رضا غربي ـ أوروبي عن قتال حزب الله في سورية
صحبفة البناء اللبنانية ـ
هتاف دهام:
يشارك وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل اليوم في مؤتمر جدة لبحث مسألة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة في المنطقة. ويستثني هذا المؤتمر روسيا وإيران وسورية من التحالف الذي سيشكل، ما دفع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الإعلان أنّ هذا التحالف يعتمد معايير مزدوجة ولن يكون ناجحاً، مفترضاً أنّ التحالف الذي يشكله حلف شمال الأطلسي لمحاربة تنظيم «داعش» قد يُستغلّ لتوجيه ضربات للجيش السوري بهدف إضعافه.
لا تتجه الاستراتيجية الغربية اليوم للقضاء على الإرهاب في سورية لأنّ وظيفته في دمشق لا تزال محلّ حاجة. والتدخل الدولي لمحاربة «داعش» سيركّز على العراق، فيما حدود تدخله في سورية ستكون إما بتزويدها بالمعلومات، وإما بضربات غير مباشرة تخدم حربهم على الإرهاب في العراق.
قد يشهد المستوى الإقليمي تحسّناً في جوانب معيّنة وانفراجات جزئية كما في الوضع العراقي. العلاقات الإيرانية – الأميركية تحكمها المصالح المتقاطعة حيناً والمتناقضة أحياناً أخرى. فأربيل تشكل نقطة تقاطع بين الجمهورية الإسلامية التي تملك غرفة عمليات فيها، والولايات المتحدة التي لا مصلحة لها أن تسقط أربيل في يد «داعش»، لما تشكله من هدف اقتصادي استراتيجي، وكذلك طهران لا مصلحة لها في أن يصبح «داعش» على حدودها.
إلا أنّ ذلك لا يعني أنّ الاستراتيجية الإيرانية الأميركية من الأزمة السورية متطابقة من «داعش». التصعيد في سورية سيستمرّ، فمواجهة الغرب التكفيريين هي مواجهة انتقائية تخدم المصالح الأميركية في كردستان والنفط العراقي، وتعيد النفوذ الاميركي الى الحكومة العراقية كما تخدم مقاربته للشأن السوري في مواجهة النظام.
في موازاة هذه الاستراتيجية الأميركية، استمرّ حزب الله بمواجهة المجموعات التكفيرية والإرهابية في سورية إلى جانب الجيش السوري وعلى الحدود اللبنانية – السورية. لا اتصالات مباشرة بين حزب الله والأميركيين. الغرب في مواقفه متذبذب ويرى أنّ مصالحه هي في الاقتراب من حزب الله لأنّ في قرارة نفسه يعترف بأنّ حزب الله هو مقاومة وليس منظمة إرهابية، وهذا ما يسمعه الكثير من السياسيين والعسكرييين اللبنانيين من مسؤوليين غربيّين، الا أنّ سياسة «الناتو» التي تقودها الولايات المتحدة، ودور ومصالح «اسرائيل» في هذا الشأن، لا تسمح لهؤلاء بالمجاهرة بذلك.
لم يشطب الشيطان الأكبر حزب الله عن لائحة الإرهاب. الا انه لم يعد العدو الرقم واحد له. غابت منذ أكثر من عام عن تصريحات الاميركيين، وإلى حدود كبيرة، الإشارة الى دور حزب الله في سورية، على رغم أنّ واشنطن لا تزال تنتهج سياسة التضييق على حركته عبر فرض العقوبات المالية على البيئة الحاضنة للمقاومة من خلال البنوك وملاحقة بعض الأشخاص.
وتقول مصادر ديبلوماسية أنّ في أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن تسود أجواء تتفهّم تدخل حزب الله في سورية وقتاله التكفيريين. وما يؤكد ذلك هو ابتعاد السفراء الغربيين خلال لقائهم بقيادات حزب الله في الآونة الأخيرة عن توجيه الانتقادات لتدخل الحزب في سورية، وانّ هذا التدخل يشكل نقطة خلل، فيما بدأ البعض الآخر من السفراء يبدي ليونة إزاء هذا القتال.
وعلى الرغم من أن لا اتصالات مباشرة أو غير مباشرة بين حزب الله والإدارة الأميركية عبر أيّ من القنوات، إلا انّ مكافحة الإرهاب التكفيري سيقوم بها كلّ من موقعه وفق مفهوم التكامل غير المنسّق مسبقاً. وسيكون كل طرف راضياً على الطرف الآخر من دون أن يسجل على نفسه أنه يلتقي مباشرة الفريق الآخر الذي يختلف معه في مقاربة الوضع السوري. الغرب يعلم انّ حزب الله مؤثر في الحرب على الإرهاب ويحاول ان يستفيد من قدراته من دون ان يعترف بذلك ومن دون أن يسعى إلى التنسيق المباشر وغير المباشر معه.
وإذا كانت الدول الأوروبية لا تبارك ولا تنتقد تدخل حزب الله في سورية، إلا أنّ الفاتيكان القلق على الوجود المسيحي في الشرق، يرى أنّ حزب الله في قضائه على المجموعات الإرهابية يساعد بطريقة غير مباشرة على بقاء هذا الوجود في لبنان وسورية. وتؤكد مصادر مطلعة لـ»البناء» أنّ اجتماعات تعقد بين مسؤول الملف المسيحي في حزب الله الحاج غالب ابو زينب والقاصد الرسولي في لبنان غبريال كاتشيا الذي يؤكد انّ حزب الله بمثابة صمام أمان للوجود المسيحي. ويترافق هذا الكلام مع إشارة أحد قياديي التيار الوطني الحر الى ان حزب الله هو جيش حماية المسيحيين والاقليات في الشرق.