"حماقة" السعودية في اليمن.. تضع هيبتها ونظامها على المحك
موقع المنار الإخباري:
بالتأكيد ان للعدوان السعودي الاميركي على اليمن أهدافا معينة، سواء على الصعيد الاستراتيجي الامني او العسكري او حتى على الصعيد الاقتصادي والسياسي، إلا انه وبغض النظر عن كل ذلك لا بدّ من البحث والسؤال بعد فترة من بدء العدوان عن النتائج او الاهداف التي قد يكون حققها حتى الآن هذا العدوان.
فبعد حشد القوات من العديد من البلدان وتوجيه اوامر الاجتماع لمجلس “جامعة الدول العربية”، ماذا حقق هذا العدوان غير الفشل العملي والفعلي في مختلف المجالات؟ هنا يمكننا ان نرصد بعضا من هذه “الاهداف”، على سبيل المثال منها:
-انتهاك الاعراف والقوانين الدولية لا سيما ما يتعلق منها بحقوق الانسان وقتل المدنيين وانتهاك سيادة دولة ذات سيادة، وارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب بالاضافة الى جريمة العدوان.
-التدخل بشكل مباشر وفظ بالشؤون الداخلية لليمن، ومحاولة فرض رأي سياسي على الشعب اليمني، في نسخ واضح للتجربة السعودية الخليجية في الديمقراطية والحريات.
-الاتفاق العربي على تشكيل قوة عربية موحدة للاعتداء على اليمن، مع العلم ان هكذا انجاز لم تحظَ فلسطين بشرف الحصول عليه للدفاع عنها طوال عشرات السنين من الاحتلال والعدوان الاسرائيلي عليها.
-دعم الجماعات التكفيرية لا سيما القاعدة وداعش في اليمن بشكل واضح وصريح، بحجة ان هؤلاء التكفيريين هم أعداء لجماعة “أنصار الله” وللجيش اليمني.
-العمل على تدمير الجيش اليمني كأحد الجيوش العربية بدل العمل على بنائها وتقويتها.
-المساهمة بشكل فعال في تدمير البنية التحتية في اليمن وإنهاء معالم الحياة في بعض مدنه، فقد دمرت العديد من المصانع والمراكز التجارية والموانئ والمطارات والمؤسسات الاعلامية والمساجد والمستشفيات…
-استهداف بعض مصافي النفط واستهداف بعض مراكز حماية هذه المصافي ربما لفتح الباب لايقاع اكبر قدر ممكن من الاضرار في هذه المراكز الاقتصادية المهمة.
هزيمة السعودية في اليمن ستنعكس على بيتها الداخلي
هذا غيض من فيض “الانجازات” التي حققها حتى الساعة العدوان السعودي-الخليجي-الاميركي على اليمن، ولكن كيف يمكن ترجمة هذه الانجازات على ارض الواقع؟ وكيف ستنعكس هذه الجرائم السعودية في اليمن على اليمن اولا وعلى المنطقة بشكل عام وعلى الداخل السعودي أيضا؟
هنا لا بدَّ من الاشارة الى حديث الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مقابلته التلفزيونية الاخيرة مع “الاخبارية السورية” حيث قال “… أنا منذ البداية توقعت الهزيمة للسعودية وهذا سيكون له انعكاس على كل أحداث المنطقة… انا على يقين ان السعودية ستلحق بها هزيمة في اليمن وهذا الامر سينعكس على بيتها الداخلي..”.
فما هي انعكاسات العدوان على اليمن على الاوضاع في المنطقة؟ وكيف ستنعكس هزيمة السعودية والقوة المعتدية التي تحالفها، على المنطقة بشكل عام من جهة؟ وكيف ستكون نتائج هزيمة السعودية على بيتها الداخلي؟
وحول ذلك لفت الخبير في الشؤون السعودية الدكتور فؤاد ابراهيم الى انه “منذ اليوم الاول للعدوان على اليمن تبين ان هناك ارباكا شديدا على مستوى الاهداف، حيث ان هذه الاهداف تبدلت وتغيرت اكثر من مرة فمن الاهداف المعلنة للعدوان استعادة الشرعية، القضاء على جماعة انصار الله ثم خفّض هذا الهدف الى اضعافها، القضاء على النفوذ الايراني، اعادة اليمن الى مرحلة النماء والانماء كما عبّر سعود الفيصل في مجلس الشورى السعودي، حماية حكومة عدن، استعادة السلاح الثقيل الى الدولة”، واشار الى ان “كل ذلك يكشف ان هناك رؤية مسدودة وان التصور مشوش لهذا العدوان وان هناك تشخيصا مضطربا حول اليمن”.
