تحديات تشكيل الحكومة العراقية
صحيفة الوفاق الإيرانية-
السيد محمد سركشيكيان:
على ضوء ارتفاع مستوى الخلافات بين الأحزاب والتيارات المختلفة وضعف التحالفات السياسية في مختلف المراحل وطبيعة المحاصصة في الحكومة العراقية، فاننا نشاهد أن آخر حكومة عراقية في 2018 فان عملية تشكيل الحكومة استغرقت أكثر من عام، ونفس هذه الحكومة وقبل تكميلها، انتهت بعد مظاهرات عام 2020.
لذلك فانه كان متوقعاً أن عملية تشكيل الحكومة في العراق توجهت نحو عدم الاستقرار بعد استقالة حكومة عادل عبدالمهدي. إن عملية عدم الاتفاق على انتخاب رئيس وزراء مؤقت بين مختلف الأحزاب استغرقت عاماً كاملاً وانتهت بانتخاب مصطفى الكاظمي لتشكيل حكومة مؤقتة بهدف التخطيط لإجراء انتخابات مبكرة والتي استغرقت أيضاً نحو عامين، وفي النهاية أجريت انتخابات أكثر اللغظ حولها.
واليوم وبعد الانتخابات وحصول تحالف الصدر على أكثر الأصوات بالاتفاق مع الأكراد جناح البارزاني والجناح السنّي بقيادة الحلبوسي، حيث حصلوا على أكثر من 160 مقعد في البرلمان. أما الجناح الشيعي، فقد قام بتأسيس الإطار التنسيقي من أجل المحافظة على بقائه في الساحة السياسية.
وبعد فشل الإطار التنسيقي في استقطاب التيار الصدري، فقد استغلوا قانون الثلث المعطل في البرلمان، وأسقطوا جلسات البرلمان من أجل انتخاب رئيس للجمهورية لعدم إكتمال حدّ النصاب لأعضاء البرلمان.
واليوم وبالرغم من إستقالة ممثلي مقتدى الصدر، وحصول الإطار التنسيقي على الكثير من المقاعد، تحول إلى التحالف الأكبر في البرلمان بـ 130 مقعداً؛ ولكن عملية تشكيل الحكومة في العراق لا يزال يسير في طريق مظلم وصعب ومليء بالمطبات، وذلك للأسباب التالية:
أولاً: إن سيطرة الإطار التنسيقي ليست بالدرجة التي تمكنه من تشكيل الحكومة لوحده ولابد من التوصل إلى التفاهم مع المنافسين من الأكراد والسنة، وهذا يعني منح بعض المزايا للمنافسين.
ثانياً: إن إستقالة ممثلي الصدر في البرلمان لا يعني التخلي عن السلطة، وإنما لتشكيل معارضة قوية أمام الحكومة القادمة من خلال إستعراض العضلات في الشارع، والأسبوع الماضي بيّن التيار الصدري استعداده لتشكيل تحدي كبير لخيارات الإطار التنسيقي في تشكيل الحكومة أن نشر مقاطع صوتية منسوبة لنوري المالكي ضد مقتدى الصدر، والهوامش التي أثارتها، يمكن تفسيره في هذا المجال. ولابد من انتظار التحركات المستقبلية لكلا الطرفين، ونحن نأمل بأن توتير الأوضاع سوف لن تؤدي إلى حرب داخلية بين البيت الشيعي الواحد في العراق.
ثالثاً: في حال التغلب على كافة هذه المشاكل، واستطاع البرلمان من تشكيل حكومة منتخبة، فان ذلك لا يعني انتهاء كافة تحديات الحكومة العراقية، وطبعاً فان حكومة “الكوتا” العراقية المقسمة بين كافة الأحزاب لا تملك القدرة على إزالة كافة الأزمات في العراق.
إذا نظرنا إلى التحديات السياسية والخلافات الموجودة أمام الحكومة العراقية، وتدخلات المحور الغربي – العربي – العبري والأزمات المتراكمة من العهود السابقة “الحرب ضد داعش، وتدمير أجزاء كبيرة من العراق، ومشاكل البنى التحتية في مجال الكهرباء والطاقة، والأزمة الاقتصادية، والعجز في الميزانية، وارتفاع النفقات الجارية وجائحة كورونا و…)؛ بالإضافة إلى الأزمة الغذائية في العالم والمشكلات الحالية في العراق، فان الطريق نحو الاستقرار وتشكيل حكومة عراقية ثابتة لا يزال ضبابياً.