رفع الدولار الجمركي.. الرسوم سترتفع 833 بالمئة والأسعار ستحلّق
موقع العهد الإخباري-
فاطمة سلامة:
لم يكن ينقص اللبناني الغارق في الأزمات سوى التلويح برفع الدولار الجمركي. تُفتّش الحكومة عن سبل لزيادة إيراداتها عبر زيادة سعر الدولار الجمركي من 1507.5 إلى سعر لم يُحسم بعد وسط توقعات بأن يتأرجح بين 12 و14 أو حتى 20 ألف ليرة. صحيح أنّ الدولة بأمس الحاجة الى دولار من “غيمة”، إلا أنّ رفع الدولار الجمركي في هذه الظروف يُعد بمثابة “نكبة” في بلد يتنفّس استيرادًا. أبسط الحاجيات الأساسية تُستورد من الخارج ما يجعل أمن لبنان الغذائي مرهونًا بحركة الدولار التي بلغت مستويات قياسية في الأيام الماضية. والمفارقة، أنّ أمام الدولة مصادر أخرى بإمكانها حصد المزيد من الإيرادات من خلالها بعيدًا عن أي خطوة قد تفاقم أسعار السلع والخدمات على فاتورة المواطن.
وفي دراسة أنجزتها “الدولية للمعلومات” تبيّن أنّ زيادة سعر الدولار الجمركي من 1,507.5 حالياً الى 14 ألف ليرة -الرقم الأكثر رجحانًا- سوف ترفع الرسوم بنسبة 833% وهذا ما يؤدي إلى زيادة في أسعار معظم السلع والبضائع بنسب مختلفة. على سبيل المثال، اذا كان ثمن جهاز خليوي مئة دولار، فإنّ الرسوم الحالية تتوزّع بين رسوم جمركية 5 بالمئة أي 7500 ليرة و 17.325 TVA ليصبح المجموع 24.825 ليرة، أما في حال اعتماد دولار الـ14 ألف ليرة فإنّ الرسوم ستصبح على الشكل التالي: 5 بالمئة أي 70 ألف ليرة يضاف اليها 161.700 ليرة TVA ليصبح المجموع 231.700 أي ترتفع الرسوم بنسبة 833 بالمئة، ويرتفع السعر بنسبة 8.9 بالمئة، وقس على ذلك مختلف أنواع السلع من مواد غذائية وأدوية وغيرها.
عجاقة: أسئلة كثيرة تغلّف خطوة رفع الدولار الجمركي
يقرأ الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة في تداعيات رفع الدولار الجمركي. ورغم أنه لا ينكر حق الدولة في هذا القرار لجني الواردات لكنه في المقابل يطرح الكثير من علامات الاستفهام على هامش تطبيق هكذا خطوة. يرى عجاقة بدايةً أنّه ليس من العدل في حال استورد شخص سيارة بـ70 ألف دولار أن يدفع الدولار الجمركي على قيمة الـ1500 ليرة لكنّه يشير الى أنّ رفع الدولار الجمركي سيعني حكمًا رفع مختلف الأسعار في السوق ما سيؤثّر حكمًا على المواطن. ويُدلّل عجاقة على موجة التهريب من الخارج الى الداخل اللبناني والتي ستزداد حُكمًا بحيث سيتم استيراد بضائع لا تمر بالجمارك اللبنانية. وهنا يوضح عجاقة أنّ الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل تشكّلان أساس مداخيل الدولة حاليًا بعدما انخفضت المداخيل من الرسوم الجمركية إثر التهريب الحاصل من الخارج الى الداخل.
أما النقطة الأساسية والجوهرية فتكمن -بحسب عجاقة- بجشع التجار الذين يطبّقون حاليًا مبدأ الرسم الجمركي على أساس السوق السوداء، وهذا يعني بكل بساطة أنّ أي تطبيق جديد لرفع الرسوم ستقابله حكمًا زيادة في الأسعار رغم أنّ المنطق يفترض عدم زيادة الأسعار في حال رُفع الدولار الجمركي لأنّ التجار سبق وأن رفعوها استباقيًا.
