ثلاث سيناريوهات لمرحلة ما بعد البيان الوزاري
أنطوان الحايك –
موقع النشرة الإخباري:
لم تكن النتائج التي أفضى اليها اجتماع لجنة صياغة البيان الوزاري الأخير بالمفاجئة، بالنسبة لسياسي محنك متابع للملفات الداخلية وارتباطاتها بالخارج، كاشفاً أن العقدة الأساسية التي تحكمت بالبيان المفترض ليست في عبارة أو تعبير أو مضمون، بل أنها قرار خارجي بامتياز لوضع اليد على مفاصل المرحلة المقبلة في ظل صراع دولي اقليمي على تفاصيل الاستحقاق الرئاسي المقبل والحلول المقترحة لتمريره، فالسعودية وفرنسا ترغبان بالتمديد للرئيس ميشال سليمان، وهما يعملان كل من موقعه على اخراج هذا السيناريو، فيما تريد واشنطن التغيير لملاقاة مشروعها المعد للمنطقة برمتها، بينما ترى روسيا وايران أنه من الأجدى الانتظار قليلاً ريثما يتبلور المشهد الدولي الاقليمي حول الأزمة السورية ومصير الدول التي تتلقى تداعياتها.
ازاء هذا التضارب بالمصالح، يرسم السياسي ثلاث سيناريوهات للمرحلة الراهنة، أولها تكثيف الاتصالات الخارجية للوصول إلى تسوية ربع الساعة الأخير بشأن البيان الوزاري، بحيث تعطي الاتصالات والضغوط مفاعيلها لاقرار صيغة ترضي الفريقين، وإن كان من الصعب الوصول إلى هذه الضيغة في ظل اصرار رئيس المجلس النيابي نبيه بري و”حزب الله” على ذكر المقاومة بشكل لا لبس فيه ولا مجال للعب على الكلام من حيث مضمونه، في مقابل اصرار فريق الرابع عشر من آذار على عكس ذلك، بيد أنه ينتظر مثل هذه اللحظة للعودة إلى الساحة اللبنانية عموماً من بوابة الهجوم المبطن على سلاح “حزب الله”، في وقت بات فيه مطلوباً رأس الحزب في لبنان وسوريا على حد سواء لا سيما بعد نجاحه في قلب موازين القوى على الساحة السورية.
أما السيناريو الثاني وهو الأكثر ترجيحاً بالنسبة لتطور الظروف السياسية في لبنان والمنطقة، فهو اعلان رئيس الحكومة تمام سلام عن فشل حكومته في الوصول إلى صيغة للبيان الوزاري يعقبها فوراً باستقالته ليعيد بذلك الأزمة إلى دائرة البحث عن شخصية جديدة لتكليفها تشكيل الحكومة، وهنا لا بد من الاشارة إلى أن مثل هذه الخطوة تمهد بشكل جدي لتسمية النائب سعد الحريري لتشكيل حكومة انتقالية تأخذ على عاتقها تمرير الاستحقاق الرئاسي تمديداً أو انتخاباً لرئيس جديد، في ظل معطيات سياسية جديدة فرضتها اللقاءات والاتصالات الأخيرة التي نشط الحريري على خطها وأبرزها الاجتماع برئيس تكتل “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون وتوجيه رسائل ايجابية المضمون لـ”حزب الله”، فضلاً عن اتصالات ورسائل متبادلة مع بري عبر البوابة الجنبلاطية بحيث يبقى القرار الدولي والاقليمي باخراج هذه الخطوة عن مسار السرية واعلانها على شكل تكليفه بتشكيل حكومة جديدة.
السيناريو الثالث والأكثر ترجيحاً، نظراً للظروف والتداعيات المتسارعة الناجمة عنها، فهو تحويل حكومة تمام سلام إلى حكومة تصريف أعمال، في ظل فوضى سياسية وتشريعية من المرجح أن تتقدمها الأحداث الأمنية التي قد تنجم عن معركة يبرود حيث يعود الامن إلى الواجهة، من خلال مواجهات سياسية وميدانية مع الجيش اللبناني للوصول إلى نهاية المهلة الدستورية، حيث يعمد الرئيس العماد ميشال سليمان حينها إلى اعلان حالة الطوارىء الأمنية، وإلى تكليف الجيش اللبناني بحفظ الأمن وحماية السلم الأهلي لتمرير مرحلة الفراغ بأقل أضرار ممكنة يصار بعدها إلى بلورة تفاهمات سياسية جديدة تأتي بتركيبة تتماشى والمشاريع المعدة للمنطقة.