رفض أمريكي للانفراجة الفرنسية على لبنان يتمظهر في استقالات من البرلمان
وكالة أنباء آسيا ـ
خضر عواركة:
مساء السبت سرب المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية الفرنسية خبراَ جاء فيه أن “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال لدونالد ترامب في اتصال معه ظهر اليوم بأن سياسة الحصار الشامل التي أنهكت لبنان تضر بحلفاء فرنسا والولايات المتحدة ولا يستفيد منها سوى حزب الله”.
الغضب الفرنسي من سياسة ترامب في لبنان حقيقي، وواقع التبعية الفرنسية للإدارة الأمريكية لا ينفي وجود هوامش للفرنسيين في بلاد يعتبرونها آخر المواقع التي يمكن لرؤسائهم أن يتلقوا فيها العواطف الشعبية أكثر مما قد يلاقونه في شوارع باريس.
هذا الهامش الفرنسي مدعوم من ” المؤسسة” الأمريكية التي تعارض سياسات ترامب، والتي لا تزال تتواصل مع الإيرانيين، ولا تزال تنسق مع الحلفاء حتى يتلافوا ما أمكن من التخريب الذي يمارسه دونالد ترامب بتلقائيته وعفويته المتوحشة على المصالح الأمريكية نفسها.
مصادر فرنسية تملك قدرة التواصل مع المسؤولين الرسميين تؤكد في اتصال معها أن “مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تستبق أمانيه برحيل ترامب في الخريف المقبل، وقد قابلتها الإدارة برفض لطيف علناً، لكنها شنّت على المبادرة حرباً أطاحت بنيابة بعض الأدوات الأمريكية في الملجس النيابي اللبناني.
والاستقالات التي أعلنت اليوم تمت بطلب أمريكي، ورُميت أوراق الاستقالة في وجه مبادرة ماكرون لا في وجه حكومة لا تملك ترف التأثر بالاستقالات، فما يثبتها ليس المجلس النيابي، بل توازنات دولية كانت “المؤسسة” الأمريكية طرفاً فيها بعد إقناع ترامب بفوائد وجود حكومة لا يُمثّل فيها مباشرة حزب الله بأحد نوابه أو قيادييه.
هي الحرب الأمريكية إذاً على المبادرة الفرنسية، ولا انفراجة من واشنطن على لبنان، والأوروبيون يتصرفون مع لبنان في إطار مصالحهم التي يرون أن الإدارة الترامبية تطيح بآخر ما بقي منها.
على الأرض، في بيروت، اندلعت الحرب على الجمهور المسيحي، أكثر من مئة ألف مسيحي متضرر من تفجير بيروت، لم يعودوا يملكون مأوى، ومساكنهم غير صالحة للسكن، ومن استقالوا يأملون بتجيير غضب هؤلاء وآمالهم لصالحهم، لكن تلك الاستقالات ليست ترفاً يتمتع به أصحابها، بل حظيت بمباركة أمريكية.
الصراع في بيروت على المسيحيين، لا مشكلة لدى الشارع الشيعي، فمهما خسر الثنائي يبقى مسيطراً بالقناعة أو بالعصبية أو بارتباط المصالح الحياتية مع أكثر من نصف الشيعة، لكن المشكلة الآن تواجه التيار العوني الذي سهّل الانفجار ومن قبله انتفاضة 17 تشرين الأول، إلصاق تهمة الفشل بأدائه، وإلباس ثوب الخيبة لحركته في المؤسسات الرسمية.
العنف الذي افتعله المتظاهرون اليوم ليس غضبا ًمشروعاً، حتى شامل روكز لم يحتمل اتصالات سامي الجميل وإدارته لحركة المتقاعدين – فرع جورج نادر، فانسحب رافضاً التعرض للمؤسسات، وضرب الجنود والضباط بالمولوتوف والحجارة.
إنه الصراع على وراثة الجمهور العوني، ويناطح حزب الكتائب بجمهوره الذي لا يزال يضم بضعة آلاف من الشباب الذي ورث في المتن ولاءه لمشايخ آل الجميل الإقطاعيين مع روافد مستجدة من حزب الـ”ميني كتائب” الفرع الشبابي للحزب العجوز المعروف بحزب “سبعة”.
على الأرض أيضاً، ثمة حركة للجماعات التي تتلقى الوحي التركي بالواتساب، بيروت ساحة صراع أيضاً مع الفرنسيين، ولولا أنه لا يريد زيارة بيروت دون جماهير مليونية تستقبله بعد فتح “اسطنبول” عبر تحويل كنيستها إلى مسجد، لجاء السلطان إردوغان بنفسه إلى لبنان لمسح آثار زيارة الرئيس الفرنسي.
العناد الأمريكي وإصرار جاريد كوشنر وفريقه على استكمال الحصار الشامل لإيران في لبنان، سيتابع مهماته عبر فريق من “الإسرائيليين الأمريكيين” الذين يرأسهم دايفيد شينكر؛ أقل الصهاينة ولاءً لأمريكا في الإدارة الأمريكية وأكثرهم عملاً لمصلحة إسرائيل. المخزي أن شينكر يتواصل عبر الواتساب مع نائبة لبنانية صار لها عبر المال الخليجي “مجموعات شبابية” تتحرك على الأرض.
إنها الثورة، لكنها هذه المرة ثورة لمواجهة انفراجة فرنسية كادت ترفع الحصار الأمريكي عن لبنان.