت إمرة الوالي العام، ويتكون ذلك المجلس من أكثر من 14 عضواً لكل منهم مجاله فيما يشبه الدولة الاستخبارية التي يراقب الكل فيها الكل، ويتجسس الجميع على الجميع.
ويجمع المختصون على صعوبة قياس تأثير الكشف عن تلك الوثائق، غير أنها من دون شك ترغم التنظيم بين الفينة والأخرى على تغيير خططه، وتجعل أوراقه الخفية مكشوفة لكل خصومه ما يسهل الحرب ضده وبالتالي القضاء عليه.
المصدر : رأي اليوم