ويتوقّف عجاقة عند قضية دولار الـTVA، فيسأل: كيف سيتم رفع الدولار الجمركي دون زيادة دولار الـTVA؟، برأيه، صحيح أنّه يتم الحديث حاليًا عن الدولار الجمركي فقط ولكن استطرادا سيتم رفع دولار الـTVA بالموازاة. نحن لا نتحدّث كنسبة مئوية -يقول عجاقة- الذي يوضح أنّ بعض السلع معفاة من الـ TVA بحسب المادتين 16 و17 من قانون الضريبة على القيمة المضافة، ولكن كيف سيتم تدفيع المواطن 5 بالمئة على أساس دولار جمركي قد يصل الى 21 ألف ليرة (سعر المنصة)، و11 بالمئة رسم TVA على أساس سعر 1507.5 ليرة؟. من وجهة نظر عجاقة، هذه النقطة ليست واضحة.
خلاصة الأمر، يرى عجاقة أنّه حتى ولو أيّد الجميع رفع الدولار الجمركي ثمة نقاط يجب أخذها بعين الاعتبار وتتفرّع عنها ثلاثة أسئلة أساسية: هل سيتم رفع الدولار الجمركي دون رفع دولار الـTVA؟ هل ستضمن الدولة عدم ارتفاع الأسعار بعد رفع الدولار الجمركي خاصة أنّ التجار حاليًا يطبقون على المواطن الدولار الجمركي على أساس السوق السوداء؟ ماذا ستفعل الدولة لضبط التهريب من الخارج الى الداخل اللبناني؟.
دولار استيراد المحروقات يرتفع..والاستهلاك انخفض 40 بالمئة
وليس ببعيد عن قضية رفع الدولار الجمركي، يواجه قطاع المحروقات أيضًا أزمة ارتفاع الأسعار بشكل أسبوعي، وقد عمد مصرف لبنان الى رفع سعر الدولار المؤمَّن من قبله لاستيراد 85 بالمئة من البنزين من 20 ألفاً و400 ليرة لبنانية إلى 21 ألفاً و300 ليرة ما أدى الى زيادة في الأسعار. وفي هذا السياق، يقول رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط جورج فياض لموقعنا إنّ جدول تركيب الأسعار يتحرّك بعنصرين أوّل يتعلّق بسعر النفط العالمي، وثان يتعلّق بسعر تحويل الليرة الى دولار. هذان العنصران يؤثران على السعر النهائي. صحيح أن قيمة أسعار المحروقات العالمية تنخفض ولكن سعر صرف الدولار يرتفع من جهة ثانية ما يزيد السعر النهائي لصفيحة المحروقات.
ويوضح فياض أنّ المازوت بات يُدفع بالدولار “فريش”، أما البنزين فيغطى 85 بالمئة من قيمة استيراده على سعر منصة صيرفة التي أنشاها مصرف لبنان والتي يؤدي تحركها الى ارتفاع السعر النهائي للمحروقات. وهنا يدرج فياض وجهة نظر أصحاب المحطات التي تشكو على الدوام من التقلب الحاصل بالدولار بحيث يتم شراء البضاعة بالدولار وبيعها بالليرة اللبنانية. هل من الوارد أن يصبح الدفع للبنزين بالدولار “الفريش” أيضًا؟ يستبعد فياض حدوث هذا الأمر، ويستبعد عودة الطوابير. من وجهة نظره، فإنّ الطوابير تعود عندما لا يكون هناك بضاعة لكن البضاعة موجودة والمشكلة في أن المواطن لا يملك المال لشراء البنزين وهذا ما يفسّر انخفاض الاستهلاك بقيمة تفوق الـ40 بالمئة وبالموازاة انخفاض الاستيراد أيضًا.