جعجع… تآكل أهميته السعودية
صحيفة البناء اللبنانية ـ
يوسف المصري:
كشفت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن زيارة رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع إلى السعودية جاءت بناء على إلحاح من الرئيس سعد الحريري الذي أخرج مشاهدها مع الأمير بندر بن سلطان الذي عادت إليه بعض فعالياته في الملف السياسي اللبناني. وبحسب هذه المصادر فان الحريري تقصّد أن تتزامن زيارة جعجع مع زيارة النائب سامي الجميّل إلى جدة. والسبب في ذلك محاولة الإيحاء لجعجع بأنه متساوٍ في علاقته مع السعودية مع بقية أقطاب موارنة «14 آذار». وتتحدث هذه المصادر عن اتصال هاتفي جرى بين الحريري وأمين الجميّل عشية زيارة نجل الأخير إلى السعودية، وتمّ الاتفاق على إبقاء هذه المكالمة طي الكتمان.
وتلاحظ هذه المصادر أن كلاً من سعد الحريري وبندر لديه مصلحة كبيرة في التمديد لمجلس النواب وذلك من باب حرصهما على إبقاء حكومة تمام سلام لأطول فترة في الظروف الراهنة فبندر يعتبر أنه هو الذي سمى سلام لرئاسة الحكومة وأن وصوله إلى السراي الحكومية هو أحد إنجازاته الشخصية، في حين يرى الحريري أن سلام هو أكثر شخصية سنية تتكيّف مع مراعاة زعامته وليست لديه طموحات للحلول مكانه على المدى البعيد.
وتتوقف هذه المصادر عند لقاء جمع الثلاثة في جدة: الحريري وبندر وجعجع، وتمّ خلاله تطويع جعجع لجهة مطالبته بمراعاة الحسابات العليا التي يتمّ من خلالها النظر للاستحقاقات اللبنانية. وطلبا منه إيجاد مخرج لموقفه المعارض للتمديد وأيضاً ضبط مواقفه اللبنانية على نبض ساعة المعركة الكبرى التي تخوضها السعودية في المنطقة، والتي يملك الحريري الكثير من كلمات السر الخاصة بها.
وتميل هذه المصادر إلى اعتبار أن زيارة جعجع الأخيرة جاءت في أجواء مغايرة لتلك التي قام بها قبل عام. ففي هذه الزيارة تمّ تقصّد تحميلها بالشكل إيحاءات بأنه ليس المسيحي المفضل للسعودية. وتم التعبير عن هذه الرسالة من خلال تزامن زيارته مع زيارة الجميّل الابن. وأيضاً بالمضمون تم جعل زيارة جعجع هذه المرة تتم في كنف الحريري، ما يوحي بأنّ بندر، وبطلب من سعد، أراد إفهام «الحكيم» أن ظروف تمييزه اختلفت وأن المرحلة الراهنة تقتضي أن يكون أكثر استماعاً إلى رئيس تيار المستقبل.
ما الذي اختلف؟
أولاً – ظروف المنطقة وعلى رأسها نقص الاهتمام الدولي بلبنان وبالأساس تراجع الاهتمام الدولي بمسيحيي الشرق.
ثانياً – لقد ثبت للسعودية أن جعجع لا يستطيع أن يقدم شيئاً على مستوى التأثير على مسيحيي سورية، خصوصاً لجهة جعلهم ينحازون ضد النظام. ويبدو أن جعجع كان وعد سابقاً بالقيام بدور من هذا القبيل.
ثالثاً – ظهور الجنرال ميشال عون بوصفه بيضة قبان الموقف المسيحي في لبنان، وأن 99 في المئة من أوراق الاستحقاق الرئاسي هي في يده. وهذه المعادلة قادت أيضاً إلى التقليل من أهمية جعجع في نظر المملكة.
رابعاً – يبدو أن الحريري عرف كيف يردّ الصفعة داخل السعودية إلى جعجع الذي كان تمادى في الأعوام الأخيرة بتجاوزه في علاقته مع السعودية، وذلك من خلال عدم احترام خصوصية العبور من مدخله للتواصل معها.