تدخل “المركزي” يخنق اللبناني بـ”صيرفة” ولا يلجم تفلت الدولار
وكالة أنباء آسيا-
زينة أرزوني:
“بدل ما يكحلها عماها”، هكذا كان موقف غالبية الشعب اللبناني على التعميم الاخير الذي اصدره حاكم مصرف لبنان للجم سعر صرف الدولار الذي تجاوز الـ90 الف ليرة، هذه المرة لم يفرح الشعب بتدخل المصرف المركزي في السوق واعلانه بيع وشراء الدولار عبر منصة صيرفة وفق سعر صرف الـ70 الف ليرة، بل كان للتعميم وقع قاس عليهم وبدأوا يتناقلون عبر وسائل التواصل الاجتماعي قائمة اسعار بطاقات تشريج خطوط الهاتف الخلوي، وفاتورة الكهرباء الرسمية وغيرها من الفواتير التي يسددونها على اساس سعر صيرفة.
فهم يُدركون هذه المرة بحسب تعبيرهم انهم لن يستفيدوا من التعميم والتجربة التي تلت رأس السنة خير دليل على ذلك، فغالبية المودعين أودعوا ملايين الليرات للحصول على دولارات وفق صيرفة على 37 الفاً حينها ولم يحصلوا على شيء بفعل تمنع غالبية المصارف عن تطبيق التعميم، فإحتجزت اموالهم وضاعت قيمتها بفعل الارتفاع الجنوني للدولار.
فلا تضمن المصارف لعملائها الحصول على الدولارات بشكل سهل، وأيضاً تتقاضى بعض المصارف عمولات على عمليات التحويل في حال إتمامها، تتراوح بين 3 إلى 7 بالمئة، وهو ما حصل في المرة السابقة.
هذا التوقع ثبت على أرض الواقع، ففي جولة على المصارف تجد انها عادت وامتنع عدد كبير منها عن تلبية طلب سلامة حتى ترى كيف ستتّجه الأمور، اي ما هو حجم الكتلة الدولارية المفرَج عنها وبتعقيدات إدارية تتكبّدها المصارف، مثل طلب المركزي الكثير من المستندات التي يجب على الزبون إبرازها، في حين أوضحت المصارف أنها لا تملك عدداً كبيراً من الموظفين، ولا الوقت الكافي لتلبية كل الطلبات وفق شروط المركزي. فضلاً عن أمور أخرى تتّصل بأزمة القطاع المصرفي وعلاقته مع القضاء ولجوئه للإضراب، فالمصارف لا تريد توسيع علاقتها مع الأفراد والمؤسسات وقد تضطر لإقفال أبوابها فجأة.
هذه ليست المرّة الأولى التي يقرّر فيها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، التدخّل في السوق وفق هذه الآلية التي تعتمد على التعميم 161 وعلى تسجيل العمليات على منصّة صيرفة. ففي كل مرّة يسجّل فيها سعر الصرف في السوق الحرّة، قفزات كبيرة، كان سلامة يعمد إلى هذا النوع من التدخّل والذي ينطوي على ضخّ الدولارات في السوق.
اللافت في القرار الأخير، أنه يحدّد سقوفاً لبيع الدولارات للشركات والأفراد خلافاً للقرارات السابقة التي كانت بسقوف مفتوحة، لكن القرار هذه المرة جاء موجعاً اكثر للبنانيين فهو رفع سعر صيرفة 25 الف ليرة ضربة واحدة وحددها على 70 الفاً، ما سينعكس على زيادات ضريبية هائلة على الأفراد والأسر، لا سيما لجهة تسديد فواتير الهاتف الخلوي وتسديد فواتير الكهرباء الرسمية. وهو بذلك، يكون قد أجبر الناس على التكيّف مع السعر الجديد لدولار صيرفة.
وفي هذا السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي لويس حبيقة أنه من الصعب ضبط السعر على مدى طويل، باعتبار أن هذا الاجراء يتطلب أن يكون بحوزة مصرف لبنان الكثير من الدولارات، وهو أمرٌ غير متوافر، وسبق لمصرف لبنان أن خاض هذه التجربة ولم تدم، لا بل عاد سعر الصرف في السوق السوداء إلى التفلت أكثر.
يُكرر سلامة عمليات إنعاش منصة صيرفة بإعلانه ضخ الدولارات، ففي العام 2021 لجأ لتنشيط منصة صيرفة، وفي العام 2022 استخدم نفس الاسلوب ثلاث مرّات، في المرة الاخيرة لم تتجاوب المصارف مع التعميم كما هو الوضع حالياً.