اليمنيون يمضون عيدا جديدا تحت النار والحصار.. السعودية أمام معضلة تكبر في اليمن
صحيفة المسيرة اليمنية-
ابراهيم الوادعي:
للعام السابع يمضي اليمنيون عيد الاضحى المبارك تحت القصف والحصار ، حرب عدوانية لم ينجح العالم في وقفها تحصد كل يوم مئات اليمنيين ، ومن لم يمت بالنار مات بالحصار .
فرضت الحرب المستمرة على اليمن طقوسا عيدية لم يألفوها ، فصارت زيارة مقابر الشهداء في المدن والمناطق امرا مألوفا في ايم الاعياد .
في روضات الشهداء امهات وزوجات يقضين اول ايام اعيادهن في زيارة روضات الشهداء وبث الام الفرقة للاحبة ممن قضوا في هذه الحرب ، وفي زيارة الارحام لا تخلوا الاحاديث من استذكار من غادروا الحياة نتيجة الحرب ، وتناول قصص الحرب والحصار ، وأخر المستجدات عن انسداد الافق نتيجة تعنت الولايات المتحدة والسعودية عن وقف الحرب ورفع الحصار .
7سنوات من الحرب خلقت جيلا لا يعرف سوى الحرب واصوات الغارات والحدائق والمباني المدمرة ، واضحت العاب السلاح واحاديث الاطفال بكل فخر عن بطولات المجاهدين من منا طقهم وامنيتهم في ان يكبروا ويذهبوا الى جبهات القتال لمواجهة السعودية والكيان الاسرائيلي المغتصب لفلسطين ويحققوا البطولات كما فعل ابو فاضل طومر.
سنوات الحرب لم تنجح ابدا في ابعاد فلسطين عن عقل ووجدان اليمنيين ، بل عمقت حضورها حتى لدى الاطفال الذين يوجهون العاب نحو اهداف يفترضون انها اسرائيلية وسعودية حيث لا فرق بين الكيانين هنا في اليمن .
يورد مركز عين الانسانية في اخر احصائية له بمرور 2300 يوم من الحرب ان القتلى والجرحى من المدنيين تجاوز ال 43 الفا منهم 17176 قتيل بينهم 3842 طفلا ، و 2400 إمرأة ، فيما بلغ عدد الجرحى 26715 بينهم 2832 امرأة و 4225 طفل .
كما جرى استهداف 575353 منزلا ،و391 مستشفى و 1110 مدرسة و 685 سوقا في مختلف المناطق اليمنية ، بالإضافة 5224 طريقا ،وليس انتهاء ب 22 منشاة اعلامية جميعها بالإضافة الى مشاريع المياه الكهرباء والمياه تعرضت للقصف والتدمير في اوسع عملية تدمير ممنهجة منذ الحرب العالمية الثانية لبلد بعينه .
وبحسب تقارير محلية ودولية فان الحصار يظل الأكثر ضررا على الانسان اليمني ، فهو يحصد عشرات الاف الضحايا سنويا ويصنع اكبر أزمة إنسانية في التاريخ المعاصر ، ويتوقع ان تمتد تأثيراته الى أجيال قادمة نتيجة التجويع وسوء التغذية والامراض المرتبطة به.
فملايين المرضى فقدوا الرعاية الصحية الملائمة فـ 50 % من القطاع الصحي فقد قدرته على العمل ، والـ 50% المتبقية بالكاد تصمد وتواصل عملها .
ونتيجة للحصار تجاوز 93% من اجهزة ومعدات القطاع الصحي عمره الافتراضي .
تفيد اللجنة الطبية العليا بأن ذوي الامراض المستعصي علاجها في اليمن والبالغ عددهم نحو 35 الفا مسجلون رسميا ، ومئات الاف مرضى مقيدون لدى المراكز الطبية المختلفة يستحيل علاجهم بسبب تردى الخدمات الطبية في الداخل جراء الحصار
بينهم 3 الاف طفل مصابون بتشوهات قلبية يواجهون الموت المحتم، و 500 مريض محتج الى زراعة عاجلة للكبد في مراكز متخصصة بالخارج.
ويؤكد ناطق وزارة الصحة أن الحصار يحصد سنويا حياة 100 الف طفل يمني دون ال 5 سنوات ، وان معالجة اثار الحصار لا يمكن معالجتها في مدى منظور بل ستمتد بتأثيراتها السلبية لأجيال متعددة حيث ما يقرب من نصف الاطفال الذين ولدوا في ظل الحرب والحصار مصابون بسوء التغذية و30% منهم مصابون بسوء التغذية الوخيم .
