زيارة ترامب وتأسيس الدولة السعودية الرابعة
موقع إنباء الإخباري ـ
الدكتور شاكر شبير:
النقطة المغيّبة عن التحليل هي النقطة الأهم، لأن المحللين السعوديين ليس لديهم الجرأة على طرقها، فالموضوع حساس! ومن هم في الخارج لا يعرفون الديناميكية الداخلية لتفاعل عناصر الدولة السعودية ومراكز القوى فيها.
بعد تأسيس المملكة العربية السعودية وحصر تولي العرش في أولاد الملك عبدالعزيز، وهو أساس الدستور الحالي للمملكة العربية السعودية، كانت هذه نقطة تحول رئيسة في تاريخ الدولة السعودية والتي يشار فيها إلى هذه المرحلة بالدولة السعودية الثالثة.
حفظ التوازن بين مراكز القوى في أبناء الملك عبدالعزيز بحيث لا يحتكر فرع العرش السعودي كانت المشكلة التي شغلت بال الملك فيصل، وهو يرى أن أكبر كتلة كانت هي كتلة أل فهد؛ وهم ستة أشقاء أبناء حصة السديري.. كان الأمير عبد الله في ذلك الوقت مقيماً في لبنان فاستدعاه الملك فيصل. وفي عام 1382هـ (في 1964) أصدر الملك فيصل الأمر الملكي بتعيين الأمير عبد الله رئيساً للحرس الوطني، بهدف المحافظة على هذا التوازن.
المفروض أن تستمر وراثة العرش السعودي بين أبناء الملك عبد العزيز. تعيين الملك سلمان لمحمد بن نايف ولياً للعهد هو خروج عن القاعدة. فما زال هناك من أبناء الملك عبدالعزيز من هم أحياء، بل ومن آل فهد مثل الأمير أحمد بن عبدالعزيز نائب وزير الداخلية.
الملك سلمان يتطلع إلى إنشاء الدولة السعودية الرابعة والتي ينحصر العرش فيها بأبناء سلمان. تعيين الأمير محمد بن نايف كان بسبب قبوله من الأمريكيين كوجه حارب الإرهاب، بل واستهدفه تفجير انتحاري. كما أنه بمثابة بالون أختبار لمسألة الولوج في الجيل الثاني أي الأحفاد. ووُضع محمد بن سلمان كولي لولي العهد، وبدأ التسويق له وتلميع صورته كصقر قادر على تنفيذ الأجندة الأمريكية كما تراها السعودية. فهو الذي يجتمع مع ترامب، وهو الذي يقود حرب اليمن، وهو الذي يواجه إيران، وبجرأة يقول إنه سينقل الحرب إلى داخل إيران! وهو الذي تبادل مع ترامب وثائق العقود. وأبعد من ذلك، هو الكريم السخي للولايات المتحدة، فهو الذي يعد بصرف مئتي مليار دولار على البنية التحتية الأمريكية خلاف الأربعمائة وستين مليار دولار صفقات السلاح التي للتوّ تبادل وثائقها مع ترامب! ولا ننسى أن لوبي السلاح الإمريكي أقوى من اللوبي الصهيوني!
إذن هدف العاهل السعودي هو الانتقال إلى الدولة السعودية الرابعة؛ والتي ينحصر العرش فيها في أبناء سلمان، وهو أمر يحتاج إلى موافقة ودعم قوي من الولايات المتحدة لتحقيقه. وكل الكرم الذي نراه والمغالاة هو لإثبات أن هذا الطريق هو الأفضل لصالح الولايات المتحدة الإمريكية. الدعم القوي مطلوب حتى لا تتحرك مراكز قوى داخل العائلة السعودية ضد هذا التوجه. هم قد لا يقفون ضده الآن فهو عمّهم. ومن عادات آل سعود أن لا يقفوا أمام أعمامهم والإخوة الأكبر سناً، كما أن الحروب التي تدخلها المملكة هنا وهناك تدفع من يتحرك في مواجهة الملك إلى دائرة الخيانة العظمى.
ومتى اطمأن الملك سلمان إلى الدعم الأمريكي القوي سيعفي محمد بن نايف ويضع بدلاً منه محمد بن سلمان الذي تبادل مع ترامب نسخ العقود وقبلها أظهر سخاءه؛ فوعد بصرف مئتي مليار دولار على البنية التحتية الأمريكية، وأظهر صقوريته بتصريحه حول نقل المعركة إلى داخل الجمهورية الإسلامية. وقد ظهر هذا جلياً في خطاب ترامب حيث قدم ولي ولي العهد على ولي العهد عند مخاطبته الحاضرين، وهو ما لا يتماشى مع قواعد البروتوكول الرسمي؛ فالرجل أينما يذهب وأينما يلتفت يرى أمامه ولي ولي العهد!
والبحث عن التأييد الأمريكي مهم لأن الملك سلمان لا يضمن أن لا يقوم محمد بن نايف بإعفاء محمد بن سلمان من ولاية العهد عندما يصبح ملكاً مثلما قام به من إعفاء لأخيه مقرن من ولاية العهد؛ فسلطات الملك في السعودية مطلقة.