الهاجس الأمني يطغى على التحركات الداخلية
بانوراما اليوم: التوتر الأمني يهدد صيدا.. وقانون الانتخابات تائه حتى اللحظة
موقع العهد الإخباري ـ
لطيفة الحسيني:
تقدّم التوتّر الأمني في مدينة صيدا على ما عداه من الملفات الداخلية المطروحة، ولا سيّما أن المشهد في “بوابة الجنوب” تحوّل الى ما يشبه الثكنة العسكرية مع الانتشار المكثّف وغير المسبوق للقوى الأمنية ووحدات الجيش في المنطقة بعد تصاعد مسلسل استفزازات أحمد الاسير وأنصاره للمواطنين هناك.
سياسياً، برز الاتصال الذي جرى أمس بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري والذي تمّ خلاله التشديد على التمسك بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها. الصحف اللبنانية الصادرة اليوم تطرقت الى هذين الموضوعين بشكل أساسي.
صيدا والوضع المهدّد
صحيفة “السفير” كتبت في افتتاحيتها “تستفيق مدينة صيدا على يوم جديد، لا يشبه باقي أيام عاصمة الجنوب. صيدا أشبه ما تكون بثكنة عسكرية، ويوم جمعتها عطلة قسرية، للمتاجر والمؤسسات والمدارس والجامعات، ليس بقرار من الدولة، انما بفعل أمر واقع فرض عليها جدول أعمال يوميا متوترا، يبقيها على تماس ساخن مع كل جوارها، ومع كل آخر فيها ومن حولها، لكأنها صارت مدينة للتطرف والانغلاق وليست مدينة للانفتاح والاعتدال، كما كانت وستبقى، برغم محاولات أسرها الى غير مطرحها الطبيعي والطليعي، عاصمة للجنوب والمقاومة”.
وأضافت “الدولة اليوم أمام امتحان إثبات نفسها، وقدرتها على حماية السلم الاهلي في صيدا وفي كل لبنان. الدولة اليوم أمام امتحان مغادرة الاسلوب المتردد والخجول في مقاربة ظواهر لا تمت بصلة الى أصل وجود الدولة. الدولة اليوم أمام امتحان إشهار عصاها في وجه صناع الفتنة، وكل اللصوص والقتلة والخاطفين وتجار الفدية المسترزقين على دموع الامهات والاباء، ممن استمدوا ويستمدون نفوذهم من دولة العجز.
الدولة اليوم أمام امتحان إدراك خطورة الوضع في طرابلس التي باتت تحتاج الى عناية فائقة، سياسيا وأمنيا وتنمويا، وحسنا فعل الجيش اللبناني، أمس، بان ألقى القبض على أحد رماة القنابل الليلية بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن، الا ان هذا الانجاز لا يكتمل الا بجعل العين العسكرية “حمراء” إزاء كل من تسول له نفسه المس بأمن المدينة.
الدولة اليوم أمام امتحان ان تدرك انه لم يعد في الامكان اعتبار ما يجري عند الحدود اللبنانية ـ السـورية في الشمال، وتحديدا وادي خالد، وفي البقاع الشمالي، مجرد خروق أمنية عابرة، بل أصبح يخشى من تطور الأمور الى مواجهات عسكرية تؤدي الى جعل أهالي منطقتي عكار والبقاع الشمالي يدفعون ثمنا باهظا في سلامة أبنائهم وممتلكاتهم وأرزاقهم”.
