“النصرة” تعزز قدراتها في سوريا: مؤسسة للتصنيع والتطوير الحربي!
في خطوة تشير إلى تنامي قدراتها وخبراتها من جهة، وتعكس تخوفها من عدم ديمومة الدعم الخارجي من جهة أخرى، أعلنت “جبهة النصرة” إنشاء ما أسمته “مؤسسة بأس للتصنيع والتطوير الحربي”.
ومن المتوقع أن تزيد خطوة “النصرة” من تدهور الوضع الأمني في سوريا، كما أنها قد تحوّل البلاد إلى حقل تجارب لها، سيكون المدنيون أكثر المتضررين منه.
وأعلن حساب “جبهة النصرة”، على “تويتر”، عن اسم “بأس”، مشيراً إلى أن عمل المؤسسة وتفاصيله سينشران قريباً، إلا أن مصدراً مقرباً من “جبهة النصرة” قال، لـ “السفير”، إن مؤسسة “بأس” تشكل “نقلة نوعية في مجال التطوير والإنتاج الحربي القائم على أسس علمية مؤسسية لم تشهدها الساحات من قبل”، مشيراً إلى أن هذا العمل “بعيد كل البعد عن ورش الصبغ والتلوين” التي تقوم بها بعض الورش التابعة لفصائل أخرى، مدّعية أنها تقوم بالصناعة والتطوير.
وتأتي مؤسسة “بأس” ضمن مشروع بدأت به “جبهة النصرة” منتصف العام الماضي تقريباً، وتضمن صناعة بعض أنواع الأسلحة والذخائر اعتماداً على آلات ومعدات استولت عليها من المصانع والمعامل في مناطق سيطرتها.
وفي أيلول الماضي كشفت “النصرة” عن وجود مؤسسة للصناعات الحربية باسم “مؤسسة التصنيع والتطوير الحربي”، حيث أشار مسؤول في الجبهة إلى أن “مؤسسة التصنيع والتطوير الحربي تعمل على قدم وساق لإنتاج ما يلزم من السلاح والذخائر لإمداد المعركة المستعرة، وحتى تستمر عجلة الجهاد على أرض الشام”.
وأضاف المسؤول، في حديث مع “مؤسسة المنارة”، الذراع الإعلامية لـ “النصرة”، أن “المؤسسة تنتج اليوم الكثير من مدافع الهاون بعياراتٍ مختلفة مع قذائفها، إلى الكواتم وقطع غيار لبعض الأسلحة، وقواعد بعض المدافع الرشاشة إلى مخازن كلاشينكوف والعبوات والصواعق وغيرها، هذا بالإضافة إلى الصواريخ وعلى رأسها صواريخ فيصل 1″.
تجدر الإشارة إلى أن أول استخدام لـ”صواريخ فيصل” كان في القصف على العديد من قرى ريف اللاذقية ضمن غزوة “العين بالعين” التي أطلقها زعيم “النصرة” أبو محمد الجولاني، وقال إنها رد على قصف الغوطة الشرقية بالأسلحة الكيميائية.
ومن المتوقع أن تكون “النصرة” قد استطاعت إدخال تعديلات جديدة على القذائف والصواريخ التي تقوم بصناعتها، سواء من حيث المدى أو من الفاعلية، لاسيما أنها طوّرت خلال الفترة الماضية “فيصل 1” ليصبح “فيصل 2” مع مدى جديد بلغ أكثر من 10 كيلومترات.
ولكن أيّاً تكن القدرات والخبرات التي استحصلت عليها “جبهة النصرة” في مجال التصنيع الحربي، فهي تبقى قدرات وخبرات محدودة لا تمكنها من إحداث قفزة نوعية في ترسانة الأسلحة التي تمتلكها. لكن فائدة هذه الصناعات، التي تحرص “النصرة” على القيام بها، تتمثل في أنها تقلل من حجم اعتمادها على الدعم الخارجي، خصوصاً ما يتعلق بالذخائر البسيطة، مثل طلقات البنادق والرشاشات وبعض القذائف الصاروخية.
ولا يستبعد أن يكون حرص “جبهة النصرة” على تطوير مقدراتها في الصناعة الحربية نابعاً من خشيتها أولاً من انقطاع الدعم الخارجي، لاسيما بعد قرار السعودية اعتبارها تنظيماً إرهابياً، وهو قرار من شأنه، في حال تنفيذه بجدية، أن يحرم “النصرة” من نسبة كبيرة من تدفق الدعم المالي والعسكري الذي كانت تحظى به خلال الفترة الماضية، وثانياً عدم ثقتها بالفصائل “الجهادية” التي تتحالف معها اليوم، مثل “أحرار الشام” و”جيش الإسلام”، خصوصاً في ظل توقعات بأنه سيكون لإعفاء الأمير بندر بن سلطان من منصبه كرئيس للاستخبارات السعودية تداعيات على خريطة التحالفات القائمة بين هذه الفصائل، وبالتالي تدرك “النصرة” أن الكثير من طرق الإمداد ومصادر التمويل والدعم قد تغلق أمامها في مقبل الأيام، لذلك تحاول استباق ذلك من خلال تأسيس بنية تحتية تتيح لها، على الأقل، صناعة الحد الأدنى من الذخائر والأسلحة التي تحتاج إليها.
عبد الله سليمان علي – صحيفة السفير اللبنانية