درس (الأباتشي)
صحيفة الوطن العمانية ـ
هيثم العايدي:
يعطي احتجاز الولايات المتحدة لطائرات اباتشي كانت قد أرسلتها مصر إلى أميركا بغرض الصيانة الدورية درسا مهما حول مخاطر بقاء أميركا مصدرا رئيسيا للتسلح في مصر.
ففي الأسبوع الماضي كشف وزير الخارجية المصري نبيل فهمي أن القوات المسلحة المصرية أرسلت عددًا من طائرات الأباتشي إلى الولايات المتحدة للصيانة و” لكنها لم تعد حتى الآن” .
وفي السياق ذاته يهدد مشرعون أميركيون بما يصفونه “عواقب وخيمة” حال استئناف واشنطن المساعدات العسكرية لمصر ومنها تسليم مروحيات الأباتشى تحديدا.
ومنذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 تمثل المساعدات العسكرية الأميركية لمصر التي بلغت قيمتها 1.3 مليار دولار سنوياً، 80 في المائة من ميزانية المشتريات السنوية للجيش المصري.
وتشكل المروحيات في الوقت الحالي أهمية كبيرة للجيش المصري الذي يخوض معارك عنيفة لتطهير شبه جزيرة سيناء من الجماعات الارهابية المسلحة فلهذه المروحيات دور مهم في عمليات الاستطلاع وتصوير الأماكن التي يتحصن بها الارهابيون اضافة الى تنفيذ مهام هجومية تستهدف مواقع الارهابيين.
ويدفعنا التشدد الأميركي في موضوع الاباتشي تحديدا بالربط بين فاعليتها في مكافحة ارهابيين نشطوا بعد الاطاحة بنظام حكم الاخوان والدعم الأميركي المطلق الذي لقيه هذا النظام خلال فترة حكمه تحت زعم دعم الديمقراطية وحقوق الانسان جنبا الى جنب مع أحاديث أخرى عن مكافحة الارهاب.
كما ان هذا الاعتماد الضخم على أميركا كمصدر رئيسي للسلاح يضع امام إسرائيل ـ التي تعتبرها العقيدة العسكرية المصرية أنها الخطر الرئيسي ـ خارطة تفصيلية بمستوى التسليح المصري وقدراته.
وفي هذا الاطار لم تخف الولايات المتحدة مخاوفها من الانباء التي تواترت عن اقتراب مصر وروسيا من ابرام صفقة تسليح كبيرة تشمل مروحيات هجومية من طراز “روستفيرتول إم أي 35″ وأخرى من طراز “إم أي 17″ متعددة الأغراض اضافة الى تقارير تحدثت عن أنظمة دفاع جوي من نوع اس 300 وكذلك طائرات مقاتلة من طراز ميج وأسلحة مضادة للدبابات من نوع كورنيت.
ولم تتردد واشنطن في التصريح على لسان ديفيد شينكر واريك ترايجر اللذان يعتبران الباحثين الأساسيين المختصين بالشأن المصري في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بأن السبب الرئيسي لهذه المخاوف هو فقدان التفوق النوعي لاسرائيل.
ففي هذا السياق وفي تحليل حمل عنوان (صفقة الأسلحة المصرية مع روسيا: التكاليف الاستراتيجية المحتملة) يقول شينكر وترايجر “على الرغم من التطمينات من المسؤولين المصريين، إلا أن صفقة الأسلحة الروسية – حال إتمامها – تنذر بتخفيض تدريجي لقدرة واشنطن على السيطرة على نوعية وكمية الأسلحة التي تحصل عليها القاهرة، وعلى الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في المنطقة. وإذا كانت مصر تنوي في واقع الأمر الحصول على نظم تغير قواعد اللعبة مثل نظام الصواريخ “إس 300″ وصواريخ “كورنيت”، ينبغي على واشنطن أن تحذر القاهرة من المخاطر التي تشكلها تلك المشتريات على المساعدات الأمنية الأميركية والعلاقات الثنائية الأوسع”.
وأيا كان الهدف الأميركي من احتجاز طائرات الاباتشي المصرية التي تم ارسالها للصيانة سواء كان لتقليل قدرة الجيش المصري على الحسم بسيناء أو كـ(قرصة أذن) وتحذير لاثناء مصر عن التفكير في تنويع مصادر تسليحها فإن الواجب يحتم كسر الاعتماد الذي تحول لسنين طويلة الى اعتياد.