تطبيع آل خليفة: لا جدوى سوى المذلّة
موقع العهد الإخباري-
لطيفة الحسيني:
ثلاثُ سنوات مرّت على اتفاق التطبيع بين البحرين والكيان الصهيوني. الشعب مُناهضٌ ومُعارضٌ ومُمانع لأيّ علاقة مع الاحتلال، لكن النظام في مكانٍ آخر، حساباتُه وأجندته تقوده الى مصافحة الأعداء تحقيقًا لفائدة لا يراها سواه. الجدوى محصورة بآل خليفة.
صحيحٌ أن عُمر المعاهدة لا زال قصيرًا، غير أن الخيانة لا تحتاج الى عقودٍ وأزمنة كي تُكشتف فداحتها وزيْف تبريراتها. أهمَل النظام الحاكم في المنامة أزمته السياسية العميقة المستمرة منذ عام 2011، والهموم المعيشية المُتفاقمة والضرائب والبطالة التي تؤرق المواطن، واختار التركيز على جانب واحد: الحضن الاسرائيلي متخذًا إيّاه سندًا بوجه شعبه.
رشاقة مُنقطعة النظير ظهرت في طريقة تعاطي السلطة مع الصهاينة منذ إبرام معاهدة الذلّ. عشرات الاتفاقيات الثنائية من الاقتصاد الى التعليم الى الاستشفاء وقّعها الجانبان، لكنّ الأرقام المتداولة لحجم التبادل التجاري تؤكد أن فتح القنوات على الاسرائيليين لم ينهض بالاقتصاد المحلي كما حاولت الدعاية الرسمية الإيحاء.
ماذا جنى النظام البحريني من التطبيع اذًا؟ حسن المرزوق، الأمين العام لجمعية التجمع الوحدوي، وعضو المبادرة الوطنية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني التي تضمّ أكثر من 20 جمعية محلية متنوّعة، يتحدّث لموقع “العهد” الإخباري عن اتفاق “أبراهام” وما أنتجه عمليًا في المملكة ويغوص في كيفية التصدّي لهذا المشروع الخطير في أصغر البلدان الخليجية.
لا فائدة مرجوّة أو مُحقّقة
يقول المرزوق لـ”العهد” إن “النظام لم يجنِ من التطبيع سوى الغضب والحنق الشعبي، فكلّ البحرينيين ضدّ هذا الخيار بشكل كامل. هؤلاء لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يقبلوا بالمشروع التطبيعي، لذلك تخرج المسيرات والفعاليّات بشكل مستمرّ، وآخرها توقيع المبادرة الوطنية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني التي تضمّ جميع أطياف الشعب وجمعيات المجتمع المدني، وهؤلاء يصدرون على الدوام بيانات ضدّ الحركة التطبيعية وآخرها فيما يخصّ قدوم وزير الخارجية الاسرائيلي الى المنامة حيث عارضت زيارته وطالبت بطرده”، ويرى أن “لا فائدة مرجوّة من التطبيع على المستوى الشعبي”.
ويُشير الى أن “أصغر رجل أعمال بحريني أو اقتصادي محلي يُدرك أن ليس هناك أيّ قرب جغرافي بيننا وبين الكيان المحتلّ وليس هناك مصالح مشتركة يمكن أن يستفيد منها النظام أو حكومة العدو على حدّ سواء”.
ويرى المرزوق أنهم “اذا كانوا يُعوّلون على المستوى العسكري أو التعاون الأمني فإنه فشل أيضًا على الرغم من مجيء بعض المسؤولين في الموساد”، ويجزم بأنه “لا يمكن أن تكون في هذه البُقعة الجغرافية أيّة فائدة مرجوّة من التعاون مع هذا الكيان، فالتعاون هذا محكوم بالفشل طالما هناك إرادة شعبية ضدّ هذه المشاريع”.
تطبيع على دفعات؟
يشرح المرزوق سبب تأخر افتتاح سفارة الاحتلال بعد نحو 3 سنوات على توقيع الاتفاقية: “الكلّ يعرف جيدًا أن التطبيع بدأ منذ ما قبل يوم توقيع الاتفاقية الرسمية، السلطة في البحرين تتّبع أسلوب المنهجية في تمرير المشروع، أي شيئًا فشيئًا تحاول أن تسرّبه، غير أنها اصطدمت بردّة الفعل الشعبية”، ويؤكد أن “هذا الافتتاح لاقى رفضًا واسعًا من المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما خرجت البيانات المُعترضة من خلال الجمعيات السياسية وجمعيات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية وحتى الاقتصادية منها، وكذلك بعض المحسوبين على السلطة الذين رفضوا الافتتاح”.
بحسب المرزوق، السلطة تعتقد واهمة بأنها ستُمرّر التطبيع على دفعات لكن هذا ضرب من الخيال.
ويسأل “لماذا تقيم السلطة الفاصل الأمني بين الناس وسفارة الاحتلال إن كانت جادّة في هذا المشروع؟ ولماذا تُحيطها بهذا العدد من قوات الأمن؟”.
