تفجيرات برزه: لن تقووا علينا
موقع إنباء الإخباري ـ
دمشق ـ المحامية سمر عبود:
اصطفوا جموعاً من الرجال الشيوخ والاطفال مساء ليلة أمس كي يتزودوا بالمازوت،البرد يخترق أجسادهم المنتظرة منذ ساعات، كلهم على أمل أن ينتهي هذا الانتظار، هل ستقتلهم ساعات البرد والوقوف؟
أمسوا يعرفون بعضهم بعضاً ويتبادلون السلام في كل ليلة، هل توقعوا أن يأتي اليوم الذي يصطف فيه رجال سوريا هكذا؟ لا أعتقد، حتى في أسوأ الكوابيس.
الأزمة، والعقوبات التي صدرت من منظمات تعنى بحقوق الانسان، ومساعي دول “شقيقة” أدت الى هذا الحال.
قرابة عامين مرا على هذا، ما زالوا صامدين.
تمر الساعات، الأطفال يركضون ويلعبون، يقضون ساعات الانتظار، والرجال يتسامرون , يقولون حتى متى ؟؟
تمر مركبة تحمل الموت، انتحاري، حمل على جسمه أداة القتل، بعد أن جاء قاصداً هذا المكان، أكبر محطة وقود في الشام، برزه، ليجمع أكبر عدد من “الشبيحة” في ميزان حسناته لـ “إله” أجهله، “إله” الكفر والقتل.
قولوا لي باي دين تدينون؟؟؟ وأي إله تعبدون؟؟؟
ويل لكم بماذا ستبررون فعلتكم ؟؟
بأي ذنب قُتل الأب الذي تسمّرت رجلاه من طول الانتظار، ولم يمل. يجب أن يعود بالقليل من الوقود، فأطفاله ينتظرون؟
وذلك الشيخ، ما ذنبه؟ إبنه مصاب برصاص الحرية، ويقبع في الفراش منذ أشهر. مهمة تزويد البيت بالمازوت باتت على كاهله المتعب، ورجلاه التي لا تقويان على الوقوف، وما ذنب ذلك الطفل الذي أبى إلا أن يرافق جده؟؟؟
وهذا وهذه ؟؟؟
جثث تفحمت، حرقت، تدفأت على وقود الحرية المزعومة. جثث تناثرت على أرض سوريا، أرض الخير. جثث توافدت إلى البيوت.
في أحد البيوت بنت صغيرة ترى جثة هامدة. الجميع يبكي ويولول، يقولون لها أبوكِ شهيد، إلا هي.. تأبى أن تصدق. لا، أبي لم يمت. مصرّة هي. ذهب ليأتي ببعض المازوت.
قلت له: أبي، جسدي الصغير يشعر بالبرد، فذهب ليأتي به، سيأتي بعد قليل، حتى لو تأخر سيعود، وعدني أن يعود.
تدخل غرفتها مسرعة، ترفض المعزين والمولولين، تصرخ: أبي لم يمت.
تحضر دفتراً صغيراً من حقيبتها، وتكتب: أبي هذا ليس أنت، من هذا يا أبي ؟؟ أنت لم تؤذِ أحداً يوماً قلبك طيب، “حبّاب أنت يا أبي”، أيعقل أن تموت بهذا الشكل؟
لا لم تمت، لن أزعجك بعد الآن يا أبي، وأخي الصغير وعدني أنه لن يفعل هذا أيضاً، لن نصدر أصواتاً عالية حين تأخذ قسطاً من الراحة.
تغلق غرفتها وتبكي، وتقول له: أبي، عد إليّ يا أبي…. ويخمد البكاء صوتها الصغير المستجدي.
هناك في بيت آخر، أب يرفض أن يصدق أن ابنه الذي يبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً، تفحم جسده الفتي، ولم يعد يستطيع أن يرى ملامح وجهه الجميل.
وهنالك زوجة تبكي زوجها، وتربت على طفلها الذي لم يرَ النور بعد.
أسرعت قناة العربية لبث الخبر كعادتها، فهي سباّقة. وهكذا كان نص الخبر: أن “النظام” قصف المدنيين وهم ينتظرون للتزوّد بالمازوت.
لكن يا للخسارة، أتى “الجيش الحر” ليعلن تبنيه “العملية النوعية”.
تخضبت وجنات المذيعين. ماذا يقولون الآن؟ لا لن يقولوا شيئاً.
بث السموم باتت موضة العصر، من قنوات تتغذى بدماء السوريين، والعربية واحدة منهم، وهم كثر.
إلى أين انتم ذاهبون بسوريا؟
ألم يشبع دراكولا النفط بعد من دماء السوريين؟
ألم تبرد أطرافكم خشيةً من الله؟
ألم تتدفأوا بعد من حريق أجسادنا؟
يقول الإنجيل في الوصايا العشر: لا تقتل …
ويقول الإسلام: بشّر القاتل بالقتل لو بعد حين.
أما “إلهكم” فبتّ أعرف ماذا يقول: أقتل إذبح إسحل، والله أكبر أكبر ….
لا تقلقوا علينا فدماؤنا الزكية تروي ظمأ العطاشى للكرامة والانسانية.
دماؤنا تروي ظمأ هذه الأرض الفتية.
لن تقووا علينا
للحديث بقية
سورية اليوم إلى أين