شـساعة العلومية الإيرانية
صحيفة الديار الأردنية ـ
يلينا نيدوغينا*:
قبل ست سنوات، أي في عام 2008، حذّرت تل أبيب من قُدرات إيران العلمية والعسكرية.
التصريحات الأشد كانت من قادة الجيش. فقد نوه مئير داغان رئيس الموساد الاسرائيلي أنذاك، الى ان ايران ستمتلك القدرة النووية العسكرية خلال ثلاث سنوات، بينما “أوضحت” صحيفة معاريف أن داغان صرّح امام لجنة الشؤون الخارجية و”الدفاع”، في جلسة مغلقة للكنيست، ان ايران تشكّل “حالياً” التهديد الرئيسي لاسرائيل بسبب اصرارها على امتلاك السلاح النووي، وايضا لدعمها دولاً مثل سوريا أو منظمات معادية “لاسرائيل”، ولا سيّما حزب الله، وحركة حماس، التي يقول ان ايران تمدّها بالمال والتكنولوجيا والاسلحة.
إيران باتت منذ أمد بعيد مصدر أرق للولايات المتحدة ولغيرها من حلفائها. فطهران تستمر بنهج تخليق المزيد من الاختراعات، وتطوير التكنولوجيا العسكرية والمدنية، وتعمل على الاكتفاء في مجال الطاقة، الذي هو القاعدة الاولى لكل نجاح علمي، واستقلالية سياسية. ونشهد كل يوم، اختراعات ايرانية جديدة، واكتشافات في حقول علمية، وإطلاق صواريخ حربية استراتيجية وتكتيتكية، الى اتِّبَاعِها دبلوماسية هادئة وشاملة، واستمرارها التقرّب من مختلف الدول والانظمة، والتجسير مع السياسيين.
وفي منحى الفضاء الكوني، تتقدم الجمهورية الاسلامية الايرانية وتقتحم الأعالي، التي لم تصلها سوى دول قليلة كبرى. وغدت ايران الدولة رقم12 في العالم في مجال الفضاء، وكانت أعلنت في شباط2007 عن انها اختبرت بنجاح اول صاروخ فضائي يَصل الى ارتفاع150 كلم، ما يجَعله تقنياً في الفضاء الذي يبدأ اعتباراَ من مئة كلم، حسب الاتحاد الدولي للطيران.
ومؤخراً، اعلنت طهران عن ان الكثير من الانجازات البحثية تحققت لاول مرة عالمياً في ايران، حيث احرزت الدولة على سبيل المِثال، مراتب متقدمة في المجالات الطبية، على صعيدي المنطقة والعالم، وبخاصة المشاريع العلاجية التي اجريت في مستشفى مسيح دانشوري بطهران، ومنها عمليات اصلاح وزرع القصيبات التي تعتبر معقدة للغاية وتم تطبيقها بنجاح على اكثر من1500 مريض، وهو ما يُعد أمراً غير مسبوق على صعيد عالمي.
كما احرزت ايران المرتبة الاولى على صعيد عمليات زرع الرئة، التي أُجريت على اكثر من80 مريضاً في البلاد، مقارنة بتركيا التي لم تنجح في اجرائها سوى على6 مرضى، وكذلك على صعيد عمليات زرع القلب في طهران، حيث تم احراز نجاحات لافتة في هذا المضمار، مايمكّن القول، ان ايران سجلت ارقاما قياسية في مختلف المجالات الطبية المعقدة على الصعيد الدوليٍ.
خِبرات إيران العلمية، وتحوّلها الى دولة اقليمية بالمفهوم العلومي والتقني، لفت الى ان الكثير من بلدان العالم وشعوبه تستطيع الإفادة من خبرات ايران على الصُعد البحثية والطبية، حيث نالت تقدّماً كبيراً في المجالات العلاجية، وزرع الاعضاء البشرية، وصارت ايران تعتبر في المرتبة الثالثة عالمياً على صعيد استعداد شعبها في إهداء اعضائهم الجسدية لزرعها في أبدان اخرى.
وفي التقدّم الذي احرزته ايران على المسرح الثقافي، انتشار مناهج تدريس متقدمة في المدارس والجامعات، وإلزام النشئ بالعلوم وتوجيههم اليها، وبث المراجع والكتب المفيدة في كل مكان، واقامة شبكات ثقافية وعلمية في طول وعرض البلاد، وتوسيع التبادلات الثقافية مع العالم، والابقاء على انفتاحية الدولة على الدول الاخرى وثقافاتها ونتاجات علومها، واستجلابها لمزيد من الأفضل والأبقى الى شعبها.
باختصار، ايران اليوم هي الدولة الاولى في المنطقة في مجالات خدمة الانسان ومصالحه واحتياجاته علمياً وتكنولوجياً وطبياً وزراعياً وفضائياً وهلمجرا، ويقف تقدمُها بالمرصاد للتكنولوجيا الصهيونية التي تستعدي الانسان على الانسان. ومن المفيد ان نذكِّر بأهمية العلوم الايرانية، لكونها نمطاً إسلامياً مناسباً، عصرياً وتقدمياً، في حين تنشغل بقية البلدان العربية والاسلامية، أو معظمها، أو كثير منها، في مواجهات وصراعات ونزاعات وسباقات لمماحكات لا طائل من تحتها ولا من فوقها.
*كاتبة وإعلامية ورئيسة الفرع الاردني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين، ورئيسة تحرير الملحق الروسي سابقاً بالاردن.