خطوط التماس بين #السعودية و #إيران!
يزداد التوتر بين الرياض وطهران يوما بعد آخر حتى باتت علاقات البلدين رهينة عداوة شرسة ترفدها مواقف متناقضة في ملفات حساسة. علاقات تركت من دون كوابح وهي تسير نحو الأسوأ.
ولا يبدو أن البلدين معنيان بشكل جدي بوقف تدهور علاقاتهما، والبحث عن حلول وسط للقضايا الخلافية المعقدة بينهما، كما لو أنهما يراهنان على الحسم والمغالبة لا الحوار والتفاهم. فما هي أهم خطوط ونقاط التماس بين هاتين القوتين الإقليميتين؟ وما هي احتمالات الصدام بينهما؟
يمكن القول إن أحداث اليمن عام 2014 والتي أدت إلى سيطرة الحوثيين على البلاد قد نقلت الصراع بين الرياض وطهران إلى الذروة، وأصبحت السعودية عمليا منذ مارس عام 2015 في حالة حرب مع إيران عبر عمليات “عاصفة الحزم” الجوية ضد الحوثيين والعمليات البرية التالية.
وبذلك باتت اليمن خط التماس الأول المتفجر بين السعودية وإيران، وانحرفت منذ ذلك التاريخ علاقاتهما إلى مسار المواجهة بكل أبعادها الطائفية وتناقضاتها السياسية التاريخية المتراكمة في البحرين وحول الجزر الإماراتية وفي لبنان والعراق وسوريا.
ووجدت الرياض نفسها في اليمن مضطرة إلى الاعتماد على قوتها الذاتية ونفوذها الإقليمي بخاصة بعد انحسار الدور الأمريكي بالمنطقة عقب توقيع السداسية الدولية وإيران اتفاق تسوية ملف طهران النووي النهائي، ولذلك غامرت المملكة باستعمال القوة هناك لحماية خاصرتها الجنوبية من تمدد النفوذ الإيراني.
واليمن هي الساحة الثانية بعد البحرين التي تتدخل فيها الرياض وحليفاتها بالمنطقة عسكريا لوقف ما تعتبره خطرا إيرانيا يهدد استقرار دول المنطقة من خلال دعم طهران لطوائف محلية بما في ذلك في السعودية ذاتها.
وبالتوازي مع خطوط التماس المشتعلة في اليمن منذ مارس 2015 تبقى خطوط التماس الأخرى في حالة من التوتر والترقب وخاصة في البحرين ولبنان، فيما يأخذ الصراع شكلا متفجرا في سوريا بدعم الرياض لفصائل مسلحة إسلامية تقاتل ضد دمشق، إلا أن التطورات التركية عقب الانقلاب الفاشل ربما ستحد من طموحات السعودية، وقد تعرقل جهودها وحلفائها في توجيه ضربة موجعة لإيران عبر إسقاط النظام هناك.
وتعد العراق ساحة مواجهة أخرى بين الرياض وطهران، إلا أن الحرب المشتعلة ضد “داعش”، الذي لا يزال يسيطر على عدة مناطق هامة بما فيها مدينة الموصل، تحد على ما يبدو من تحرك الرياض بحرية في هذه الساحة بخاصة أن الولايات المتحدة طرف في الحرب هناك.
ولا تنتهي خطوط المواجهة عند هذا الحد إذ يمكن اعتبار سواحل البلدين على الخليج، ومياه خليج عدن والبحر الأحمر خطوط تماس محتملة خطرة في حالة تصاعد المواجهة وانفجار صراع عسكري مباشر بين البلدين.
وبالمحصلة، لم يسفر الصراع بين السعودية وإيران إلى نتائج حاسمة، لا في اليمن ولا في سوريا ولا حتى في البحرين، بل تحولت عمليات السعودية وحلفائها في اليمن إلى حرب استنزاف مفتوحة.
وتشتد في ظل هذه المواجهة الواسعة العلنية والسرية، حرب التصريحات النارية بين الرياض وطهران ويتعمق العداء بينهما وتمد القطيعة جذورها بعيدا، بينما لا يتوقف المد الإيراني الذي يكتسب زخمه من هشاشة المنطقة وظروفها السياسية والاجتماعية والأمنية المتردية، بالإضافة إلى وهنها بسبب استشراء خطر التنظيمات المتطرفة مثل “داعش” و”القاعدة” وخاصة في اليمن وسوريا والعراق وبدرجة أقل وبصورة كامنة في السعودية ذاتها.
وعلى الرغم من أن جميع احتمالات المواجهة قائمة، إلا أنه من المستبعد أن تسعى السعودية إلى فتح جبهة مواجهة مباشرة مع إيران وخاصة في مياه الخليج، والأمر ذاته يسري على إيران، لكن استفحال حالة العداء وتكريس القطيعة وانقطاع سبل الحوار، كل ذلك قد يعرض الأمن الإقليمي للخطر عند أي تماس غير مقصود برا وبحرا وجوا.
محمد الطاهر – روسيا اليوم