اليهود الليبراليون يعترضون على تعيين فريدمان سفيراً لأميركا لدى إسرائيل
وقع أكثر من 600 حاخام ومرتل يهودي على رسالة مفتوحة نُشرت الإثنين ضد مرشح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمنصب السفير الأميريي المقبل لدى إسرائيل ديفيد فريدمان. وجاء في الرسالة – التي تدعو الرئيس الأميركي إلى سحب ترشيحه أو لمجلس الشيوخ إلى رفض تعيين فريدمان إذا رفض ترامب سحب ترشيحه – قبل ثلاثة أيام من جلسة الإستماع لتنصيب فريدمان، المحامي المختص في قضايا الإفلاس، في مجلس الشيوخ، والتي من المتوقع أن يخضع فيها لأسئلة من أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بشأن تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها في السابق ودعمه الصريح للبناء الإستيطاني الإسرائيلي. مقتبسين من مقال كتبه فريدمان في العام الماضي في موقع “إسرائيل ناشونال نيوز” اليميني المتشدد والذي اتهم فيه مؤيدي منظمة “جيه ستريت” بأنهم “أسوا من الكابو” – في إشارة إلى اليهود الذين تعاونوا مع النازيين خلال المحرقة – اعتبر الموقعون أن سلوك فريدمان يتعارض مع القيم اليهودية. وجاء في الرسالة إنّا “نُصر، نحن حاخامات التلمود، على التحدث مع وعن أشخاص آخرين – وخاصة أولئك الذين لا نتفق معهم – بحب واحترام. لقد تمّ تعليمنا أن التشهير بشخص يرقى إلى إراقة دمه”. وأضاف واضعو الرسالة “مع ذلك، يبدو أن السيد فريدمان لا يتورع عن إهانة الأشخاص الذين يخالفونه الرأي”. من وراء الرسالة يقف عدد من المجموعات اليهودية الليبرالية الأميركية التي أعربت عن إستيائها وصدمتها من ترشيح فريدمان لمنصب السفير منذ الإعلان عنه وتعهدت بمحاربة تعيينه، ومن ضمنها منظمات “جيه ستريت” و”تروعاه” و”عمينو”. وتمّ جمع التوقيعات على مدار فترة امتدت بين أسبوعين وثلاثة أسابيع. وقال الحاخامات والمرتلون إن كلمة “كابو” التي إستخدمها فريدمان هي النقيض التام للسلوك الدبلوماسي الذي يتوقعه الأميركيون من سفرائهم. وجاء في الرسالة أن “السفير مكلف بتمثيل أمتنا بأكملها. إنه لمن الإنحراف تاريخياً ومن المهين بشدة وصف الدعاة اليهود من أجل السلام، من بينهم الكثيرون من الموقعين على هذه الرسالة، بأنهم ليسوا أفضل حالا من المتعاونين النازيين الذي تآمروا على تدمير الشعب اليهودي”. وأثار فريدمان، الذي يبلغ من العمر 57 عاماً وهو من مواليد لونغ آيلاند، غضب الكثيرين في اليسار اليهودي الأميركي بسبب معارضته لحل الدولتين ودعمه المعنوي والمالي الصريح لمستوطنات الضفة الغربية. بالإضافة إلى كونه محامياً مختصاً بقضايا الإفلاس، يشغل فريدمان أيضاً منصب رئيس مؤسسة “أصدقاء مؤسسات بيت إيل في أميريكا”، وهي منظمة تدعم مستوطنة كبيرة في الضفة الغربية قريبة من مدينة رام الله. هذا التاريخ، إلى جانب تصريحات أدلى بها فريدمان خلال الحملة الإنتخابية بصفته أحد مستشاري ترامب في الشؤون الإسرائيلية، أثار “مخاوف خطيرة فيما يتعلق بالسياسة” مع ترشيحه، بحسب ما جاء في الرسالة. وأضاف واضعو الرسالة أن “السيد فريدمان يدعم علنا توسع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وهو ما اعتبره الرؤساء الأميركيون منذ جونسون عقبة أمام السلام. علاوة على ذلك، يعارض السيد فريدمان حل الدولتين، الذي كان حجر زاوية في سياسات الإدارات الجمهورية والديمقراطية على مدى ربع القرن الماضي. نحن نخشى بشدة إنه بدلا من أن يحاول تمثيل الولايات المتحدة والدعوة من أجل السلام، أن يسعى السيد فريدمان إلى صياغة السياسة الأميركية في خط يتوافق مع أيديولوجيته المتطرفة”. للمصادقة على تعيينه، ينبغي أن يحظى فريدمان بموافقة مجلس الشيوخ بكامله، حيث يواجه هناك إنتقادات شديدة بسبب مواقفه ضد سياسات تبناها الحزبين لعقود، وخاصة فيما يتعلق بمسألة المستوطنات. منذ عام 1967، عارضت السياسة الأميركية الرسمية – خلال الإدارات الجمهورية والديمقراطية على حد سواء – البناء الإسرائيلي في المناطق التي يرى فيها الفلسطينيون جزءاً من دولتهم المستقبلية. تعيين فريدمان أثار انقساماً أيضاً في المجتمع اليهودي الأميركي بسبب نيته المعلنة تسهيل تنفيذ تعهد ترامب خلال حملته الإنتخابية في نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس – وهي خطوة تم تجميدها في الوقت الحالي. في بيان أعلن فيه عن ترشيحه، قال إنه يخطط للقيام بمهامة من “عاصمة إسرائيل الأبدية، القدس”. لكن ترامب تراجع عن تعهده منذ ذلك الوقت، أو على الأقل، قام بتأجيل تنفيذه. خلال مقابلة أجرتها معه مؤخرا صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية التي يملكها الملياردير الأميركي اليهودي شيلدون أديلسون، لم يؤكد ترامب على التزامه بالخطط المتعلقة بنقل السفارة. وقال ترامب: “أنا أفكر في السفارة، أدرس مسألة السفارة، وسنرى ما سيحدث. إن السفارة ليست بقرار سهل. من الواضح أنه يتم تداول المسألة منذ سنوات، سنوات عديدة، ولم يرغب أحد في اتخاذ القرار. أنا أفكر في هذا الأمر على محمل الجد، وسنرى ما سيحدث”. مع ذلك، يخشى الحاخامات والمرتلين الذين وقعوا على الرسالة من أن المصادقة على تعيين فريدمان قد تؤدي إلى توجيه عدد من سياسات البيت الأبيض بشكل يتعارض، كما يعتقدون، مع مصالح إسرائيل على المدى الطويل. وجاء في الرسالة إن “مواقف السيد فريدمان المؤيدة للإستيطان ومعارضته لحل الدولتين تتعارض مع وجهات نظرنا وغالبية اليهود الأميركيين الذين يرون بالتوسع الإستيطاني عقبة أمام السلام والذين يؤيدون بقوة حل الدولتين”، وأضاف الحاخامات والمرتلون أن “السياسات التي يفضلها السيد فريدمان ستؤدي إلى إضعاف أمن إسرئيل وديمقراطيتها ومكانتها كوطن قومي للشعب اليهودي”.