دول خليجية تتمايز عن السعودية: انفتاح على إيران و«حزب الله»
صحيفة السفير اللبنانية ـ
داود رمال:
لا يخفى على المراقبين الخلاف في المقاربات للملفات العربية والاقليمية المطروحة بين دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت قمتها في الكويت امس الاول، لا سيما في الملفين البارزين، وهما الازمة السورية والعلاقة مع ايران، الأمر الذي جعل من مهمة أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح تواجه صعوبات في الوصول الى تفاهمات حول كيفية التعاطي مع هذين الملفين، إلا أنه تمكّن بحنكته الديبلوماسية الموروثة والهادئة من تحقيق الإجماع حولهما وفق ما ضمّنه في كلمته الافتتاحية، فضلاً عن المقترحات حول مستقبل المجلس والرفض العُماني لتحويله الى اتحاد.
وفي رصد التحوّلات يمكن تسجيل المقدّمات بدءاً من تعمّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تسمية السعودية ووجه اليها الاتهام المباشر في التفجيرات، وهو اتهام جاء متزامناً مع إعلان نصر الله رسمياً استقباله موفداً قطرياً، في الوقت الذي تواصل السعودية حملتها على «حزب الله» وهناك شكوك حول دورها في تعطيل تشكيل حكومة يكون فيها مؤثراً وفاعلاً من خلال «الثلث المعطّل»، وكذلك في مسارعتها إلى إحباط محاولة إعادة تعويم الحكومة المستقيلة لأنها تعتقد أن «حزب الله» سيعود إلى الإمساك بمفاصل السلطة، وهي التي كانت قد مارست ضغوطاً كبيرة لإسقاط هذه الحكومة.
وبدا أن نصر الله كان متحصّناً بالانفتاح الخليجي على «حزب الله»، وكذلك على إيران، ولذلك جاء اتهامه للسعودية مفاجئاً وصاعقاً، ومحصّناً بهذا الانفتاح لإدراكه أن دول الخليج ليست اليوم في وارد التماهي مع الموقف السعودي.
لكن المؤشرات التالية كانت أكثر تعبيراً عن التباين بين بعض الدول الخليجية مع السعودية، ومن بينها قيام وزير خارجية الامارات عبدالله بن زايد آل نهيان بزيارة الى طهران، ويتبعها وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف بجولة خليجية شملت قطر والكويت وسلطنة عمان والامارات، وصولا الى إعلان رئيس الدولة في الإمارات الشيخ خليفة «ان ايران هي الجار الأقرب إلينا». كل ذلك يعني أن تحولا على مستوى السياسة الخارجية الخليجية لم تعد السعودية هي محركها الرئيسي.
ويذكر تقرير ديبلوماسي معلومات عن «قيام عدة عواصم خليجية، منها مسقط، بإبلاغ الرياض أنها ستكون بحل من أي التزام تجاهها على صعيد الموقف من ملفات إقليمية اذا استمرت في سياستها التصعيدية والمواجهة حتى النهاية مع ايران وحلفائها، لان هذه العواصم لا تتحمل وزر الموقف السعودي وتأثيراته على مستقبل دولهم، خصوصا أن هذه الدول تتمتع بتنوع مذهبي، وأي موقف يجب أن يلحظ أبناء هذه الدول وهم من الفاعلين ومن كبار المتمولين والعائلات العريقة، وما يجري في السعودية لجهة ما يتعرض له سكان المنطقة الشرقية لا يمكن إسقاطه على باقي المواطنين في دول الخليج لأنهم من النسيج الوطني لهذه الدول، كما يجب أن تكون حال سكان المنطقة الشرقية».
ويعتبر التقرير «ان هذا الموقف هو بمثابة تحذير واضح، قد يصل الى حد إعلان تعليق عضوية أو انسحابهم من مجلس التعاون الخليجي اذا لم تجرِ السعودية إعادة النظر بسياستها في المنطقة، والتي أصبحت تشكل مخاطر أمنية واقتصادية على هذه الدول».
ويكشف التقرير «ان القمة الثلاثية التي جمعت قادة السعودية والكويت وقطر في الرياض مؤخرا، والتي هدف من ورائها أمير الكويت الى إصلاح ذات البين وتبريد الأجواء بين الدوحة والرياض، حصلت خلال الاجتماع الذي حضره كبار المسؤولين السعوديين مشادة كلامية بين أمير قطر الشيخ تميم ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، وذلك على خلفية اتهام الفيصل لقطر باستمرار دعمها للإخوان المسلمين في البلدان العربية التي تشهد حراكا شعبيا، لا سيما في مصر وليبيا وتونس وسوريا، وانها تشجعهم على إقامة خلايا إرهابية في بعض دول الخليج، لا سيما الإمارات. وكان رد أمير قطر بإعادة الاتهام الى السعودية عبر تحميلها مسؤولية دعم الحركات السلفية التكفيرية المسلحة، ليس في سوريا فقط بل في كل العالم. واصفاً الفيصل بأنه واحد من القيادات السلفية المتطرفة، وكادت هذه المشادة أن تدفع بأمير قطر الى الانسحاب وإنهاء القمة لولا تدخل أمير الكويت لتهدئة الامور، وإقدام ولي العهد السعودي الأمير سلمان على إسكات الفيصل».
ويلفت التقرير الى انه «بعد القمة لوحظ أن قطر عمدت فورا الى الإعلان عن ترحيبها بالاتفاق النووي بين ايران ومجموعة (5+1)، في الوقت الذي أبدت السعودية غضبا كبيرا تلاقت فيه مع اسرائيل قبل ان يعود مجلس الوزراء السعودي الى إبداء الترحيب بالاتفاق بناء على نصيحة أميركية حملها وزير الخارجية جون كيري والتي أرفقها بطمأنة حلفائه الخليجيين، وتحديدا السعوديين، من أن هذا الاتفاق لن يكون على حسابهم، وعلى حساب العلاقة التي تجمع بلاده مع هذه الدول».