شهادة على طريق فلسطين
ويذكّر كيف قدّم البحرينيون الشهيد مزاحم عبد الحميد الشتر في سبيل القضية الفلسطينية، والشهيد محمد جمعة الشاخوري أيضًا الذي سقط فداءً للأقصى، ويشدّد على أنهم لن يتوانوا عن الاستمرار في رفض التطبيع وسيكونون ندًّا لسفارة الاحتلال.
إرادة شعبية فولاذية
وفق مُحدّثنا، التيارات الوطنية في المملكة مُتمسّكة بموقفها الرافض للتطبيع وخصوصًا من خلال المبادرة الوطنية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني والجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع وجمعية مناصرة فلسطين.
ويُشير الى أن السلطة تحاول فرض التطبيع بالإكراه من خلال الطبابة والتعليم والاقتصاد، لكن كلّ هذا لن يُجدي نفعًا في ظلّ الصحوة والقدرة والتحركات الميدانية الشعبية، ويوضح أن هناك بعض الإرغامات غير أنها قليلة جدًا.
من وُجهة نظر المرزوق، مشروع التطبيع سوف يسقط في نهاية المطاف بإرادة شعبية فولاذية ترفض أن تُطبَّب من الكيان الصهيوني أو تتلقّى تعليمًا منه، وهذا ظاهر بشكل جليّ في الشارع البحريني والمجالس والندوات والمؤتمرات واللقاء ووسائل التواصل. السلطة تحاول لكنّ محاولاتها ستبوء بالفشل لأن هناك قناعة راسخة لدى أبناء البحرين بأن هذا العدو لا يمكن التعاون معه لا ماليًا ولا علميًا ولا صحيًا.
ويُبيّن أن “المبادرة الوطنية لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني مستمرّة في ما أُنشئت من أجله وهي تضمّ سنة وشيعة، وجميع الفرقاء السياسيين الذين اجتمعوا رغم اختلافاتهم على حبّ فلسطين ونبذ التطبيع”، ويضيف أن “السلطة لا تستطيع حلّ نحو 27 جمعية أو أن تُلاحق كلّ أعضائها وهي تعلم أنهم متمسّكون بمواقفهم”. وهنا يضرب مثلًا من جمعيتيْ أصدقاء البيئة وفتاة الريف فهما نموذجان يؤكدان أن الجمعيات غير السياسية منضوية في المبادرة مما يعني أن جميع أطياف البحرين بكلّ ميولهم ضدّ هذا المشروع، ويطمئن بأنه “لا يمكن تفكيك هؤلاء أو إرغامهم على تبديل موقفهم”.
تهويد العاصمة مشروع ساقط
الثابت في كلام المرزوق هو أنه لا يمكن أن يمرّر مشروع تهويد العاصمة، وما يحصل ليس سوى هرطقات إعلامية حول الصهاينة، فالشعب البحريني لا يمكن أن يقبل بأن تهوّد المنامة وتُصَهين.
ويضيف “عندما ذهب صهاينة للرقص في المنامة، تبعهم على الإثر أبناء البحرين لتطهير المنطقة التي دنّسوها، وهؤلاء الجبناء هربوا من المنطقة نفسها، لذلك هم يعلمون بأنهم لا يستطيعون التحرّك بحرية في المنامة أو في أي منطقة أخرى في المملكة”.
وإذ يُشير الى أن “أعداد الصهاينة ليس كبيرًا في البحرين”، يُعرب عن ثقته بأنهم “اذا أتوا وحاولوا التملّك فلن يكون لهم نصيب في بلد يرفضهم ويعتبرهم أعداءً له وللأمة العربية جمعاء”.
التطبيع التربوي فشل
على الصعيد التربوي، يورد المرزوق أن “النظام البحريني حاول أن يفرض بعض المناهج في العام الماضي بغية تحسين اتفاقية التطبيع وتجميل صورة الكيان، لكن هبّة شعبية هبّت ووقّعت عريضة من قبل المشايخ والعلماء ترفض ذلك، وعليه تمّ سحب هذه المناهج ، وهذا مثال واضح على العزم الشعبي ضدّ كلّ ما تحاوله السلطة من أيّ فرض بالقوّة”.
الشعب واعٍ والأطفال كذلك
ماذا عن تحصين الجيل الناشئ إزاء موجة التطبيع الجارفة؟ يُجيب المرزوق باطمئنان “الأطفال البحرينيون مفطومون على حبّ فلسطين والعداء للكيان الصهيوني ولا يمكن اختراق هذا الجانب.. لدينا أجيال واعية وأُسر مُتمسّكة بالقضية المركزية الأولى للمسلمين، والسلطة لن تستطيع تمرير هذا المشروع وسط هذه الصحوة والثقافة المقاومة والولاء لفلسطين. لا يمكن أن يحبّوا هؤلاء ويرون يشكل يومي التنكيل بالشعب الفلسطيني وتشريده وهدم بيوته وسرقة أراضيه ومحاولة تجويعه وقتل شبابه”، ويختم “الشعب واعٍ جدًا لما تقوم به السلطة”.