من جهتها، أشارت صحيفة “الاخبار” الى أن “البلاد برمتها تنتظر اليوم مزاج الشيخ احمد الأسير. إما يهجم على شقق حزب الله في عبرا، وإما يلتزم اعتصاماً سلمياً مسوّراً بقوة للجيش تفصل بين الطرفين”، موضحة أنه “ليل أمس، أنقذ أحمد الأسير الكثيرين من الكوابيس التي كانت ستصيبهم وهم يتخيلون المشهد الذي سيصنعه اليوم بعد صلاة الجمعة. فقد وزع عبر الهواتف إلى مناصريه، رسالة قصيرة تدعوهم إلى المشاركة في “الاعتصام السلمي أمام شقق السلاح التابعة لحزب إيران في عبرا بعد صلاة الجمعة، انطلاقاً من مسجد بلال بن رباح”. إذاً، “الزلزال الذي لن يهدأ”، الذي هدد به الأسير في مؤتمره الصحافي يوم الثلاثاء، عبارة عن اعتصام سلمي، أو أن الشيخ الذي برع في المناورة يخبئ مفاجأة في صندوق المسجد الذي امتلأ بوصايا المناصرين “الطامحين للشهادة ذوداً عن أهل السنة وكرامتهم”!. فيما اشتعلت صفحته على الفايسبوك بالروايات الدينية عن غزوة بدر الكبرى وخالد بن الوليد و… واقعة كربلاء الحسين بهدف حض المناصرين على المشاركة في “معركة الكرامة”.
اليوم، تتابع الصحيفة، استفاق الصيداويون على انتشار عسكري وأمني في مختلف أرجاء المدينة يتحين تحرك الأسير منذ ساعات الفجر. مصدر أمني قال لـ”الأخبار” إن مجلس الدفاع الأعلى الذي اجتمع في قصر بعبدا الأربعاء ومجلس الأمن الفرعي في الجنوب الذي يجتمع اليوم في سرايا صيدا أعطيا الضوء الأخضر للجيش اللبناني والقوى الأمنية للتعاطي بحزم مع أي إخلال بالأمن وظهور مسلح يبرزان خلال تحرك الأسير المرتقب. ولتنفيذ المهمة، انتشر منذ نهار أمس عناصر وآليات فوج المغاوير في الجيش ستدعمها اليوم مجموعات من فوج التدخل السيار وقوى من الأمن الداخلي استدعيت من حاصبيا ومرجعيون وصور والنبطية لمؤازرة قوة صيدا. لكن اللافت في الخريطة الأمنية الميدانية توزيع الانتشار بين الجيش والقوى الأمنية إلى منطقتين. الأولى يتولاها الجيش وتضم عبرا ومن ضمنها محيط مسجد بلال بن رباح وشقتا حزب الله وصولاً إلى المداخل المؤدية إليها من دوار القنايا وحارة صيدا ثم المستديرات الرئيسية ومحيط مجمع الزهراء. أما الثانية فتتولاها القوى الأمنية وتضم القياعة وما خلفها باتجاه صيدا.
صحيفة “اللواء” أوردت خبرا مفاده أن “الاسير كتب وصيته وسلمها لمناصريه، واعلن انه نوى الاستشهاد واتخذ قراره بذلك، دفاعاً عن كرامة صيدا واهلها مصراً على سلمية تحركه”، وفق تعبيره.
الانتخابات في موعدها حتى إشعار آخر
بالانتقال الى الملفّ السياسي، قال الرئيس نبيه بري لصحيفة “النهار” إنه بعد سحبه مشروعه “باتّ الآن في موقع المتلقي ومن لديه مشروع أفضل فليطرحه وأهلاً وسهلاً”. ولم تخف أوساط بري أنه مستاء من قوى عدة في 14 آذار وفي صفوف حلفائه أيضاً في 8 آذار.
وتلقى بري أمس اتصالاً من الرئيس سعد الحريري الذي شدد خلال الاتصال على “التمسك باجراء الانتخابات النيابية في موعدها خلافاً لكل الحملات المنظمة التي تشكك في هذه المسألة”. وأفادت أوساط عين التينة ان بري رد على الحريري بقوله “انا يا شيخ سعد بدّي القانون أولاً والجميع يريدون الانتخابات في موعدها”.
