تحالف دولي جديد ضدّ ترامب؟!
موقع إنباء الإخباري ـ
فاطمة موسى:
بعدما أعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الايراني، وإعادة العمل بالعقوبات الاميركية على طهران، دخلت الحزمة الأولى من العقوبات حيّز التنفيذ في خطوة يُخشى أن تترك تداعيات واسعة على إيران والعلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا.
هذا وتشمل الحزمة الأولى حظر تبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية، إضافة لحظر التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن النفيسة، ولا سيما الذهب، وفرض عقوبات على المؤسسات والحكومات، التي تتعامل بالريال الإيراني أو سندات حكومية إيرانية. كما تشمل حظر توريد أو شراء قائمة من المعادن أبرزها الألومنيوم والحديد والصلب، وفرض قيود على قطاعي صناعة السيارات والسجاد في إيران. أيضاً تفرض العقوبات الجديدة قيودًا على إيران بخصوص استيراد أو تصدير التكنولوجيا المرتبطة بالبرامج التقنية الصناعية، ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري. كما تحظر العقوبات بيع طائرات الركاب وقطع غيارها إلى إيران، ودخول الشركات الأجنبية إلى قطاع السيارات الإيراني.
ردّة الفعل الايرانيّة
استبق الإيرانيّون سريان مفعول العقوبات من جوانب عدّة.
سياسيًّا, أعلن وزير الخارجية محمد جواد ظريف أنّ إيران لن تغيّر سياستها الاقليمية, أمّا الرئيس روحاني فاعتبر أنّ الهدف من العقوبات هو دفع إيران إلى توقيع اتفاق نووي جديد، وأن لا جدوى من المباحثات في ظلّ العقوبات, وأنّه لا يمكن الحديث عن مفاوضات جديدة ما لم تفِ الولايات المتحدة بجميع التزاماتها، مؤكّدًا أنّ الأخيرة ستندم على فعلتها، داعيًا الشعب الايراني إلى مزيد من الوحدة الاقتصادية. إضافة الى ذلك، اعتمدت الحكومة الإيرانية نشاطاً سياسياً محموماً لتأمين الحشد الدولي الداعم للموقف الايراني.
أمّا إقتصاديًّا, فقد تعززت العملة الايرانية بشكل واضح في اليوم الأول من حزمة العقوبات لأن سعر الصرف المعلن أمام سعر صرف الدولار الاميركي في مصارف تبديل العملات هدّأ من مخاوف الشعب الايراني, إضافة إلى عدم هروع الايرانين الى مراكز تبديل العملات كي يشتروا العملات الصعبة. هذه الاجراءات عزّزت قيمة العملة المحلية والتي يُرجّح أن تستمرّ لفترة طويلة من الجانب النفسي, فإن الايرانيين كانوا متوقعين عودة العقوبات ما ادّى الى عدم انهيار الوضع في سوق صرف العملات الاجنبية, ما يعني أن الهيستيريا الاقتصادية غير متوقعة في هذه المرحلة كما يصوّر البعض.
موقف الاتحاد الأوروبي من العقوبات
لا شكّ بأن هناك رغبة أوروبية قوية لمساعدة ايران لاستمرار الاتفاق النووي. لذلك اعتمد الاتحاد الاوروبي على خطوات للمساعدة في تسهيل عمل الشركات الأوروبية في ايران، أهمّها تخلي الشركات الأوروبية عن قرارات المحاكم الأجنبية التي تعتمد العقوبات الاميركية وكذلك الاجراءات المرتبطة بالعقوبات التي تم اصدارها عام 1996, ولكن يبقى موقف الاتحاد الأوروربي غير قوي، فقد انسحبت أغلب الشركات الاوروبية من إيران قبل دخول العقوبات حيّز التنفيذ كي لا تخسر حصتها في السوق الاميركية، لأنّ هذه العقوبات ستكون قاسية وستنعكس سلبًا على نشاطها. وفي السياق ذاته, فإنّ ألمانيا كانت بصدد منح ايران 400 مليون يورو بدل مستحقات مالية سابقة، ولكن جراء الضغط الاميركي تخلت عن ذلك وانصاعت للتهديد الأميركي.
لماذا إذًا يرفض الاتحاد الاوروبي العقوبات على إيران؟
هذا الرفض لا يعود إلى أسباب اقتصادية فحسب, وانما إلى أسباب سياسية أيضاً. فقد أقدم ترامب على فرض رسوم جمركية على الصلب والالمنيوم وتأثرت الصادرات الاوروبية سلباً, بالإضافة إلى تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية على الواردات الأميركية من السيارات. هذه الخطوة تركت ارتدادات سلبيًّة على الاقتصاد الاوروبي وخاصة ألمانيا، ناهيك عن وجود حالة تذمّر واسعة من رؤية ترامب الاقتصادية في الداخل والخارج. ولأنّ العقوبات الأميركية ضدّ ايران هي من جانبٍ واحد, استمرّ الاتحاد الأوروبي في تأييد الموقف الايراني.
مساعدة ايران للخروج من عنق الزجاجة
أوروبا قامت بأمور غير مسبوقة عندما دعت الشركات الاوروبية لعدم الانصياع للقرارات الاميركية وهذه سابقة جديدة لم نشهدها قبل في العلاقات الدولية. الصين رفضت القرارات الأميركية وهي أيضًا يمكنها تقديم مساعدات كبيرة في هذا المضمار، كما عمدت إلى ذلك في السابق, أمّا روسيا فهي تقدم الغطاء السياسي، ما يُشعر إيران أنّها عضو فاعل ومهمّ في المجتمع الدولي. فهل نحن أمام تحالف دولي جديد ضدّ ترامب؟!!