ثورة تحت الرماد …
موقع إنباء الإخباري ـ
حسن ديب:
قلة هم المدركون لحجم القلق السائد في حدود مملكة آل مرخان (المملكة السعودية) ، فقد يتوهم البعض بأن حكم العائلة الواحدة يمنحها القدرة على ضبط إلايقاع في شبه الجزيرة، تحت شعار التفاف العائلة المرخانية حول المُلك والإنسجام القائم في الظاهر بين أفراد الأسرة المالكة.
ولكن الظاهر شيء، وما تخفيه الأموال السوداء شيء آخر. فقد أشرنا منذ مدة إلى النزاع القائم خلف كواليس الحكم بين رأس الحكم (الملك ومن يدفع كرسيه المتحرك) وبين من يمسك بزمام السيطرة على المملكة بشكل واضح (بندر بن سلطان ومعه الطامحون بالوصول الى عرش الحكم الفعلي). وهذا النزاع وإن كان حتى هذه اللحظة لم يظهر للعلن بشكل واضح، إلا أنه من المتوقع ظهوره بعد رحيل عبد الله بن عبد العزيز، الذي لا يخفى على أحد حجم الأزمة الصحية التي يعاني منها منذ مدة طويلة.
وهذا النزاع هو نزاع مفترض في نظام ملكي يقوم على انتقال السلطة بشكل هرمي يرتبط بعامل السن بشكل مباشر وبعامل البرنامج السياسي وارتباطه بالغرب بشكل مباشر أيضاً.
ومن الأمثلة على هذه النزاعات في أنظمة الحكم الملكي ما حصل في الأردن قبيل رحيل الملك حسين عندما تم إقصاء أخيه الأمير الحسن عن ولاية العهد وتنصيب الملك الحالي ولياً للعهد، علماً بأن الدستور الأردني لا يسمح بوصول ملك الى العرش ما لم يكن عربي الوالدين (الملك عبدالله بن الحسين من أم بريطانيا). ولكن نظراً لإرتباط الملك عبد الله بن الحسين بالإدارة البريطانية تم اختياره ملكاً على الأردن، ولا زالت النزاعات قائمة داخل أروقة القصر حتى الساعة لما حصل من تحول بعد أن قام عبد الله بن الحسين بإبعاد الأمير حمزة شقيقه لأبيه وتنصيبه ابنه ولياً للعهد .
وبالعودة الى المسألة المرخانية، فإن ما يحصل اليوم في الشارع الحجازي ليس مسألة خلاف على السلطة فقط ، بل أننا بدأنا نتحسس حراكاً شعبياً حقيقياً مناهضاً للسياسة المرخانية المتبعة في المنطقة، وخاصة تجاه التدخلات المرخانية في الحرب السورية، وهذا أيضاً مرتبط بالنزاع السلطوي، فإن اليد البندرية وأجهزتها المخابرتية لا توفر جهداً من أجل مد الصهيونية الإسلامية في سوريا بالمال السعودي وبالمقاتلين من أبناء المملكة، وذلك تنفيذاً للمشروع اليهودي الأمريكي، بهدف إظهار بندر بن سلطان بمظهر الرجل القادر على ادارة المملكة والمنطقة بشكل يتناسب مع إرادة أسياده ومشغّليه. ولكن حساب الحقل قد لا يتطابق مع حساب البيدر في هذه المرة، والسبب في ذلك هو أن السواد الأعظم من مجتمع الجزيرة قد بدأ يشعر بحجم الخسارة المادية والبشرية في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، وقد بدأت أصوات العائلات التي فقدت السيطرة على ابناءها ممن استطاع بندر شراء عقولهم وقلوبهم بماله الأسود وإرسالهم إلى سوريا للقتال تحت راية الصهيونية الإسلامية بالإرتفاع، وهي أصوات تطالب بوقف هجرة الموت التي ضربت أبناءها، وذلك بعد أن أدركوا بأن الحرب في سوريا هي حرب الحق السوري في مواجهة الباطل اليهودي، وأن نهاية المعركة هي انتصار الحق على الباطل.
هذه الأصوات قد ارتفعت فعلاً، وهي صرخة بدأت تهز البيت المرخاني، حتى وإن حاولت أيادي بندر إسكاتها قبل أن تصبح صرخة علنية، فلن تستطيع إلى ذلك سبيلاً، فإن من يستقبل جثمان ولد يعرف حق المعرفة أنه قُتل وهو على باطل، لن يسكت لينتظر جثمان ولد أخر.
إن السعودية اليوم ليست كما كانت في أي يوم أخر، فهي في انتظار مصير السقوط المحتم، فإما انهيار داخل العائلة المرخانية يؤدي إلى حرب داخل العائلة الواحدة، وإما ثورة جماهيرية تقضي على فساد آل مرخان وعلى عهرهم السياسي وتخاذلهم وعمالتهم.
هو اليوم الأسود الذي تنتظره العائلة السوداء.
وهي ثورة تحت الرماد لم يبقَ لها إلا قليل من الزمن لتصبح ثورة فوق الرماد وفوق رؤوس العائلة المرخانية، هي ثورة لا بد لها إلا أن تظهر للعلن وأن تجاهر بمطلبها بالابتعاد عن الحرب السورية لكي تضمن حياة أبنائها.
فإما أن ترضخ المرخانية العميلة لمطالب أهل الجزيرة، وإما هي الثورة.
الثورة تحت الرماد فعلاً ، الوقت هو الفيصل في تاريخ آل مرخان …