تفاقم أزمة المحروقات في أميركا: الأسوأ قادم لا محالة
موقع العهد الإخباري-
د. محمود جباعي:
تستمر تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية بالتأثير سلبًا على مكونات الاقتصاد العالمي. وبعد مرور أكثر من شهر عليها بدأت تصل تداعياتها الى قلب الولايات المتحدة الأميركية نفسها التي كانت سببًا رئيسيًا بإشعال الفتنة التي مهّدت إلى بداية المعركة الدائرة على الأراضي الأوكرانية حاليًا.
ومع استمرار الحكومة الروسية برفع منسوب التحدي عبر مواجهة العقوبات الغربية والأميركية بعقوبات مماثلة لا تقل حدّة عن العقوبات المفروضة عليها، وبعد اتخاذ موسكو عدة قرارات وإجراءات لمنع تأثير العقوبات على اقتصادها المحلي بدءًا بتغيير نوع العملة المعتمدة في مبادلات الغاز التجارية من دولار الى روبل، وصولاً الى التأثير المباشر للحرب على أسعار النفط والغاز عالميًا، اشتعلت أسعار المحروقات في أوروبا والعالم حتى وصل لهيب ارتفاع الأسعار الى داخل الولايات المتحدة الأميركية مما خلق حالة من التذمر والهلع عند الحكومة الأميركية لعلمها المسبق بخطورة هذا الأمر على اقتصادها لناحية ارتفاع منسوب التضخم المالي الذي تعاني منه أميركا في الأصل وصولًا إلى التأثير المباشر على القدرة الشرائية لدخل المواطن الأميركي.
بايدن يقرر سحب مليون برميل من احتياطي النفط يوميًا
من أبرز تداعيات الحرب الحالية اضطرار الرئيس الأميركي جو بايدن الى استخدام احتياطي النفط الأميركي على نحو غير مسبوق في محاولة بائسة من الحكومة الأميركية للجم الارتفاع المطرد والمتزايد لأسعار المحروقات في السوق الأميركي، حيث أعلن الرئيس الأميركي أمس أن الحكومة الأميركية تعتزم استخدام نحو مليون برميل نفط يوميًا لمدة 6 أشهر أي بمعدل يصل إلى حوالي 180 مليون برميل نفط في طول المدة وهو ما يعبر عن حجم المأزق الكبير الذي دخلت فيه الدول الغربية ومعها الولايات المتحدة الأميركية التي بدأت كما كان متوقعًا باتخاذ إجراءات لحماية اقتصادها المحلي وقدرة مواطنيها الشرائية.
كذلك، بدأت الولايات المتحدة بالمسّ باحتياطاتها الاستراتيجية من أجل توفير السلع لمواطنيها فقط دون الاكتراث الى وضع حلفائها في العالم وخاصةً الأوروبيين الذين لا يمتلكون مخزونًا احتياطيًا كبيرًا يكفيهم لتخطي أزمة المحروقات من بنزين ومازوت وأزمة الطاقة بفعل شح الغاز والنفط اذا ما طال أمد الحرب وتوقفت روسيا عن إمدادهم بالمواد بشكل يومي. بناءً على هذه المعطيات يتضح لنا بصورة غير قابلة للشك أن الولايات المتحدة دخلت فعليًا في بداية مرحلة أزمة المحروقات والتي ستستمر مع ارتفاع منسوب الحرب الدائرة حاليًا ومع الصمود الروسي بوجه العقوبات الغربية عبر توجيه روسيا لسهامها الاقتصادية أيضًا الى قلب العالم الغربي.
الأزمة ستستمر وتتفاقم داخل الولايات المتحدة
في ظل ارتفاع أسعار المحروقات وخاصةً البنزين داخل أميركا يتوقع معظم الخبراء الاقتصاديين داخل الولايات المتحدة استمرار ارتفاع الأسعار بشكل تدريجي حتى بعد الاجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الأميركية، وقد يصل سعر البنزين الى حدود 8 دولارات للغالون الواحد اذا ما تفاقمت الأزمة علمًا أن البنزين يباع بالغالون على محطات الوقود في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تبلغ سعة الغالون الواحد حوالي 3.78 ليتر من البنزين، أي أنه بحسبة بسيطة سوف يتخطى سعر صفيحة البنزين في أميركا مبلغ الـ 40 دولارًا في القريب العاجل، علمًا أن الأسعار اليوم أصبحت قريبة جدًا من هذا الرقم. سعر الغالون قبل بداية الحرب كان بحدود 3 دولارات أي بمعدل 16 دولارًا لكل صفيحة بنزين واليوم يباع الغالون الواحد بسعر 6 دولارات أي بحدود 32 دولارًا لكل صفيحة بنزين.
إن هذا الارتفاع بأسعار المحروقات سوف يزيد من معدلات التضخم في الولايات المتحدة وبالتالي سوف يبدأ المواطنون الأميركيون بالشعور بتأثير ارتفاع مختلف السلع الاستهلاكية في حياتهم المعيشية اليومية.