ثورة 17 تشرين: صوّبوا البوصلة
موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريا:
بداية نحن مع صرخة الناس من وجعها، ونحن منهم ولكن…
هناك الكثير من العوامل والأمور التي لا بدّ من أخذها بعين الإعتبار والتوقّف عندها لما لها من أهمّية وتأثير في الواقع الفعلي على البلد.
أي مشكلة عادية مهما كانت بسيطة لا يمكن أن تحل إذا لم ينظر إليها بموضوعية، وشمولية، وأحيط بكل جوانبها، حتى يكون الحل فعّالاً وناجعاً، ولا بدّ من النظر بالأسباب وليس السبب المباشر فقط، فكيف إذا كانت المشكلة هي مشكلة بلد، ومبنية على تراكمات مزمنة؟
لا يمكن أن نحل مشكلة الحاضر إذا لم ننظر إلى الماضي، ونفهم أساس الخطأ، كيف وصلنا إلى هنا؟ ولماذا وصلنا إلى هنا؟
هذا البلد ومنذ أن وجد أسّس على مبدأ الطائفية والمحاصصة في الدولة، مع الأخذ بعين الإعتبار أن الناس مثقفون، واعون، ينبذون الطائفية، لكنها تفعل فعلها بهم، لأن الوظائف ارتبطت بها، والتقسيم المذهبي والطائفي متحكم بها أيضاً. والجميع يعلم أن لبنان دائماً كان ولا يزال تحت التأثير الخارجي بخاصة الأمريكي بحكم وجوده على الحدود مع الكيان الصهيوني الغاصب، حيث تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لحماية هذا الكيان بشتى الطرق والوسائل.
التراكمات جاءت بسبب الضغوط والحروب وتولي الفاسدين السلطة (إلا ما رحم ربي) ومنهم من رهن سياسة البلد للخارج، الذي لا يريد أن يقوم للبنان قائمة، وبعد الإنتصارات الأخيرة على الكيان الغاصب، خاصة في لبنان وسوريا، والخسارة العسكرية المهينة أمام قوة خط المقاومة، كان لا بد من تدمير هذا البلد من الداخل، وقتل أحلامه وكل طموحاته.
بلد منتصر كان يجب أن يكون منصرفاً إلى بناء ذاته ليكون الأفضل والأجمل، لكن أنّى له هذا وأيادي الشيطان تعبث به؟
بذلوا جهوداً كبيرة لتجفيف مصادر التمويل للمقاومة، فصبرت، ولم تئن.. فوجدوا أن الأمر ليس كافياً، فبذلوا قصارى جهدهم لخنق كل من يمكن أن يسكت عن وجود المقاومة، وليس فقط من هو معها أو مؤيد لها، بل اتبعوا سياسة تجويع الشعب بأكمله!
وفي المقلب الآخر، السعودية أيضاً بمأزق مالي كبير، بسبب حروبها الظالمة على اليمن وغيره، وبسبب جشع الرئيس الأمريكي فلم تعد قادرة على الدعم المالي لمؤيديها.. مما جعل سياسة التجويع تطال الجميع، موالياً ومعارضاً، فكانت الصرخة المدوية من الجميع بوجه الفقر والجوع!
هذا ما أسّست له أمريكا وما سعت إليه بقوة، ساعدها على ذلك جشع من في السلطة، الذي نهبوا المال العام، بدلاً من أقامة مشاريع تساعد الناس، وبدلاً من اعتماد سياسة إقتصادية ناجعة تنقذ البلد أمام المخاطر التي تتهدّده، ساعدوا على إفقار البلد ووضعه تحت مديونية ظالمة لا تحتمل؛ في الوقت الذي كان بإمكانهم تفادي هذه المخاطر فيما لو عملوا بصدق، واستثمروا الانتصارات ليبنوا بلدا قوياً عسكرياً واقتصادياً، بقي جزء من هذا البلد على ولائه الأعمى لمن يريد تدميره فأوصلوا الشارع إلى هنا.
هذا الجزء الأعمى أو المتعامي ظهرت شعاراته عندما أراد قادته ركوب موجة الثورة، لتنفيذ المآرب التي لم يتمكن العدو الصهيوني من تنفيذها، وباتوا بالشارع يندّدون بكل ما له صلة بخط المقاومة، مفتعلين الفتن داخل هذا الحراك، وهم بذلك يسخرّون وجع الناس الحقيقي لغاياتهم الدنيئة التي أصبحت مكشوفة، لكن للأسف، كثيرون وإن كانوا صادقين بوجعهم، لا يعرفون سوى هذا الوجع، فتديرهم شبكات إعلامية مسيسسة مموّلة للوصول إلى الغايات المشبوهة لهؤلاء الفجرة.
الناس ليسوا سياسيون، ولا متابعين للسياسة في زمن يعمل الأب والأم طوال النهار لتأمين معيشة عائلتهم، وهم بالتالي غير مدركين لما يحاك من أخطار، والبعض يظنّ واهماً أنه يستطيع بناء نظام جديد أو حكم جديد، هذا حلم نعم، لكن إذا أفرغوا السلطة الآن فعهد الوصاية آت لا محالة من قبل أعداء هذا الوطن، الداعمين للصهاينة الذين عاثوا فساداً وإفساداً وقتلاً وتدميراً بشعب لبنان، وبدأنا نسمع من هنا وهناك من يطالب بسحب سلاح المقاومة الذي حرّر هذا البلد وأعزّه، والتحريض على رموزها!
لذا… لا بدّ لهذا الشعب المناضل المتألم، الصادق، أن يقف لحظة تأمل مع نفسه، ويعيد حساباته، وينظر في ماضيه، ثم في الآتي من الأيام، وليحسب حساب المستقبل وما هي إمكانية وجوده؟
كلمة صغيرة للمنتفضين:
المجتمع الدولي المحكوم من امريكا لو كان بإمكانه رفع الظلم عنكم لرفعه عن غيركم من الشعوب المقهورة التي تباد يومياً بأسلحة أمريكية، وتحريض صهيوني، ولولا قوة المقاومة ما انتظروا حتى الآن، وعدوان تموز يشهد.
لبنان لا يمكن أن يكون محايداً، وسقوط العهد خطوة نحو مجهول أسود، لكل الشرفاء الموجوعين ونحن منهم نقول، صوّبوا البوصلة، لتكن نحو المحاسبة وتفعيلها، وملاحقة الفاسدين، واسترداد أموال الدولة المنهوبة، وليكن هذا طرحكم، وغير ذلك سيساهم بعلمكم أو بغير علمكم في إيصال أعداء الوطن إلى مآربهم.. إفراغ البلد من السلطة والدخول في المجهول.
عشتم وعاش لبنان حراً، أبياً، مقاوماً.