حسم تاريخي سوري روسي صيني
صحيفة الديار الأردنية ـ
يلينا نيدوغينا*:
إنه أكبر تجمع حربي قتالي صيني روسي في البحر الأبيض المتوسط منذ بداية القرن العشرين وخواتيم الحرب الكونية الثانية. وربما هو السعي الأوسع في التاريخ البشري بأكمله لهاتين الدولتين لإرسال قطع قواتهما الحربية البحرية الى خارج أراضيهما. فإلى هذا البحر المفتوح، الذي نصفه عربي “قح” في جنوبه، تتجه الآن أو توجد في مياهه أكثر من خمسين سفينة حربية مدمِرة عملاقة، وغيرها من الغواصات الضاربة الكثيرة، تحمل على متنها عشرات الآلاف من قوات النخبة الخاصة لهذين البلدين، ومئات ألوف الصواريخ الاستراتيجية والتكتيكية وتقنيات التنصت عن بُعد والمتابعة وكشف الأهداف وضرب المئات منها بصواريخ موجهّة، الواحد منها متفتت ومنقسم الى مئات صغيرة مُدَمِّرة، قاصمة لظهر العدو البحري والبري والجوي على حد سواء.
يأتي هذا التحرّك الأوسع خلال التوتر الذي وصل الى أقصاه وتشهده شبه الجزيرة الكورية، وتهديدات الزعيم العظيم كيم جونغ وون، بالرد المشروع والقاصم على تطاولات العدو التاريخي الوقح، بضربه في عِقر داره، في عواصمه ذاتها، والتخلّص منه بثوانٍ، وتحويل مدنه وأراضيه الى رماد وسخام لا تصلح للحياة مئات السنين. كما يأتي هذا التطوّر في المياه العربية خلال تحوّلها الى بقعة محروسة روسياً وصينياً ضمن قرار الحسم الاستراتيجي قبيل قمة بوتين اوباما في حزيران المقبل، وهو الحسم الذي اتخذه الجيش والقوات المسلحة السورية، بضوء أخضر روسي وصيني، لتصفية فلول الارهابيين الدوليين، المدعومين من محمية قطر وجوارها وبعض دول الغرب وأمريكا والكيان الصهيوني، الذين عاثوا خراباً في سورية، ويهدّدون فلسطين والاردن ودول المنطقة بالارهاب وقتل الابرياء والعزل، ونشر الفوضى وتفتيت الدول والشعوب العربية والاسلامية الى كيانات هامشية، تعمل على حراسة المصالح الامبريالية والصهيونية، كما يرغبون ويخططون ويهدفون ويعملون منذ عشرات السنين.
في العسكرية الروسية والصينية، يتم حشد السلاح الاكثر تطوراً والمعدات الاكثر فتكاً انتظاراً لحسمٍ في المياه والاجواء وعلى الارض السورية، فالعدو كبير وخطير ومجهّز هو الآخر بسلاح فتّاك، واسرائيل تترصد لضرب سورية ولبنان، وتركيا تتحفز للنيل مِن سورية والدخول الى أراضيها واستعمار حلب ومناطق اخرى، ضمن مُخطّط قديم، ومِن هناك بعد تفتيت سورية كما يريدون، ينتظرون التوّجه الى القوقاز الروسي وتتارستان في قلب روسيا ومناطقها النفطية، ومِن هناك كذلك الى غرب الصين لتفتيته بيد أردوغان الأطلسية، في تفعيل لن يتم لمخطط عالمي خبيث وسرطاني للتخلص من القوى الصديقة والحليفة موسكو وبكين، والسيطرة على كل نفط وغاز العرب، وليس الخليجي فحسب، والبوابة السورية هي مقدمة هذا المشروع الاحتلالي والاستعماري الدولي الكبير، الذي سيُصيب فنزويلا وجنوب افريقيا حتى.
المخطّط الإمبريالي الرجعي الحقير يرمي منذ عشرات السنين، وضمن قولبة الرأي العام العربي والدولي بمشروع “دمقرطة” المنطقة العربية ووسائل إعلامها ونشر المواقع الإخبارية الممولة خارجياً بالألوف فيها، والتي لا رادع يردعها ولا قانون يقوننها، ومن خلال أقلام كتّاب وصحفيين متلّونين يتم أو تم شراؤهم بدولارات أمريكا وشيكلات تل أبيب وغيرها، الى تلطيف صورة الاستعمار والهجوم على موسكو وبكين ودمشق، وتشويه صورة هذه كلها، ومِن رهط هؤلاء، كثيرون يكتبون وينشرون في الصحافة الاردنية والعربية أيضاً، لكن هم وأهدافهم معروفة جداً ومكشوفون للقراء والمواطنين ومجموع الشعب ولأطفاله حتى، فالشعب الاردني مسيّس ويدرك مَن هو مَن، وإن كان البعض مختبئاً وراء أطنان من المساحيق التجميلية، خاصة بعض الصحفيين والإعلاميين مِمَن ينفذون أجندات خارجية قاتلة.
*عضو قيادة الاتحاد الدولي للصحفيين أصدقاء الصين.