جنبلاط يستنتج …لا حل بدون الاسد
صحيفة الديار اللبنانية ـ
اسكندر شاهين:
لا احد يستطيع انكار ان النائب وليد جنبلاط ابرز القرّاء في علم السياسية، بحيث لا تفوته شاردة او واردة وغالباً ما يقارن بين المحطات التاريخية في مسيرة الشعوب وما آلت اليه راهناً ليخرج بمحصلة يبني عليها ارضية مواقفه الصاخبة سواء أكان في المعارضة او الموالاة. فلكل موقع خطابه الجنبلاطي ولكل مكان مقال، واذا كان اهل السياسة يأخذون عليه نحن المباغتة في اللعبة السياسية من زاوية سرعة انعطافاته، فإن الاستدارة فن اتقنه الرجل المعروف في حياته الشخصية انه يعشق القيادة بسرعة «ولف الاكواع» الخطرة وربما شغفه في قيادة الدراجات النارية في مطلع شبابه كانت نتائجه «تفننه» في المغامرة ناقلاً ما خبره الى عالم السياسة مع تعديلات بسيطة في لعبة فن الممكن وفق الاوساط المواكبة لزعيم المختارة.
وتضيف الاوساط نفسها انه عندما اعلن جنبلاط خشيته من «لبننة» الاتحاد السوفياتي ابان «البريسترويكا» التي قادها غورباتشيف ضحك معظم اهل السياسة وحتى مواقع القرار الدولية من كلامه ولم يطل الامر الا وحدثت قراءة جنبلاط فانفرط عقد الاتحاد السوفياتي منهياً قاعدة الثنائية العالمية لتنفرد واشنطن بادارة العالم قبل ان تستعيد روسيا قواها وتضرب على الطاولة في مجلس الامن معلنة انها البديل عن الدب السوفياتي وانها شريك اساسي في ادارة الازمات الدولية لا سيما بعدما اخرجتها الدول الغربية من الثورة الليبية خالية الوفاض والمكاسب ما دفعها الى التمسك بالورقة السورية حتى ولو ادى الامر الى نشوب حرب عالمية ثالثة.
لم يكن جنبلاط بعيداً عن الصورة فزار روسيا متمنياً على وزير خارجيتها بحكم العلاقة التاريخية بين المختارة والكرملين التوقف عن دعم النظام السوري الذي يكن له «ابو تيمور» فائضاً من الحقد والكراهية من اغتيال والده الشهيد كمال جنبلاط حيث يحمل الرجل المسؤولية للمخابرات السورية ويتهمها بعملية الاغتيال، وبلغ حقده على دمشق درجته القصوى اثر اغتيال الرئيس رفيق الحيري الذي باح له بما حصل في لقائه الاخير مع الرئيس السوري بشار الاسد وقد اعطى لجنة التحقيق الدولية افادته بذلك ليقطع آخر خط يربطه بدمشق، الا ان الظروف فرضت عليه ترميم جسوره معها عندما شعر بأنه بات بلا سقف يقيه مطر الاغتيالات الذي كان ينهمر في تلك المرحلة على الساحة المحلية وجاءت احداث 7 ايار ليلمس بأن طائفته باتت في خطر وانه مسؤول عن ذلك بحكم القيادة التاريخية للجنبلاطيين للطائفة الدرزية لا سيما ان إصرار جنبلاط عبر وزرائه في القرار الذي صدر آنذاك عن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة والذي استهدف فيه سلاح الاشارة في المقاومة اللبنانية كان المسؤول الاول عنه فأشعل شرارة الاحداث التي اطفأها «مؤتمر الدوحة»، وعاد جنبلاط الى الحضن الدمشقي اثر المساعي والوساطات التي تولاها «حزب الله» والوزير وئام وهاب ولكن الجراح بين الطرفين ختمت على زغل وجاء «الربيع العربي» لينعش جنبلاط الذي اعلن انه ينتظر جثة عدوه على ضفاف النهر معلناً وقوفه الى جانب المعارضة السورية مطالباً دروز جبل العرب بعصيان الاوامر العسكرية والالتحاق بالثورة.
ولعل اللافت وفق الاوساط المواقف المستجدة لجنبلاط حيال «الثورة السورية»، فقد انتقل من مقولة دعم المعارضة السورية الى الكلام عن «الحياد» في الشأن السوري، وكان بارزا في موقفه الاسبوعي معلقا على استهداف قيادة الاركان السورية بأنه يجب الفصل بين بطولات الجيش السوري وما لهذا الموقع من رمزية وبين النظام السوري. فهل قرأ جنبلاط رياح «طائف» سوري يملي عليه اعادة ترتيب اوراقه بعد انتقال قيادة «الجيش الحر» من تركيا الى سوريا وان الحل سيكون مع الاسد وليس بدونه.