حول الخطة الأميركية الجديدة
وكالة أخبار الشرق الجديد –
غالب قنديل:
تقود إدارة باراك أوباما حملة تصعيدية على جميع جبهات الصراع العالمية لمحاولة تغيير المعادلات التي أدت إلى إسقاط الهيمنة الأميركية الأحادية وبهدف تحويل مبدأ الشراكة والعودة إلى الأمم المتحدة إلى شراكة بقيادة أميركية.
أولا الهجوم الأميركي الأوروبي في أوكرانيا انطوى على هدف معلن هو ضرب النفوذ الروسي داخل هذا البلد ونقل أوكرانيا من منظومة تقودها روسيا في الجغرافيا السياسية إلى المعسكر الغربي وقد قدمت الدول الأوروبية دعما كبيرا للمعارضة الأوكرانية ومن اللافت أن الولايات المتحدة استعادت حرارة التحالف مع ألمانيا ذات المطامع الاقتصادية في أوكرانيا ودقت بذلك إسفينا في جسور التقارب الألماني الروسي التي ظهرت بعد قرار أوباما بالعدوان على سوريا بتمايز ألماني واضح وعن هذا الطريق ضمنت الإمبراطورية الأميركية انخراطا أوروبيا شاملا في معركتها ضد الاتحاد الروسي عبر أوكرانيا ومعلوم أن الغاية هناك تتخطى حدود الوضع الداخلي إلى استرجاع نموذج الضربات الأميركية والغربية في جميع مواقع النفوذ الروسية التقليدية ويعلم المخططون الأميركيون أن حسم الصراع على أوكرانيا لصالح روسيا سوف يعزز قدرة موسكو على استعادة نفوذها في دول أوروبا الشرقية المجاورة لأوكرانيا والتي كانت ضمن نطاق النفوذ الإمبراطوري الروسي في زمني القيصرية والدولة السوفيتية.
ثانيا أعلنت واشنطن أنها تجري مراجعة لسياستها في سوريا وفي حيثيات المراجعة أن هيبة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تعرضت لهزة خطيرة منذ الانكفاء عن قرار ضرب سوريا والسير في خط التفاوض مع إيران حول ملفها النووي وقد قدم إعلان المراجعة بذاته كخطوة لطمأنة الحكومات الدائرة في الفلك الغربي إلى أن الولايات المتحدة ليست في صدد الخروج من المنطقة كما تردد خلال الفترة الأخيرة رغم الضربات القاسية التي تلقاها مشروعها لتقويض الدولة الوطنية السورية ومحاصرة إيران.
قدم المخططون الأميركيون ثلاثة محاور لتأكيد الحضور الأميركي في المنطقة وطمأنة الحلفاء الإقليميين وخصوصا المملكة السعودية: التمسك باستمرار العقوبات ضد الجمهورية الإسلامية وإبطاء سير المفاوضات بين إيران والمجموعة الدولية، تنشيط التحرك الهادف لحماية إسرائيل عبر تصفية حق العودة وتكريس الاعتراف بالدولة اليهودية وانتقال دول الخليج إلى إقامة علاقات معلنة مع إسرائيل اقتصاديا وعسكريا بالتوازي مع الوصول إلى توقيع اتفاق بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني وفقا لمبادرة جون كيري والخط الرئيسي الثالث في هذه الحركة الأميركية هو اختبار فرص التصعيد العسكري مجددا ضد سوريا انطلاقا من الأردن وبالتوازي مع مشروع الشريط الحدودي الإسرائيلي في منطقة الجولان.
ثالثا في تغطية ذلك كله تواصل الولايات المتحدة نفاقها حول مكافحة الإرهاب بينما هي تعتمد بصورة رئيسية في سوريا على جماعات القاعدة المتعددة التسميات والتي كشفت ملفات تكوينها التنظيمي عن حالة واحدة بيافطات متعددة وحيث التناحر فيما بينها هو التتمة الناتجة عن تركيبتها التكفيرية المبنية على زعامات ومشيخات تتنافس على النفوذ وعلى ميادين السرقة في سوريا وعلى حصص التمويل القادمة من حكومات الخليج ومن جمعيات خليجية متورطة بدعم الإرهاب التكفيري منذ زمن أسامة بن لادن.
من الواضح أن الصراع على أوكرانيا سيذهب إلى تصاعد كبير خلال الأسابيع القليلة القادمة رغم التسوية التي وقعت بإشراف الاتحاد الأوروبي ويرجح المراقبون بروز خطوات ومبادرات روسية في الرد على التصعيد الأميركي لفرض شراكة ندية في العالم وهذا ما يرى الخبراء انه سينعكس على الموقف الروسي من الملفين السوري والإيراني وليس فحسب في الموضوع الأوكراني بينما يستمر الأميركيون وبكل صلافة في التصميم على الدرع الصاروخي الأوروبي الموجه ضد روسيا وإيران.