سوريا وإعادة التموضع والجهوزية الروسية
موقع إنباء الإخباري ـ
يلينا نيدوغينا*:
تتلاحق الأخبار مؤخراً حول عودة قطع عسكرية روسية، من ضمنها إنسحاب حاملة الطائرات الأدميرال كوزنيتسوف من شرق “المتوسط” لموطنها روسيا، وتُشير أنباء آخرى الى ابتعاث غيرها من الاسلحة الى سوريا، حيث تدور هناك معارك طاحنة للتحالف السوري الروسي الايراني لتكنيس المتطرفين والقتلة من الارض السورية.
فقد صرّح وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، ان القوات الجوية الروسية قد نفذت مهامها الرئيسية التي حدّدها لها الرئيس فلاديمير بوتين في سوريا، على الرغم من عدم تلقيها أي دعم من قوات التحالف الدولي.
وفي تصريح شويغو نقرأ كذلك، أن روسيا ركّزت مجموعة كبيرة من قواتها في سوريا خلال الفترة الماضية، بالإضافة الى مجموعة سفن، من ضمنها حاملة طائرات ضاربة، وقوات جوية، ووحدات من الشرطة العسكرية، التي يرشح بأنها شيشانية ذات تدريبٍ عالٍ، وبذلت هذه المجموعة كامل جهودها، ونفذت كل المتطلبات التي أُوكلت إليها. لذلك، أعتقد شخصياً بأنه حان وقت حصولها على قسط من الراحة في الوطن.
ويُلاحظ، أن نبأً رسمياً آخر أكثر لفتاً للانظار قد كشف مؤخراً عن انضمام أربع مقاتلات سوخوي-24 جديدة لأسطول القوات الحربية الجوية في سوريا، عِلماً بأن هذه الطائرات هي من أفضل الطائرات الحربية في العالم، وقد ساهمت بفعالية بقصم ظهر الارهاب الدولي ومنظماته في سوريا والعراق.
في الغرب ووسائل إعلامه وعلى أصعدة كثيرة غيرها، يَبحثون وبكل “عُمق” وينشغلون في البحث عن أسباب هذه التحركات العسكرية الروسية الكبرى، وهي الثانية بعد الانسحاب الاول للتقنيات والمقاتلين الروس من سوريا، وبرغم استمرار الهجمات الارهابية هناك وحرق منظمات الارهاب للبشر والحجر، وسرقة التاريخ والجغرافيا، فلا ينشغلون هناك في الغرب بأفضل الطرق للتخلص من شياطين الارض.
ففي “الأبحاث!” الرسمية و”العسكرية حول للانسحاب الروسي الاول من سوريا، كال الغرب وزمرته إتهامات كثيرة لروسيا، ليس أولها ولا آخرها أن موسكو “هُزمت!” في الحرب هناك، وبأنها كذلك “تخشى تكرار المُستنقع الافغاني ووقوعها فيه!”، وأن الدخول الروسي الى سوريا “لن يتكرر!”، لأن موسكو “لم يعد بمقدورها مالياً توظيف قواتها بعيداً عن أراضيها!”.. في سوريا.
وفي هذه وغيرها من الاتهامات والتفاهات الغربية – وهي ليست بعقلانية سياسية ولا شخصية – هجوم إستراتيجي معاكس للنيل من روسيا ومن فكرة التحالف الاستراتيجي الشامل مع موسكو، ومحاولةً لعرقلة سير هذه الفكرة الى الامام وصعود نجمها، وتحقيقها نجاحات طاغية ضمن عملية تنظيف الساحتين الروسية والسورية والعربية من أدعياء النضال، والطوابير الخامسة السرية، ورغبة بالإبقاء على لوبيات التخريب – “الدولة داخل الدولة”، وعملها الخفي في الدول القادرة على التحالف وتحقيق النصر في المعركة العالمية لتوحيد البلدان المتعاهدة واجهزتها وتكاملها لشن حرباً لا هوادة فيها على الارهاب وأعوانه ومشغليه ومموليه.
وفي سحب القوات الروسية، فأن هذا السحب لن يكون الأخير من نوعه، ولن يتوقف عند قوات ما بعينها، بل سيشمل وكما الآن بالضبط مختلف صنوف القوات، التي عليها العودة للوطن، وأخذ قسط من الراحة، وتبادل المعلومات والاستنتاجات العسكرية عن العمليات القتالية وتداخلها مع العمليات السياسية، وتقديم الدراسات حولها لمراكز صنع القرار والمؤسسات التي تعنى بالبحث فيها واستخلاص النتائج والعِبر.
إضافة الى ان القوات الروسية تعمل حالياً على تطوير ومضاعفة قدرات الرّدع لديها بمقدار4 أضعاف، وتحديث اسلحتها بشكل نوعي، ونشر اسلحة عالية الدقة في وحداتها المقاتلة، بخاصة سلاحها الجوي القادر على تدمير الصواريخ المُجنّحة بنسبة 50بالمئة، زد عليها الاستمرار بتزويد السفن المقاتلة بصواريخ مجنحة، وسيستكمل هذا التزويد بحلول العام 2021م، وبموازاة ذلك تزويد تلك السفن بصواريخ كاليبر عالية الدقة، مايؤكد ان روسيا تدرس الحسابات كافة، بما فيها تدهور الاوضاع في سوريا الى درجة خطيرة، كذلك الوضع الدولي وسباق التسلح الذي تعمل عليه حالياً واشنطن وعواصم غربية اخرى، بعدما تأكدت من تراجع جهوزيتها العسكرية والقتالية على الساحات الغربية والدولية.
ويُذكر، أن من قدرات أسلحة السفن الروسية، وطراداتها الجبارة، حَملها صواريخ وأسلحة مضادة للسفن والطائرات والغواصات، وهي مزودة بالعديد من الرادارات ومنظومات الإنذار المبكر.
كما ومن المهم لمختلف صنوف القوات الروسية التدرب على القتال في ظروف الحرب الحقيقية، وليس فقط في ظروف العمليات التدريبية، حتى تستكمل جهوزيتها القتالية وقدراتها، فقد يَستدعي الامر في زمن ما، حشد قوات ضخمة لتجفيف منابع الارهاب في أمكنة ما بقدرات ضاربة.
ويُلاحظ، أن القوات والشرطة العسكرية الروسية من جوية وفضائية وبرية، قد ساهمت بصورة أساسية بتدمير البُنية الأساسية للارهاب الدولي في سوريا، والذي وصله عديده الى 360-400 ألف عنصر مسلح مايزالون في ازدياد، وفي تحطيم قدراته في العراق، من خلال السلاح الروسي الذي تم تصديره رسمياً للقوات العراقية.
القوات الروسية تقوم حالياً بعملية إعادة تموضع كبرى للمرة الثانية بعد مشاركتها في عمليات قتالية في سوريا. ومن الجدير بالذكر هنا، أنها تشرع باستمرار بتغيير مواقع مهامها القتالية و/أوعمليات المراقبة والحراسة والمناورة والتدريب المنوطة بها، في مختلف البحار التي تطل عليها الفديرالية الروسية، إذ يصل طول الحدود البحرية لروسيا الى37.7 ألف كيلومتر.
*كاتبة ورئيسة تحرير سابقة، ورئيسة الفرع النسائي لرابطة القلميين مُحبي بوتين وروسيه للاردن والعالم العربي.