تركيا ـ إسرائيل: لا تقاطع ولا قطيعة

turkey-israel-flags

صحيفة الوطن العمانية ـ
وليد الزبيدي:
بعودة الحديث عن قرب عودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل إلى ما كانت عليه قبل عام 2010، يتأكد أن لا تقاطع ولا قطيعة بين انقرة وتل ابيب، وأن ما جرى من شد ظاهري في العلاقات بين البلدين لا يخرج عن اطار اللعبة الدبلوماسية التي تقتضيها الظروف المحيطة بالمنطقة بأسرها، ففي الوقت الذي تعمل الزعامات التركية على تفعيل حضورها في المنطقة وتفاعلها مع العديد من الملفات الشائكة في مصر والخليج العربي والعراق وسوريا، فإن اسرائيل تحاول أن تدفع بجميع القوى المؤثرة صوب ما تخطط له وتعمل على ترسيخه منذ عشرات السنين، وبما يحقق اهدافها في قضم الاراضي الفلسطينية وبسط سيطرتها على القدس واخضاع دول المنطقة لسياساتها سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وبتسريبات صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية قبل اسبوعين تقريبا عن قرب عودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل، يتصدر هذا الملف الواجهة، وفي الوقت الذي تتحدث فيه وسائل إعلام تركية عن موقف اكثر من تسعين في المائة من الأتراك بالضد من عودة العلاقات بعد قتل القوات الإسرائيلية وجرح العشرات من الناشطين الأتراك الذين كانوا على متن باخرة (مرمرة) بعد اعتراضها من قبل البحرية الإسرائيلية في مايو عام 2010، بينما كانت متوجهة لتقديم معونات لمدينة غزة الفلسطينية المحاصرة، لكن النغمة الإعلامية الحالية تفتح اكثر من باب لطي هذه الصفحة بعد التشديد على مسألتين رئيسيتين في هذه القضية هما ، تقديم اعتذار إسرائيلي لتركيا وهو ما وافقت عليه الحكومة الإسرائيلية وتعويض الضحايا، وبذلك يقتصر الأمر برمته على كلام وتصريح اضافة إلى الجانب المادي وهو أمر ليس بالصعب على الحكومة الإسرائيلية.
جاهد توز مستشار نائب رئيس الحكومة التركية يقول قبل ايام، إن بلاده وإسرائيل قوتان مهمتان في الإقليم، وإن التغييرات الكثيرة والمستجدات في المنطقة تفرض عليهما التقدم في العلاقات بينهما إيجابيًّا.
ويزداد الحديث في وسائل الإعلام عن عودة العلاقات، وثمة من يتحدث عن تضرر إسرائيل اقتصاديا من جمود تلك العلاقات لكن ليس ثمة احصائيات وارقام تدلل على ذلك، ويرى مراقبون أن توقيت ترويج التوصل إلى اتفاق المصالحة بالتقاء المصالح ووجود ملفات مشتركة بين البلدين بكل ما يتعلق بالتهديدات الإقليمية والإرهاب وسوريا وتوتر العلاقة بين أنقرة والقاهرة وتعثر مباحثات السلام . ويتردد على نطاق واسع وجود مفاوضات متقدمة بين أنقرة وتل أبيب أثمرت عن التوصل إلى تفاهم يقضي بدفع إسرائيل تعويضات لعائلات الضحايا الأتراك وتطبيع العلاقات بين الدولتين بعودة السفراء.
إن القصد من توقفنا عند هذه القضية لم يكن مقتصرا على التذكير بقوة اللوبي اليهودي وتأثيره في مجمل السياسة التركية، والذي يمتد إلى قرون عدة وتحديدا منذ تغلغل اليهود في القصر العثماني ووصول آلاف اليهود الاسبان إلى مدينة سلانيك في تركيا بعد طرد اليهود من اسبانيا عام 1492، وبعد ذلك بروز يهود الدونمة وصولا إلى جمعية الاتحاد والترقي ومن ثم الإطاحة بعبد الحميد الثاني وتحويل المجتمع التركي إلى العادات والتقاليد الغربية في زمن اتاتورك وما بعده، لكن المهم في كل ذلك، أن نتوقف عند التلاعب بالمشاعر ولهاث الكثيرين وراء نتف الاخبار دون الدقيق والتمحيص في الجوهر والجذور بكل ما تحمل من اخطار ومحاذير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.