دبلوماسية الصواريخ الإيرانية
صحيفة إسرائيل اليوم ـ شاؤول شاي ـ
تعريب: مرعي حطيني ـ قناة الميادين:
بعد حوالي عام من رفع العقوبات عن إيران، في أعقاب تنفيذ الاتفاق النووي، تضع إيران الولايات المتحدة الأميركية أمام الاختبار. ويبدو أن الخطوة الإيرانية قد أُعدّت بعناية من ناحية توقيتها ورسائلها وأهدافها الرئيسة لاختبار سياسة الرئيس ترامب في مرحلة مبكرة. ويهدف ذلك إلى إتاحة المجال أمام إيران للاستعداد لتحوّلات محتملة في السياسة الأميركية، وبما يستتبع ذلك من تحوّل (في مواقف) جهات أخرى على الساحة الدولية.
لقد اختارت إيران إجراء تجربة على الصاروخ الأبعد مدى الموجود في حوزتها، وهي تلوّح بذلك إلى أنه بمقدورها ضرب أهداف تابعة للولايات المتحدة الأميركية ولحلفائها في مختلف أرجاء الشرق الأوسط، وبخاصة إسرائيل، وكذلك أهداف في أوروبا. وجاء التوقيت بهدف إخضاع الرئيس ترامب للاختبار بعد أيام قليلة من تسلّمه مهام منصبه، وحتى قبل أن يبلور سياسته في الموضوع الإيراني، وقبل أن يلتقي زعماء الدول الكبرى وإسرائيل.
لقد اختارت إيران أن تضع قضية تجارب الصواريخ البالستية في لبّ الاختبار وذلك لأن قرار مجلس الأمن في هذا الموضوع قابل لتفسيرات مختلفة ويجعل من الصعب على الولايات المتحدة الأميركية، إذا ما أرادت ذلك، تشكيل أغلبية في مجلس الأمن ضد إيران. فالتجربة الصاروخية لا تشكّل انتهاكاً للاتفاق النووي، الموقع في فيينا بين إيران والدول الست الكبرى في تموز / يوليو 2015، إلا أنها تتعارض مع قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، الذي تم إقراره بعد وقت قصير من ذلك في أعقاب اتفاق فيينا، والذي يحظر تجارب مشابهة، وهو التفسير الذي لا تقبل به إيران.
لقد نفذت إيران تجربتها على صاروخ بالستي يحمل اسم “خرمشهر”، وهو قد أُطلق من موقع قريب من طهران. وتختلف الآراء حول مدى الصاروخ، فهناك من يقول إن مداه يبلغ حوالى 4 آلاف كيلومتر، بينما يذهب آخرون إلى أن مداه أقصر من ذلك. والصاروخ قادر على حمل رأس نووي. وقد انتهت التجربة بالفشل الذريع، وانفجر الصاروخ بُعَيد إطلاقه بوقت قصير، إلا أنه نجح في وضع القضايا السياسية التي تريد إيران طرحها أمام الاختبار.
إن عملية إطلاق الصاروخ هي بمثابة “بالون اختبار” من قبل طهران وهو لا يهدف فقط إلى اختبار سياسة الرئيس ترامب، بل كذلك سياسة اللاعبين الآخرين على الساحة الدولية بما في ذلك حليفتي إيران، روسيا والصين. فإيران كانت قد نفذت منذ التوقيع على الاتفاق النووي تجارب على صواريخ بالستية إلا ان روسيا والصين دافعتا عنها، في حينه، في مجلس الأمن. وإيران معنية الآن بمعرفة ما إذا كانت سياسة البلدين لا تزال على ما كانت عليه. ويبدو أن إيران تخشى حصول تقارب بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية، وحتى أنه يمكن النظر إلى خطوة طهران الحالية على أنها محاولة لدق إسفين بين الدولتين العظميين.
لقد نشر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو شريط فيديو قصير أدان فيه تجربة الإطلاق وقال إنه سيطلب خلال لقائه مع رئيس الولايات المتحدة الأميركية، في الشهر القادم (الشهر الحالي / المترجم)، تجديد فرض العقوبات على إيران وذلك بسبب انتهاكها للقرارات في مجال الصواريخ، وكذلك بسبب الدعم الذي تقدمه للمنظمات الإرهابية. ومن المتوقع أن يستمع ترامب إلى طلبات شبيهة بالطلبات الإسرائيلية من حلفاء الولايات المتحدة الأميركية الآخرين في الشرق الأوسط وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ودول الخليج.
لقد أطلقت إيران، في شهر آذار / مارس 2016، عدداً من الصواريخ البالستية بعيدة المدى وذلك في إطار مناورة واسعة النطاق لقوات الحرس الثوري الإيراني. وقد أدانت إسرائيل عملية إطلاق الصواريخ البالستية التي أجرتها إيران بشدة، وقالت إن الحديث يدور عن انتهاك فظ لقرار مجلس الأمن الذي يحظر على إيران إطلاق صواريخ قادرة على حمل رأس نووي. إلا أن إدارة أوباما اكتفت بمكالمة أجراها وزير الخارجية كيري مع وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف والتي عبر كيري خلالها لنظيره الإيراني عن قلقة في أعقاب عملية الإطلاق.
وكرد على التجربة الإيرانية، من المتوقع أن يُعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن وذلك بناء على طلب الولايات المتحدة الأميركية. ويجب أن يحدونا الأمل بأن يقود الرئيس ترامب، الذي أعرب عن تحفظه على الاتفاق النووي مع إيران وعلى السياسة العدوانية الإيرانية، أن يقود سياسة جديدة وحازمة تجاهها تؤدي إلى تقليص وتقييد عدوانيتها في المنطقة ضد إسرائيل، وضد بقية حلفاء الولايات المتحدة الأميركية فيها.