وعقب هذا الاتصال اطلقت شائعة عن تعرّض الحريري للأذى خلال وجوده في منطقة على الحدود اللبنانية – السورية، فبادر بري الى الاتصال به للاطمئنان، وصرّح على الاثر بأن “هذه الشائعة ضمن الشائعات التي تناولت السيد حسن نصرالله والشيخ نعيم قاسم اولاً ثم الرئيس الحريري والهدف خلق بلبلة في البلد”.
كذلك لم يخف بري قلقه من الوضع الأمني، بحسب “السفير”، إلا أنه بدا مرتاحاً للقرارات التي اتخذها مجلس الدفاع الاعلى، مؤكداً في الوقت نفسه أن العبرة تبقى في التنفيذ.
وأشار إلى أن ذلك سيتضح بعد اجتماعات مجلس الأمن المركزي ومجالس الأمن الفرعية اليوم، “فإذا نفذت هذه القرارات نكون قطعنا شوطاً مهماً في لجم الفتنة المتنقلة، أما إذا لم يحصل ذلك فالأمر سيرتد على الدولة، التي تكون وكأنها تنتحر”.
من ناحيته، قال وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور لـ”النهار” أمس عقب لقائه رئيس الجمهورية ميشال سليمان بأن اللقاء يدخل في اطار التشاور بين رئيس الجمهورية والنائب وليد جنبلاط في المقترحات النيابية المتداولة “وكان هناك اتفاق على اجراء الانتخابات في موعدها وعلى ان يتم انشاء هيئة الاشراف على الانتخابات بمعزل عن أي قانون سيعتمد، علماً ان الانتخابات يجب الا تكون رهينة لاي قانون ما دام هناك قانون نافذ”.
وأضاف أن مجلس الوزراء في انتظار تقرير هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل في شأن هيئة الاشراف على الانتخابات ليبنى على الشيء مقتضاه.
ووفق “النهار”، ترددت معلومات مفادها أن الرئيس نجيب ميقاتي سيحضر أي جلسة نيابية لبت مشروع قانون الانتخاب حتى لو كان مشروع “اللقاء الارثوذكسي” بما يعطي الجلسة بعداً ميثاقياً وخصوصاً على المستوى السني بصرف النظر عن معارضة ميقاتي القوية لهذا المشروع. وردد مواكبون لهذه المعلومات ان حضور ميقاتي الجلسة قد يكون استجابة لمطلب حزب الله وبغية تأمين استمرار عمل مؤسستي مجلس النواب والحكومة.
لكن أوساط رئيس الوزراء أكدت في المقابل انه لن يسير في أي شكل في “المشروع الارثوذكسي” حتى لو اضطر الى عدم حضور الجلسة.
أما حزب “القوات اللبنانية” فأوحت اجواؤه بنفاد الصبر بفعل مرور بضعة أيام من المراوحة قبل انتهاء المهلة الفاصلة عن موعده دعوة الهيئات الناخبة من غير احراز تقدم على مسار التفاهم على قانون للانتخاب، سواء مع حلفاء ” القوات” في قوى 14 آذار، ام بين الافرقاء اللبنانيين.
التحرك النقابي مستمرّ
نقابيا، يدخل التحركّ النقابي يومه الحادي عشر، بعد أن واصلت هيئة التنسيق النقابية حركتها المتصاعدة من الاعتصامات والاضرابات، فيما فشلت اللجنة الوزارية المكلفة درس السلسلة في اجتماعها امس في التوصل الى أي قاسم مشترك من شأنه ان يضع حداً نهائياً لهذه الأزمة، على ما جاء في “النهار” التي ذكرت أن وزراء 8 آذار عارضوا طرحاً لوزير المال محمد الصفدي بتقسيط السلسلة على خمس سنوات.
وقالت مصادر هؤلاء الوزراء انهم ابدوا استياءً من الرئيس ميقاتي وباتوا يحملونه مسؤولية ما يجري في الشارع والذي يأكل من رصيد الحكومة، واعتبروا ان طرح وزير المال نسف كل ما كان متفقاً عليه سابقاً في شأن السلسلة.