تدهور جديد في العلاقات الإسرائيلية ـ الأميركية
في الوقت الذي اعترف فيه سفير أميركي أسبق في إسرائيل بأن العلاقات بين الدولتين حالياً هي الأسوأ في تاريخها، طالب أعضاء في مجلس الشيوخ بتقليص المساعدات العسكرية المقدمة للدولة العبرية.
ويأتي هذا الطلب في ظل احتدام الخلاف داخل إسرائيل حول حجم ميزانية الدفاع، في ظل تقليصات عامة وتقديرات بتراجع نسبة النمو الاقتصادي.
وفي انتقاد ثاقب للسياسة التي تنتهجها حكومة بنيامين نتنياهو وتدخلها السافر في الشؤون الداخلية الأميركية، قال السفير الأميركي الأسبق في إسرائيل دانيال كيرتسر إن العلاقات بين القيادتين لم تكن أبداً أسوأ مما هي عليه الحال اليوم.
وكان كيرتسر يتحدث في افتتاح المؤتمر القطري لمنظمة «جي ستريت» اليهودية الليبرالية في سان فرانسيسكو السبت الماضي. وقال «أظن أن إسرائيل تدخلت في السنوات الأخيرة في الشؤون الداخلية الأميركية بمستوى شاذ جدا، لدرجة أنه لو كان الأمر معكوساً، لحدثت ضجة كبيرة. هذا لا يصدق!».
وأضاف كيرتسر، وفق ما نشرت «هآرتس»، ان «رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وأعضاء حزبه، الليكود، معروفون منذ زمن بعيد بقلة تعاطفهم مع (الرئيس الأميركي) باراك أوباما، وبتفضيلهم الفظ للحزب الجمهوري، خصوصا أثناء التنافس على الرئاسة من جانب المرشح الجمهوري ميت رومني في العام 2012. والمشاكل بين إسرائيل والولايات المتحدة سوف تستمر».
وأشار كيرتسر إلى أنه فيما لا تزال العلاقات التي تجمع بين أميركا وإسرائيل في مجالات الأمن والاستخبارات والاقتصاد قوية، فإن «العلاقات السياسية بين الحكومتين لم تكن أبداً في تاريخها مشحونة كما هي اليوم، بسبب أن العلاقات في القمة لم تكن أبداً أسوأ».
وحسب كيرتسر فإن نتنياهو «لأسباب لا يعرفها أحد سواه، لا يحب أو لا يثق بالرئيس الأميركي. ورئيس الولايات المتحدة، لأسبابه الخاصة، لا يحب أو لا يثق برئيس حكومة إسرائيل».
وكيرتسر، الذي يعمل حالياً كبروفيسور في جامعة «برينستون»، خدم سفيراً لأميركا في تل أبيب بين العامين 2001 و2005 بعدما خدم سفيراً لبلاده في القاهرة في عهد الرئيس بيل كلينتون.
وكيرتسر يهودي متدين، تخرّج من مدرسة دينية وتولى التدريس فيها قبل أن ينضم إلى السلك الديبلوماسي الأميركي. ونال خبرته أساساً من العمل في مصر حيث ابتدأ فيها ووصل إلى رتبة سفير. ويعد من أكثر السفراء خبرة في شؤون الشرق الأوسط، وهو ما دفع إلى انضمامه إلى الكثير من المبادرات، بينها مشاركته في صوغ مبادرة شولتس، التي تنص على اتفاق الحكم الذاتي المؤقت في الضفة الغربية وقطاع غزة، في العام 1988. وفي العام 2008 نشر كتاباً عن دور الولايات المتحدة في عملية السلام في الشرق الأوسط. وكان كيرتسر بين من صاغوا خطاب أوباما الذي ألقاه كمرشح رئاسة أمام اللوبي الصهيوني (ايباك).
من جهة ثانية، وصل الخلاف حول ميزانية وزارة الدفاع الإسرائيلية إلى الكونغرس الأميركي. وفي مداولات أجريت مطلع حزيران الحالي في لجنة الموازنات في مجلس الشيوخ، أثار عدد من الأعضاء للمرة الأولى مسألة ما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة مواصلة تقديم مساعدات أمنية بهذا القدر لإسرائيل.
ومعروف أن الولايات المتحدة تقدم لإسرائيل، مباشرة، مساعدة عسكرية بقيمة 3.1 مليارات دولار سنوياً، كما تقدم مساعدة عسكرية خاصة لأغراض محددة. ففي عهد إدارة أوباما خصصت الولايات المتحدة، مثلا، حوالي مليار دولار لتطوير منظومات اعتراض الصواريخ من طرازات «حيتس»، «عصا الساحر»، و«القبة الحديدية».
وطرحت المسألة أثناء مناقشة لجنة الموازنات دفع مبلغ 175 مليون دولار لدعم استمرار تطوير منظومة اعتراض صواريخ. وخلال الجلسة أشار عدد من أعضاء مجلس الشيوخ إلى السجال حول ميزانية الدفاع في إسرائيل وإلى حجج المؤسسة العسكرية بشأن تقليص ميزانيتها.
وكانت ميزانية الدفاع الأميركية قد شهدت مؤخراً تقليصاً كبيراً حيث أصبحت تبلغ حاليا 3.8 في المئة من الناتج المحلي الخام. ومعروف أن وزارة الدفاع الإسرائيلية تدّعي أن ميزانية الدفاع تبلغ فقط 3.7 في المئة من الناتج المحلي الخام (أو 4.6 إذا أدرجت فيها المساعدة الخارجية الأميركية). وأشارت «هآرتس» إلى أن الأسئلة والملاحظات التي أبداها أعضاء مجلس الشيوخ في لجنة الموازنات تعبّر عن قلة ارتياح معين من المساعدات الواسعة التي تواصل إسرائيل تلقيها، فيما تتعاظم المصاعب الاقتصادية الأميركية، الأمر الذي استدعى تقليص ميزانية الدفاع هناك.
ومع ذلك لاحظ المعلق العسكري لـ«هآرتس» عاموس هارئيل أن من الصعب تصديق حدوث تغيير كبير في دعم الحزبين الجمهوري والديموقراطي لإسرائيل في السنوات القليلة المقبلة لدرجة المساس بحجم المساعدة. وإسرائيل في هذا الشأن تركن إلى حجم التأييد الذي لها في مجلسي الشيوخ والنواب وفي المؤسسة السياسية والإعلامية الأميركية.
صحيفة السفير اللبنانية – حلمي موسى