تحاول الحكومة الوطنية في صنعاء توفير نصف راتب من الايرادات المحدودة – تتحدث وزارة المالية عن سيطرة تحالف العدوان على 97% من الموارد الحيوية للجمهورية اليمنية في مقدمتها منابع النفط والغاز المورد الاساسي ، والمنافذ البرية والبحرية باستثناء ميناء الحديدة – رغم ان نصف الراتب لا يحدث فارقا في سجل معاناة متواصلة وارتفاع مضطرد للأسعار ، الا انه يعبر عن التزام الحكومة في صنعاء ورسالة طمأنينة الى شعبها لتعزيز الصمود .
على مدى سنوات استطاع التحالف سرقة الريال اليمني عبر طباعة تريليونات الريالات غير المغطاة والفائضة عن حاجة السوق ما سبب بتدهور الريال نتيجة فائض المعروض منه ، حيث اصبح المواطن اليمني يعيش ضمن كيانين اقتصاديين في المناطق المحتلة وفي المناطق الحرة – الدولار في المناطق الحرة = 600 ريال ، المناطق المحتلة 1000 ريال – والوضع مرشح في الاخيرة لمزيد من السوء .
في العام السابع للحصار وتواصل القصف بالنار الازمة الانسانية اكثر حدة حيث اضحى ما يقرب من 70% ضمن معدل الفقر الادنى وبالكاد يؤمنون لقمة العيش في ظل استمرار تحالف العدوان .
رغم اجواء العيد فإن جبهات القتال ظلت مشتعلة ، في اول وثاني ايام عيد الاضحى دارت معارك عنيفة في جبهات البيضاء على الحدود مع محافظة شبوة وحول مدينة مارب اخر معاقل التحالف السعودي الامريكي في شمال شرق اليمن ، كما واصل طيران التحالف شن الغارات على مارب والبيضاء مقتربا من حاجز المليون غارة او تعداها عمليا .
ورغم المعاناة الشارع اليمني يسرق لحظات فرح في اجواء العيد ،في الحدائق المتهالكة وفي الاماكن السياحية القريبة الاسر تخرج لتحاول ان تتناسى ولو لساعات معاناة الحرب والحصار والاحبة الذين فقدوا نتيجة الحرب .
تعطيل النظام السعودي للحج هذا العام للمرة الثانية هذا العام مبعث ثقة لدى هذا الشارع وحديث المجالس ، فالجريمة السعودية بحق بيت الله الحرام ستنزل بال سعود العذاب ، فمن حمى بيته من ابرهة لن يعجزه انهاء مملكة ال سعود ،و يرجوا اليمنيون ان يكون عقاب الله على ايديهم كونهم اصحاب المظلومية الاكبر من قبل النظام السعودي .
ليس معلوما بعد اذا كان هذا هو العيد الاخير تحت العدوان والحصار ، لكن اجابات الشارع تذهب الى انه لا فرق ، وبان الاصعب بات وراء اليمنيين حيث الدولة تستعيد بعضا من عافيتها رغم الحصار ، والمواجهة العسكرية وصلت الى نقطة فاصلة ومعقل التحالف الاخير والاهم في شمال شرق اليمن .
وفي ثنايا العيد لا يتوقع اليمنيون ان تسفر الجهود السياسية عن انفراجه في الامد القريب ، ثمة تقدير لجهود سلطنة عمان وتأكيد على حفظ جميلها ، يتمنى الشارع اليمني انتصار عسكريا ساحقا على السعودية ، يعتقد الشارع ايمني ان السعودية لن تفوت فرصة للعودة الى الحر ان وجدت حلا سياسيا يبقى الامور هشة او لا يضع نهاية رسمية للحرب والحصار.
هنا في اليمن السعودية امام معضلة كبيرة فمشاعر العداء نحوها تضاعفت الى حد كبير ، حربها العسكرية وحمم النار لم تحقق شيئا سوى سفك انار من الدماء وثأرا كبيرا يصعب معالجته في أي طاولة مفاوضات ، و كراهية غير معهودة ستصبح وقودا في أي حرب مقبلة او انتفاضة داخلية تطيح بحكم ال سعود .