بين الخيال والواقع: هل يجرؤ الجيش الأردني على غزو سورية؟؟
وكالة أنباء آسيا-
نوران زين الدين:
بعض من وجهاء عشائر درعا وريفها ممن يُعرف عنهم علاقتهم الوثيقة بالمخابرات الأردنية، يتداولون معلومات ينسبونها الى مصادرهم في عمان(المخابرات الأردنية) ويتفاخرون بان ” زيارة الملك الأردني، عبدالله الثاني، الأخيرة لواشنطن، كانت بهدف الحصول على ضوء أخضر أميركي لمخطط أردني يتضمن إنشاء منطقة آمنة في الجنوب السوري على ان تحظى تلك المنطقة بحماية الجيش الأميركي المنتشر في قواعد في الأردن وفي سورية.
والتبرير؟؟
أن انسحاب اربعين الف جندي روسي من سورية تحصيل حاصل وهو أمر من أمرين، فأما ان تملأ الفراغ قوات حليفة لطهران أو تملأها منظمات حليفة لاسرائيل والجيش الأردني أولى من الطرفين بسبب القرب الجغرافي والتقاطعات السكانية ولأن الجيش الأردني مقبول لدى سوريي درعا والجانب السوري أكثر مما هو مقبول جيش سورية النظامي!
هذا الكلام لم يتفوه به رجل عشيرة متباه بل وسطاء مصالحات وأعيان قبائل ووجهاء مقربون من السلطة في دمشق.
مراسلة وكالة أنباء اسيا في المنطقة الجنوبية التقت نشطاء من فصائل مسلحة في كل من السويداء والقنيطرة ودرعا وناقشت معهم تلك المعلومات وتبين لها أن ما يقال ليس مجرد اشاعة بل وعود قاطعة تسلمها هؤلاء المقاتلين سابقا في صفوف المعارضين لدمشق من مشغيلهم في الاردن والتنف ولبنان وأنقرة وتل أبيب .
مصدر من قيادات مسلحي محافظة درعا ممن لم يسلم سلاحه ولا حل ميليشياته قال ، ” من حيث المبدأ فإن الجيش الأردني قادر على السيطرة على مساحة واسعة من الجنوب السوري بمعاونتنا، والأجهزة الاستخباراتية الأردنية تراقب المنطقة عن كثب منذ العام 2011، ومن غير المستبعد أن تكون هناك خطط منذ سنوات لإنشاء هذه المنطقة” لكن الوجود الروسي لا يزال فاعلا ولا يمكن الزعم أن الأمر قابل للتحقق دون توافق روسي أميركي عنوانه مصلحة الطرفين في مواجهة من يتحفز لاستغلال فرصة الحرب الأوكرانية للقفز على الدور الروسي والتوسع على حسابه. (ايران)
وأضاف المتحدث ” أن المنطقة الآمنة في جنوب سورية حديث قديم، ولكنه رُفض في ذلك الوقت على الرغم من أنها كانت تخضع لسيطرة المعارضة السورية، و اليوم هناك حديث عن هذه المنطقة يتقاطع مع اعمال جدية لحل نهائي قوامه فيدرالية حكم ذاتي في الشرق للكرد والعرب وفي السويداء للدروز وفي درعا والقنيطرة لضمان أمن اسرائيل.
لماذا الأردن؟؟
لأن الانسحاب الروسي حتمي مع حرب الاستنزاف التي تخوضها موسكو في أوكرانيا والتي ستطول لدرجة أحتياج موسكو الأكيد لجنودها في سورية. بالتالي ولأن تل أبيب وواشنطن وموسكو لديهم تقاطع واحد في جنوب سورية هو ابعاد الايراني وحلفائه وثابتة أخرى هي منع الاستقرار السطوي السوري في السويداء ودرعا والقنيطرة، حينها يصبح دخول الجيش الأردني بديلا مقبولا للجميع ما عدا دمشق وحليفها الايراني.
مصادر اخرى من المعارضة المسلحة في السويداء قالت لوكالتنا أن الأمر كله خيال بخيال. فمن مصلحة اسرائيل ان يسيطر النظام والا لأسقطوا بشار الأسد يوم لم يعد يسيطر سوى على تطل عليه نوافذ قصره”.
الأكيد ان فكرة المنطقة الآمنة تم طرحها في العام 2012، وكانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون طالبت بها، إلا أنه لم يحصل إجماع عليها ذلك الوقت. حيث أن “مفاوضات عام 2018، والتي دخل بعدها الروس وقوات مشق إلى الجنوب كانت نتيجة لرفض دولي اسرائيلي لفكرة المنطقة الاَمنة في الجنوب الا اذا أقامها الروس.
لأن أي بديل عن روسيا يعني أعطاء حزب الله سببا لتجاوز خطاً أحمرا رسمه بشار الأسد برعاية روسية للحزب ولايران وهو يمنع منعا باتا ضرب القوات الاسرائيلية والاميركية انطلاقا من اراض سورية.
في حينه تعهد الروس وقدموا ضمانات بحفظ أمن الكيان الاسرائيلي والقوات التي ترابط في الجولان السوري المحتلة.
بالتالي “يختم مصدرنا في السويداء كلامه قائلا: غزو الجيش الاردني لجنوب سورية مزحة والروس باقون ولو عبر سيارة شرطة عسكرية رمزية فالمهم هو القرار الدولي والتوافق الدولي بين موسكو تل أبيب واشنطن حول جنوب سورية لا يزال قائما.
خالد المجالي، وهو خبير عسكري أردني قال في تصريحه نقلته صحف عمان ” أن الإقدام على إنشاء منطقة آمنة في جنوب سورية تحكمه عدة عوامل، أهمها، الموقف الروسي وموافقة روسيا صاحبة اليد الطولى في تلك المنطقة، بالإضافة إلى التنسيق مع إسرائيل، كما أنه لا يد من وجود تكاليف مادية كبيرة لإنشائها لا بد من وجود أطراف تتحملها”.
وعن الموقف الأميركي قال المجالي ” أعتقد أنه مؤيد للأردن، ولا يمكن أن تقدم الأردن على هذه الخطوة دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة، لذلك فالأمر يحتاج لدراسة معمقة جدا” بحسب وصفه.
من جهته، قال د. عبدالكريم الحريري وهو أيضا محلل سياسي أردني في تصريح لصحف الاردن، أن ” الحديث يدور اليوم عن فكرة المنطقة الآمنة في الجنوب السوري، وتعزيز الحدود الأردنية، “لكن حتى الآن لم يتم الاتفاق على الشكل والآلية، هل سيكون هناك منطقة آمنة أو تعزيز للحدود”.
خيال أم واقع ليس الأمر بالمهم، الحقيقة الساطعة هي أن الدور الروسي الايجابي منه في دمشق، وحلب وبعض دير الزور وشرق سورية هو دور سلبي جدا في جنوب وشمال غرب وشرق سورية. فهو من منع تحرير الجنوب بشكل عملي وهو من يحمي اسرائيل من ردود سورية وحلفائها على عدوانها. وهو من أعطى ضوءا اخضرا لتركيا وأميركا وللأكراد لانتهاك السيادة السورية مقابل فوائد لموسكو في سورية وفي المسائل الدولية.
وما يتمناه الوطنيون السوريون حقا هو سقوط الحماية الروسية عن قوات احتلال أجنبية تركية واميركية ليتصرف الشعب السوري قبل السلطة كما ينبغي لشعب أن يتصرف مع من يحتل أبار نفطه ليعتم عليه، ومع من يحتل حقول قمحه ليجوعه.