وقال ابراهيم في حديث لموقع “قناة المنار” إن “الهدف الرئيسي من وراء العدوان هو استعادة النفوذ السعودي في هذا البلد لان هناك خوفا من ان يولد او ينشأ يمن جديد حر مستقل يقرر مصيره اليمنيون وهذا ما كانت تخشاه السعودية وهذا ما دفعها لارتكاب هذه الحماقة بالعدوان”، وأعرب عن اعتقاده بان “اليمن اليوم اصبح في مكان آخر ولم يعد بالامكان اعادة عقارب الساعة الى الوراء”، ورأى انه “على السعودية ان تفهم ان تاريخا جديدا يكتب لليمن وعليها ان تتعامل بواقعية واذا ارادت ان تتعايش مع اليمن الجديد وان تحقق مصالحها مع هذا البلد عليها ان تقبل بهذا الواقع الجديد وان تساعد اليمنيين وتلبي احتياجاتهم وتحقق الانماء والتنيمة في اليمن”، داعيا “السعودية لاختيار مقاربة مختلفة للواقع في اليمن غير المقاربات السابقة”.
وأوضح ابراهيم ان “الهزيمة بدأت منذ اليوم الاول للعدوان حينما اخطأت السعودية في تقدير الموقف اليمني حيث ظنّت ان المعادلة الثورية ستسقط سريعا وسيعود منصور هادي الى الحكم وهذه كانت بداية الهزيمة”، واعتبر ان “هناك من وفّر معطيات خاطئة وكاذبة للقيادة السياسية العسكرية السعودية لان واقع الحال أظهر ان هذه القيادة لا تمتلك المعلومات الدقيقة والحقيقية عن اليمن ولم تفهم المعادلة الجديدة التي تشكلت في اليمن منذ العام 2011 وتأكدت في ايلول/سبتمبر في العام 2014”.
وفيما لم يستبعد ابراهيم ان “يكون هناك تكرار للسيناريو الذي حصل مع صدام حسين بالاعتداء على الكويت”، رأى ان “السعودية استدرجت الى الفخ اليمني بمخاوفها وبمعلومات خاطئة، لذلك فالسعودية تشعر انها في مأزق وتريد الانسحاب من اليمن ولكن بشكل لائق لان التحالف الذي تشكل بدأ يتصدع ولان رهاناتهم تخسر ويتاكد ذلك يوما بعد يوم”، واضاف “هم ينتظرون من ينقذهم وربما هم ينتظرون مبادرة ما من جهة ما في هذه المنطقة “، وتابع “اعتقد ان التركي والايراني والباكستاني وربما المصري قد يشاركون في صوغ مبادرة ما وقد يكون الحوار في سلطنة عُمان”.
وحول نتائج هزيمة السعودية في اليمن، قال ابراهيم إن “ابرز آثار الهزيمة ستكون سقوط هيبة الدولة في السعودية وانكسار هيبة النظام لذلك هم يفتشون عن مخرج لائق وعن هزيمة مشرفة حتى لا يفقدوا هذه الهيبة”، وتابع “لكن بمقدار الخطأ الفادح والتاريخي الذي ارتكبوه يجب ان يدفعوا ثمنا من هيبتهم واستبدادهم وعدوانهم وهذه الاثمان ستدفع بالتأكيد”، واشار الى انه “على صعيد المنطقة هناك تحولات والسعودية ليست بمنأى عن هذه التحولات”.
وقد أدرج ابراهيم في هذا الاطار رسالة الرئيس الاميركي باراك اوباما الى دول الخليج والى السعودية بأن “المشكلة داخلية وليست خارجية، فلا تستخدموا ايران شماعة لهذه المشكلة”، واعتبر ان “اوباما كان واضحا ان مشكلتكم مع شعوبكم وعليكم حل هذه المشكلة”، ورأى ان “توقيت تصريح اوباما يحمل رسالة بأن واشنطن ليست بوارد الاصطفاف بجانب هذه الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية حتى في أحلك الظروف فهناك مشاكل داخلية عليها ان تحلها بنفسها من دون التلويح بالخطر الايراني لانه لن يعد ينفع او لم يعد ينطلي على احد”.
وتوقع ابراهيم ان “هناك الكثير من المشكلات التي ستطفح على السطح في الداخل السعودي بعد هزيمة النظام في اليمن منها البطالة والفقر والعوز والفساد المنتشر ناهيك عن داعش والفكر الارهابي”، وتابع ان “الاغلبية الساحقة في السعودية ليست معنية بالحماقات التي ترتكبها الحكومة ويرتكبها النظام الفاسد فهذه الاغلبية معنية بحل مشكلاتها التي صنعها النظام الفاسد”، وأكد ان “هؤلاء الحكام يدفعون وسيدفعون ثمن اخطاء تاريخية واستراتيجية ارتكبوها عبر السنوات الماضية”، ودعا “امراء السعودية لتبديل عقلية صنع السياسات”، ورأى انه “يجب ان تحدث هزّة عنيفة في السعودية كي تصحح هذه العقلية وليعرف هؤلاء الحكام بأن ثمة حاجة ملحة ومباشرة للتغيير وتصحيح العلاقة بين الحاكم والمحكموم”، وأكد ان “الهزيمة في اليمن ستحدث هذه الهزة العنيفة في السعودية بشكل لا ريب فيه”.