خطاب التحولات العشرة
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
شكل خطاب السيد حسن نصرالله يوم أمس إعلانا لمرحلة جديدة في المنطقة وفي لبنان بناء على حساب واقعي للتحولات الجارية وانطلاقا من عشرة عوامل وثق فيها قائد المقاومة مقدمات الانعطافة الكبيرة التي استجدت في توازن القوى في مجابهة العدوان الاستعماري وتعامل السيد كعادته بكل رفق ومسؤولية ونضج في استنباط الحلول وفرص التسويات الممكنة من موقع المنتصر الذي يعطي للمتورطين فرصة للتراجع لقوى 14 آذار في لبنان وللملكة السعودية الغاضبة في المنطقة.
أولا تلك عوامل قدمت في نظر سماحة السيد نصرالله صورة عن حصيلة المواجهة الكبرى التي تشهدها المنطقة منذ أكثر من عامين ونصف انطلاقا من العدوان على سوريا وهو يؤشر بواسطتها إلى مقدمات الانتصار على الغزوة الاستعمارية وانكسار الحلف المعادي وتفككه بفعل صمود سوريا وقيادتها وشعبها ومعها حلف المقاومة الذي وقف بثبات وحلفاء سوريا الدوليين الذين بنوا ركائز توازن عالمي جديد في إرغام الإدارة الأميركية على التراجع عن قرار العدوان الذي قال الرئيس بشار الأسد إن الولايات المتحدة حددت له يوما وتاريخا وساعة قبل أن تضطر للتراجع أمام متانة معادلات القوة والصمود وتحت غطاء المبادرة الروسية التي أسست لرد الإمبراطورية الأميركية إلى بيت الطاعة الدولي في مجلس الأمن وأنهت بذلك زمن الهيمنة الأحادية على العالم .
ثانيا أما العوامل العشرة فهي:
1 – عجز الجماعات المسلحة في سوريا عن التغيير الميداني الذي حاولت تحقيقه وثبات وتقدم الجيش العربي السوري في الميدان.
2 – صراع الجماعات المسلحة فيما بينها الذي لم يتوقف يوما في الأشهر الأخيرة وحصد آلاف القتلى والجرحى والسبايا كما أشار السيد بصورة معبرة إلى هذه النتيجة.
3 – تبدل المزاج الشعبي نتيجة سلوك العصابات الإرهابية وجرائمها بحق الناس ونوعية السلطة التي أقامتها والتي تتسم بطابع دموي لصوصي وتكفيري.
4 – تبدل الرأي العام العربي والدولي في نظرته للأحداث السورية وهو ما تشهد عليه التغييرات النافرة في تعامل وسائل الإعلام العالمية مع هذه الأحداث واتساع رقعة التضامن الشعبي مع سوريا منذ إعلان أوباما لقرار العدوان وقد شهد العالم التظاهرات والتحركات التي رفعت علم الجمهورية العربية السورية وصور الرئيس الأسد لا سيما في العديد من العواصم العربية والدولية.
5 – عجز المعارضات عن توحيد صفوفها وخصوصا ما يسمى بمعارضة الخارج التي تعيش المزيد من التناحر المتمادي في صراع مستمر على المناصب والخيارات والمغانم الناتجة عن التمويل الخليجي والغربي.
6 – تفكك الجبهة العالمية الإقليمية التي تقود العدوان على سوريا بانكفاء عدد من الدول الأوروبية كألمانيا واسبانيا وإيطاليا والى حد ما بريطانيا وتبدل الموقف المصري والانكفاء القطري.
7 – انشغال بعض أطراف حلف العدوان بأولوياتها الداخلية وهذا ينطبق مباشرة على الولايات المتحدة نفسها وكذلك على تركيا التي تستغرق أكثر فأكثر في محاولات احتواء تداعيات تورطها في الحرب على سوريا.
8 – الصمود المثير للإعجاب سياسيا واقتصاديا وميدانيا الذي حققته الدولة الوطنية السورية رغم شراسة العدوان والتلاحم المتزايد بين مثلث الجيش والشعب والقيادة.
9 – سقوط الرهان على العدوان الخارجي وانسداد الأفق أمام إخراج أدواته المتمثلة بالعصابات الإرهابية من مأزقها وعجزها استنادا إلى التوازن الجديد الذي أعقب اختبار القوة الكبير على حافة حرب دولية وإقليمية.
10 – ثبات التحالفات السورية الإقليمية والدولية وبصورة خاصة منظومة المقاومة التي ظهرت كقوة إقليمية فاعلة والموقف الروسي المبادر والهجومي في احتضان الصمود السوري.
ثالثا الحصيلة التي خلص إليها قائد المقاومة ودعا جميع المتورطين إلى التسليم بها والتصرف على أساسها هي فشل العدوان وسقوط الرهان على تدمير الدولة الوطنية السورية وإسقاطها وحيث لا مجال سوى للحل السياسي عبر حوار غير مشروط بين السوريين.
هذا المشهد هو إعلان لمرحلة جديدة تتراكم في سياقها التحولات التي تفضي بتطورها الطبيعي إلى انتصار الدولة الوطنية السورية وخيارها المقاوم وبينما يواصل الشعب والجيش في سوريا مقاومة الإرهاب التكفيري فعاجلا أم آجلا باتت لحظة إعلان النصر هي الأفق الوحيد للتطورات المقبلة في سوريا وفي المنطقة.
وبهذا المعنى كانت إشارة السيد إلى المتورطين أنهم أمام فرصة الخضوع للتسويات الممكنة والتكيف مع الأوضاع الجديدة قبل اكتمالها لأن ما هو مقبول اليوم لدى حلف المقاومة قد لا يبقى مقبولا غدا فالمتورطون في سباق ما تحدي التكيف الذي لا نفع فيه لغضب أو مشاكسة .